أخبار وطنيةالواجهة

سبتة ومليلية بين سعد الدين والنقابي شكيب مروان

بقلم أبو أيوب

    في تصريح له أكد النقابي شكيب مروان عن الإتحاد المغربي للشغل ، ( أن العمال المغاربة المرخص لهم العمل بالثغرين سبتة و مليلية يعانون الأمرين بسبب إغلاق إسبانيا حدود المدينتين مع المغرب ، و هو ما انعكس سلبا على حياتهم الطبيعية و معيشهم اليومي ) كثر منهم يعيلون أسرا متعددة الأفراد … مأساتهم تنضاف لمآسي أكثر من 200 ألف أسرة شمالية مصدرها الوحيد التهريب المعاشي ، أسر تضررت كثيرا من إغلاق الحدود البرية مع المدينتين في ظل إنعدام بديل .

    تصريح النقابي عن الإتحاد المغربي للشغل ، بحسب مفهومي القصد منه رمي الكرة في الملعب الإسباني ، بدل تحميل المسؤولية للحكومات المتعاقبة و فشلها في إيجاد بديل لساكنة الشمال ( التهريب المعيشي ليس وليد اليوم ، بالتالي أين كانت مجمل الحكومات المتعاقبة على الحكم ؟ ) . للإشارة ساكنة الشمال المغربي تقارب مليوني نسمة ، أكثريتهم مصدرهم الوحيد الحركة التجارية مع المدينتين في غياب بدائل على ضوء إغلاق الحدود و الركود الإقتصادي بتأثير من إنتشار كورونا .

    سعد الدين الذي قيل بأنه قضى ليلة بيضاء و أصيب بأزمة نفسية على إثر توقيعه على اتفاقية إعادة العلاقات بين المغرب و إسرائيل …، و ما تبعها من تبرير و تحليل و إنتشاء و فرحة بعودة العلاقات ، و ما سوف تثمره من مشاريع و فرص شغل و آفاق واعدة …، تصريحه الأخير بخصوص المدينتين جر عليه وابلا من الرفض و الإنتقادات :

* أوله تصريح وزيرة الدفاع الإسبانية بأن المدينتين إسبانيتان و أن المطالب المغربية بشأنها مرفوضة و نحن لسنا على استعداد لا اليوم و لا الغد للتفاوض حول مستقبلهما …، و كأني بها تقول بأن سبتة و مليلية في إسبانيتها و إسبانيا في مليليتها و سبتتها إلى أن يرث الله الأرض و من عليها .

* ثانيه إستدعاء وزارة الخارجية الإسبانية للسفيرة المغربية بمدريد السيدة كريمة بنيعيش ، لمقر الوزارة قصد تقديم توضيحات على خلفية تصريح السيد سعد الدين بشأن المدينتين ، رغم ما قيل و سوق في مواقع عدة بأنها أكدت محتوى التصريح ، و هذا ما يعطي الإنطباع ببروز أزمة بين الجارين و تشدد في المواقف ، في حين أنها صرحت بحسب معلومات بأن تصريح السيد سعد الدين مجانب للصواب ، لكن المؤكد أنها غادرت التراب الإسباني بعيد أيام من إستدعائها من لدن وزارة الخارجية ، مغادرة سوغت بمبرر الإحتفال برأس السنة الميلادية مع الأهل و الأحباب . الإحتفالات إنتهت و السفيرة لم تعد بعد إلى مقر عملها …! أسئلة تطرح حول الأزمة المتفاقمة بوتيرة متصاعدة بين المغرب و أسبانيا ؟ .

    أسئلة كثيرة تطرح عن مصير المدينتين و الجزر التابعة لها و مياهها الإقليمية ، و بالرغم من موقعها الجغرافي ضمن خريطة المغرب الشمالية ، أود طرح السؤال كمواطن مغربي و أكتفي بهذا ، لماذا هذا الصلف و التعنث الإسباني في نظرك أختي/ أخي زوار ليل موقع الجديدة نيوز ؟ و للإجابة عليه ، لا بد من لمحة تاريخية و لو بإختصار كمقدمة لمحاولة فهم بعض أسرار الأشكالية ، و بالرجوع إلى التاريخ نكتشف حقائق و أسرار و ما خفي أعظم ..

* سنة 1415 أرخت لسيطرة البرتغال على شمال المغرب ، حيث دامت سيطرتها حتى حدود 1580، تاريخ صادف معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة ( سلطان المغرب آنذاك / ملك إسبانيا/ملك البرتغال ) ، و هي نفس السنة التي أعلن فيها عن ضم مملكة البرتغال إلى التاج الاسباني .

* بعض المؤرخين و كتب التاريخ المستندة على وثائق تقول ، بأن سيطرة المملكة البرتغالية آنذاك كان نتاج تراكم ديون و صفقات أسلحة و مبادلات تجارية ….، مقابل عدم الإيفاء بالمترتب من ديون ، تمت مقايضة بعض من شمال السلطنة بأزمة الديون المترتبة ، فيما يذهب البعض الآخر إلى أنها قدمت مقابل دراجة هوائية ، و بتقديري أن أمر الدراجة الهوائية هو أمر غير مستساغ منطقيا و بحكم التاريخ و الجغرافيا ، إذ كيف يعقل متاجرة سلطنة بمصير وطن مقابل دراجة ، فيما يبقى المنطقي و المستساغ أن التسليم أو الإنسحاب أو التخلي أو رهن مقابل بيع ….، هو الثابت أي مقايضة جغرافيا مقابل تنازل عن ديون مترتبة وفق بنود إتفاقيات وثقت و وقع عليها و إلتزم بها الطرفان .

    دليل هذا ان تلك الحقبة من سلطنة السعديين بعد إنقلاب المعتصم بالله على إبن أخيه السلطان المتوكل بالله ، حيث استعان الأول بالأتراك لطرد المتوكل ، هذا الأخير أستنجد بالملك سيباستيان البرتغالي الذي أبحر بأسطول حربي من لشبونة نحو أصيلا ، بعدها إتجه نحو القصر الكبير لينضم له المتوكل ، فكانت معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة ، بعدها استتب الأمر للسلطان أحمد المنصور الذهبي . و هذا دليل كاف على أن تلك الفترة عرفت قلاقل و اضطرابات و …،أي بما معناه فوضى و سيبة و عدم استقرار .

    آنذاك ، و للتعويض عن خسارتها في مقتل الملك فيردناند و سيباستيان البرتغالي ، ضمت المملكة الإسبانية مملكة البرتغال ، بالتالي أصبحت الوريثة الشرعية لممتلكات المملكة البرتغالية في شمال المغرب ، و منذ ذلك الحين و إلى يومنا هذا و إسبانيا متحكمة بشمال المغرب ، مقابل ماذا وقتداك ؟ مقابل استتباب أمن و استقرار دولة السعديين ، فأين هي اليوم ؟. و لنفترض جدلا من باب التمازح و التوضيح ، لو إستنجد السعديون بجبهتهم الداخلية بعدما وفروا لها كل مستلزمات الحياة الكريمة ، أما كان من المتوقع ان يكون المصير غير هذا ؟ .

    و لنكن واقعيين و ( اولاد اليوم ) ، في ظل إغلاق حدود و تنمر و تطاول و إستخفاف … ؟ ، هل مجرد التصريح الرسمي بإعتبار المدينتين أو الثغرين محتلين…. و قد يأتي اليوم الذي ….بعد حسم موضوع الصراع حول الصحراء ….، يعتبر موقف ضعف أو قوة ؟ ربما أهلوس أو أحلم …! . لقد قيل لي بأن المغرب هو الأقوى ، و قيل لي بأنه حقق انتصارات …، و بأنه أجمل بلد في العالم و علي أن افتخر ، الأمر سيان و لا يهم البتة ، لكن شتان بين القول و الواقع …! واقع مأساوي أجمع عليه الكل و في مختلف المجالات ( صحة. تعليم . سكن . شغل . عطالة.تدهور المستوى المعيشي. نسبة الفقر، الأمية …المنظومة الاجتماعية و العامة في شموليتها ، و هذا بشهادة أعلى سلطة في البلاد أرخ لها تصريح رسمي ، بفشل مخطط التنمية البشرية الذي أعتمد منذ بداية الألفية ، كما أرخت لها الرؤية الرسمية الحالية عبر مخطط التنمية الجديد و المقترح .

    كما حفزتني ذات زمان و أستبشرتني خيرا مقولة الحليم بكنهها و العليم بأسرارها المتفطن لخفاياها ، المرحوم العاهل المغربي طيب الله ثراه ، عندما خاطب الإسبان في خطاب ملكي أذيع على شاشات التلفزيون الرسمي بداية تسعينيات القرن الماضي ، حيث قال أحسن الله وفادته بالنظر في خلية تفكير تجمع بين المغرب و إسبانيا بخصوص مصير المدينتين . وقتداك أدركت أنها لعبة سياسية للتلهي من زاويتين حتى اكون أكثر وضوحا :

* إسبانيا لا تقبل بالمطلق الحديث عما ورثته بموجب إتفاقية / النظام الملكي الحالي بالمغرب لا يحق له المطالبة بشيء لا يمتلكه ، وقتداك كان السعديون بالمفهوم الإسباني هم الحاكمون ، أي بما معناه إحترام الحدود الموروثة عن الإستعمار بالمعنى القديم الحديث الذي لا زال معمولا به حتى يومنا هذا .

* و المغرب رغم علمه بإستحالة تنازل إسبانيا عما ورثته منذ أجيال و أجيال و مهما تطلب الأمر ، سيظل متمسكا مطالبا بإستعادة تلك الأراضي الى كنف الدولة و سيادتها ، كما لا زال لحدود الساعة في شنآن مع الجارة الشرقية بشأن الحدود ( أقله شعبيا و من خلال مزايدات حزبية ) ، بالتالي يصبح الصراع على جبهتين و من منطلق ضعف ، لذا قلت بلعبة التلهي … آنذاك إقترحت إسبانيا على المغرب تنظيم إستفتاء بالمدينتين ، كجواب على المقترح الملكي بإحداث خلية التفكير التي تقدم بها العاهل المغربي الراحل طيب الله ثراه ، فكان الجواب الرفض الملكي مقابل الرفض الإسباني ، و بقي الأثنان كل واحد منهما متمسك بموقفه المعلن .

    يذكرني الصراع هذا بصراع من نوع آخر بين أشقاء تجمعهم اللغة و الدين و العادات و اللسان ، و أعني بها الحدود المغربية الجزائرية التي لا زالت مغلقة الى يومنا هذا منذ سنة 1994 ، رغم الأيادي الرسمية الممدودة ( يد الملك فيما قبل / يد سعد الدين الآن) ، القاسم المشترك بين الصراعين بالمنطقة ، أساسه و مرتكزه و مسوغه إحترام الحدود الموروثة عن الحقبة الإستعمارية . عزيزاتي أعزائي متابعي الموقع ، كان هذا مجرد رأي قابل للنقاش ، قد نتفق و قد نختلف ، لكن في كل الحالات يبقى همنا المشترك و بالله المستعان

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى