الواجهةثقافة وفنون ومؤلفات

الفنانات أكثر عرضة للطلاق من الفنانين !!!

من سيحمي الفنانات ؟

بقلم عبد الله صدقي

تجاوزًا لما يُعرفُ ب BUZZ … وما يُنشر على القنوات من تفاهات، لا تليق سواءً بالقيم الإنسانية أو الدينية، بل لا تراعي حتى احترام الحياة، نلاحظ تسرُّع وثيرة الطلاق بين صفوف الفنانين العرب مغاربة مصريين وغيرهم، إذ أن أغلبهم تعرض، وما يزال يتعرض لهذه الآفة العظمى، (أبغض الحلال عند الله) . ولا غرابة أن يطالعنا بعض الفنانين المطلقين في القنوات، محاولا عبثا تقديم تبريرات واهية سخيفة وهمية عن طلاقه لزوجته، أو طلاقها من زوجها، لا تتسم إلا بالكذب على الذات، والمغالطات الساقطة، مُكررا أو مكررة جُملا مسكوكة محنطة، سمعاها من الفنانين الذين سبقوهما، إما من الفنانين الغربيين، أو المصريين أو غيرهم، الذين يعتبرانِهما قُدوة، ليس لشيء إلا لأنهم نجحوا في امتلاك الأموال عبر الفن …

ثم يدافع كل من هذين الزوجيْن المطلقيْن على أنهما حداثييْن، عصرييْن، فَهِما الحياة بشكل لا يفهمه غير الفنان من غير أن يفهما ما معنى الحداثة حين يخلطانها بالعصرية أو الانحلال… ويصران على أن هذا الطلاق طبيعي، لا يؤثر لا على الأطفال ولا على الفنان… والله وحده هو من يعلم كيف تواصل الفنانة المرأة المطلقة المسكينة حياتها مع أطفالها، من غير زوج إلى جانبها، يساعدها على أعباء الحياة والتربية، ويقوم بواجباته القانونية والشرعية، بعدما فرَّ من مسؤولياته وتركها وحيدة تقاسي …

هكذا نُعاين أنَّ المرأة الفنانة خصوصا، هي أول من يُشرَّدُ بالمعنى الأسري، صُحبة أبنائها، لأن الرجل الفنان له فُرصٌ كثيرة جدا للزواج بفتاة أخرى، أو من يختار من الفتيات، أما المرأة الفناة فتكون الضحية، لأن فُرصَ إعادة زواجها نادرةٌ جدا، حيث لا ترضى أيُّ امرأة أمٍّ أن يتزوج ابنها بامرأة تطلقت مرة أو مرات، ولا يبقى للمرأة الفنانة لديها سوى المُكابرة، والاختباء خلف عباراتٍ، لا تَتَّسِمُ بالعقل، بل لا تُسمن ولا تغني من جوع، وقد سمعنا بعضهن يُجِبْنَ حين يُسألنَ عن طلاقهن بمثل هذه العبارات:

ـ هذه حياتي الشخصية تخصني وحدي، لا يحق لأحد التدخل فيها .
ـ اتفقنا أنا وزوجي أن نتطلق، كلٌّ منا يأخذ طريقه الخاص، ونحن ما زلنا أصدقاء نحترم بعضنا، بل ونمرح
ـ وجدنا أنفسنا لسنا لبعضنا، فاتفقنا وتطلقنا، لكن ما زلنا زملاء في الفن .
ـ عشنا بخير وتطلقنا بخير، ليس هناك مشكل، والأطفال يأتي أبوهما مرة مرة يزورهم ويمرح معهم .

ـ أنا سعيدة مع ابني أو بنتي أو وحدي

وغيرها من الأعذار التافهة الواهية، حتى صار الطلاق بين صفوف الفنانين سُنَّة مؤكَّدة، وظاهرة اجتماعية بالمفهوم السوسيولوجي، تحاول كل نساء الفن أن يتقبلنهويتطبعن معه، في الوقت الذي وجد الرجلُ مَرْتعا خِصبا لتغيير النساء، وتوسيع غرائزه تمديدا، يتزوج ثم يبحث عن أسباب مُختلَقة للطلاق… هكذا من دون مُحاسب أو رقيب… لقد بات الفنان الرجل بالفعل (شهريار) زمانه، وجد في الأوساط الفنية غطاء يحتمي به، ويدبر طريقة الطلاق بأفظع الطرق، تكون على سبيل المثال (علاقة مع امرأة أخرى، العنف مع زوجته …)، لتستجيب زوجته الفنانة للطلاق من تلقاء ذاتها دفاعا عن كرامتها، بعدما سقطت في فخ شهريار زوجها الماكر، الذي يقتل كل امرأة تزوجها ليتزوج أخرى، لأن المرأة لا تستحق الحياة لديه، أو أن صلاحيتَها تنتهي بعد بضع سنوات، ولا يعود بإمكان هذه المرأة تلبية غرائز الرجل …وذلك بعد أن هدم كل أحلام زوجته، وصار العرس تمثيلا في تمثيل، أو زواجا مؤقتا يُبنى على نزواتِ شهريار!!!

كذلك أضحى لدى أهل الفن قاموسٌ، يجمع عباراتِ المواساة وتقبُّلِ الطلاق، والسماح للرجل بأن ينشر غريزته بين النساء، محميا بأوهام تلوكُها الفناناتُ المطلقات كُرها… عبثا تحاول الفنانة المطلقة أن تظهر بمظهر المرأة الغربية الحداثية بكبريائها، غافلة عن أنه لا مقارنة بوجود الفارق (غياب الشروط التاريخية والاجتماعية والدينية التي أفرزت النساء الغربيات، وهو أمر مخجل للغاية)!!!

فمن يحمي الفنانات العربيات من الطلاق ؟ ومن يحمي أطفالهن ؟

قد نرى أن يضع القانون مدونة خاصة بالعلاقة بين الفنان والفنانة، لأن الفنانة عند الطلاق، هي أول ضحية بعد الأطفال ثانيا، ما دامت حياتها تغيرت، ثم أنها هي من سيرعى الأطفال، لأنها لا تستطيع التفريط في أبنائها، أما الفنان الرجل الفحل، فيحظى بفرص ذهبية للزواج… وقد يلعب دور الضحية ويتقن الدور، لأنه بالطبع فنان لديه مهارات التمثيل، وهو ما يملك في جعبته… تسايره الفنانة المرأة هذه الأوهام، بعد أن سرق زمانها وشبابها وحياتها، وفر هاربا يبحث عن فتاة شابة، لم تتزوج بعد، وهكذا .

هذه نصيحتي إلى الفنانات، أن يستيقظن من سُباتهن، ويخرجن من دائرة الوهم، فكم من فنانة أصبحت تعيش بعد الطلاق مأساة نفسية واجتماعية، ليس على مستوى المادي فقط، وإنما على مستوى الجانب النفسي والاجتماعي، هذيْن المستوييْن اللذيْن تفرضهما سنة الحياة، دفء الأسرة، دفء متعتها بزوجها، دفء أبوة الأطفال، ترعرع الأطفال بين أبوين يخلصان في حبهما، ولا ينسيان الفضل بينهما، بعد أن أعطيا ميثاقا غليظا لبعضهما…

أعتقد أن مجال الفن يجب أن يُدْرِج تكوينا أوَّليا، قبل سنوات التخرج من المعهد، خاصا في مجال القيم والزواج والأسرة، ويستمر في (التكوين المستمر) للفنانين، ليس على مستوى تطوير تقنيات ما يمارسه من فن فقط، وإنما كذلك على مستوى الجانب الحقوقي والنفسي والاجتماعي خاصة، إذ لدينا والحمد لله خبراء متخصصين في علم النفس وعلماء الاجتماع والكوتش وغيرهم من خبراء من مختلف المجالات ترتبط بالفن، هذا لأنني أدرك جيدا أن العديد من الفنانين في مجال الفن المسرحي أو السينمائي أو التلفزي لا يكتسبون ثقافة كبيرة، ولا جهازا مفاهيميا مضبوطا، بل ليس من حظهم سوى ما يحفظون من أدوار اجتماعية أو سياسية محدودة، رهينة رؤية السيناريست الأحادية، ويحملون أفكارا هامشية، مثل شظايا لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا أريد أن أقول (إنهم أميون). ليست لديهم استقلالية ما داموا أسيري ما يكتبُ لهم ويحفظ عن ظهر قلب…

هذا كله حتى نحمي الفنانة والفنان وأطفالهما وأسرتهما، ولا يتم تفريخ الأطفال لدى الفنانين بالزواج المؤقت في سلسلة، لا يحصرها سوى موت الفنان الرجل… وكفى من المغالطات، والكذب على الذات… أيضا حتى لا نستمتع مما تقوم به الفنانة من دور لإسعادنا، من غير أن نفكر في حقوقها وحمايتها، ووضعها، وقوانينها التي يجب أن تحميها من تجاوزات الفنان الزوج (شهريار) الفحل …فهي أيضا إنسانة مثلنا، تحتاج إلى كرامة، وإلى زوج يحترمها ويقدرها طوال الحياة، ولا ينسحب ويتركها وحيدة على الطريق تواجه الحياة وعقباتها…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى