مجرد رأي

معجزة القرن

بقلم أبو إيوب
بعرض ما بين 5 كلم الى 14 كلم و طول بالكاد يتعدى 45 كلم هناك رقعة جغرافية يعيش فيها ازيد من مليوني آدمي محاصرين عربيا و اسرائيليا ….قطاع غزة العزة الذي صنع مجد العرب و المسلمين سنة و شيعة ، بحيث لم يعد للتفرقة من مكان في الوجدان الجماعي لأمة إقرأ أمة المليار و نيف . تأريخ التاريخ اليوم لمعجزة القرن و سابقة في تاريخ الحروب حيث أن أقوى دولة عسكرية في العالم امريكا ، تتورط في مواجهة عسكرية مباشرة مع المقاومة الغزاوية ، هذا ما أكدته ميليتاري ووتش الأمريكية باعلانها عن مشاركة القوات الخاصة الامريكية في الهجوم البري على غزة
مقاومة نعثتها اسرائيل بالفئران المختبئين في جحورهم تارة ، و بالمجموعات الداعشية الإرهابية العابرة للحدود تارة أخرى …بالتالي وجب وضعهم امام خيارين اثنين لا ثالث لهما ، الاستسلام او السحق ، كما جائت على لسان المستشار السياسي لنثنياهو ، فماذا كانت النتيجة عدا المزيد من الأسرى و القتلى و الجرحى ضمن صفوف قوات النخبة و من مختلف الرتب ؟
صحيح أن أفراد المقاومة يختبئون لكن ليس في الجحور كما نعثتهم اسرائيل ، بل يتحركون بسلاسة في الانفاق المتشعبة المحفورة تحت الارض بعشرات الامتار ، و الأكثر من هذا انهم غيروا تكتيكاتهم العسكرية و اتخذوا وضعا هجوميا مرفوقا بالمبادرة …يخرجون من الانفاق يهاجمون و يدمرون الآليات ( لحدود الساعة حوالي 30 دبابة ميركافا و اكثر من 20 قتيل و مئات الجرحى….) ، يحاصون الفرق العسكرية و يفشلون خطط الهجوم …فأصبحت غزة جحيما و مقبرة للغزاة أربكت كل حسابات أمريكا و خطط قادتها العسكرين
اما جيش تساحال فحدث بلا حرج ، انهارت معنويات الجيش الذي لا يقهر و عمت الفوضى بين صفوفه ، فيما انتشر رفض الالتحاق بالقواعد و عدم احترام الضوابط العسكرية ، و تفاقم الوضع اكثر عند مشاهدة أسر بعض القادة العسكريون و هم في لباس النوم ، في الوقت الذي يتجول جندي الاحتياط نثن ياهو الابن في شواطئ فلوريدا ! فيديوهاتهم رغم التعتيم لا زالت قنوات الاعلام الدولي تتداولها و تنقل أحداثها على مدار الساعة
حرج و ارتباك أكدته قيادات عسكرية اسرائيلية بقولهم انهم يحاربون اشباحا بغزة ، عار و فضيحة هدت معنوياتهم فصاروا يخبطون خبط عشواء ، استهدفوا المدنيين اطفالا و عجزة في اكبر جريمة ضد الانسانية ، ارتكبوا جرائم حرب لا تقل فضاعة عما ارتكبه الصرب في البوسنة و الهرتزغ ، قادة الصرب سيقوا للمحاكمة الدولية و سجنوا و قادة اسرائيل لا زالوا احرارا طلقاء و لعقيدتهم الهمجية اوفياء !
اليوم معجزة غزة فضحت نفاق أمريكا و عرت جرائم اسرائيل أمام شعوب و دول العالم ، فأصبح الهزبر الجريح ( اسرائيل) و الحمار الهرم ( شعار حزب بايدن ) يهاجمان في كل الاتجاهات بلا رؤية واضحة ولا افق منظور ( التهجم على غوتيريش امين عام الامم المتحدة/ التهجم على تركيا و استدعاء السفير/ الهجوم الدونكيشوتي على ايران بمسوغ تمويلها للمقاومة بنسبة 90%/ روسيا و الصين/ العراق/ حزب الله اللبناني…. ) ، و الهجوم على جبهات متعددة يعني ببساطة ، فشل و يأس و احباط و انهيار معنويات و هي كلها عناوين للهزيمة ، و قد شاهنا بأم العين اليد اليمنى لنثن ياهو ترتعش في اجتماعه الأخير مع اعضاء حكومته المصغرة ، فضلا عن الغيبوبة التي تنتاب بايدن بين الفينة و الاخرى ، و هذا ما قد يدل على اصابة الاثنين بمرض الباركينسون ! حقيقة المرض اصبحت محط تداول في الاعلام العبري و الأمريكي
بالتالي كان لزاما على المقاومة في ظل الحصار المطبق عليها و تداعيات الخريف العربي لا سيما بسوريا ، حيث كان لها تواجدا كبيرا و تعاطفا و تضامنا عظيما في الساحة السورية ، لكن الحرب الدولية على سوريا ارغمتها على الارتماء في الحضن الخليجي لا سيما القطري ( حركة حماس) ، ارتماء جردها من بعض اوراقها الضاغطة و جعلها في موقف ضعف ، لكن سرعان ما استعادت رمزيتها و مكانتها بين مكونات المقاومة بالشرق الاوسط ( ايران.سوريا.العراق.حزب الله…)، لا سيما بعدما تيقنت من استحالة اركاع و تقسيم سوريا ، و أن الدور الايراني في محور المقاومة سيتضاعف في المستقبل المنظور من جهة ، و انها أصبحت عقبة امام المشروع الامريكي الغربي بالمنطقة ، ثباتها في وجه امريكا بخاصة فيما تعلق بقدراتها الصاروخية و الملف النووي ، شكل منها قوة اقليمية بامتياز و تهديدا وجوديا لكل من اسرائيل و امريكا بالشرق الاوسط و الخليج .
عودة حركة حماس السنية لمحور ايران الشيعية ساهمت بقسط كبير في إجهاض مخطط الطائفية بالعراق و سوريا و لبنان ، و رغم ان الوقت لا زال مبكرا للحسم في موضوع الطائفية ، الا انها أتت أكلها من خلال خلق وضع جديد على الارض ( وحدة الساحات بالأخص غزة و جنوب لبنان ) ، و قد تعزز الوضع أكثر بعد تمكن المحور من كسر قوة الردع الاسرائيلية في حرب 2006 مع حزب الله اللبناني ، أما داخل القطاع و بالضفة الغربية شكلت عودتها للمحور قيمة مضافة للمقاومة الفلسطينية في شموليتها ، حيث تعزز التنسيق العسكري ….بين حركتي حماس و الجهاد الاسلامي الأكثر ارتباطا بايران ، و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبر دراعها المسلح كتائب الشهيد ابو علي….، و هو الإئتلاف الذي يقود المقاومة الغزاوية اليوم بالقطاع و مخيم جنين بالضفة .
أمريكا و اسرائيل معها في حيص بيص من أمرهما ، ارتباك و ارباك ( اجلاء الجنود من سوريا و العراق نحو الدانمارك عبر تركيا/ نشر حاملة الطائرات جيرالد فورد بالسواحل الاسرائيلية ثم سحبها نحو المياه الدولية بالمتوسط) ، عجز و تعجيز ( للاسبوع الثالث على التوالي لا زالت المقاومة صامدة متوعدة وفية لوعيدها/ اسرائيل عاجزة عن تحقيق اي انتصار او اختراق مهما كان حجمه) ، ذل و هوان ( كبار القادة يؤسرون و هم في لباس النوم )، و الحصيلة شكلت عنوانا للزمن الامريكي في الوقت بدل الضائع ، فلا هي حمت اسرائيل و لا هي توفقت في احتلال 236 كلم مربع مساحة غزة ، و لا هي حافظت على هيبتها أمام دول العالم كما كانت تفعل
أمريكا أمست أضحوكة و حديث الساعة امام العجز في الحرب على غزة العزة ، و فشل منظومات الباتريوت و القبة الحديدية و مقلاع داوود في اعتراض صواريخ الحوثيين و حزب الله و المقاومة الغزاوية ، فماذا بوسعها فعله حال نشوب حرب اقليمية جهوية بالشرق الاوسط و الخليج في مواجهة ايران؟ بل هي عجزت حتى عن الرد على الهجوم الصاروخي الايراني الذي استهذف اول امس الجمعة احدى قواعدها العسكرية شمال سوريا ؟ ثم ماذا سيكون عليه وضعها في حال توسعت الحرب و تطورت الى حرب عالمية بمشاركة روسية صينية ( 4 سفن حربية صينية متواجدة بالمتوسط/ قاعدة احميميم الروسية بسوريا و القاعدة البحرية بطرطوس) ؟ علما بان هناك ايضا تواجدا لقطع بحرية بريطانية و فرنسية و ألمانية و الأسطول الأمريكي على رأسها و لا زالت التعزيزات متواصلة ، فهل يتعلق الأمر بقص اجنحة و تقليم اظافر امريكا و من معها من الدول الاوروبية بعدما استدرجوا لمستنقع الشرق الاوسط ؟
اليوم أصبح بمقدوري أن أجزم بانتصار المقاومة على اسرائيل و أمريكا رغم فضاعة الكارثة الانسانية ….و أن أجزم بأن التكتيك العسكري المقاوم سوف يدرس غدا في كبريات المعاهد و الكليات العسكرية شرقا و غربا ….و أجزم بأن لا هدنة و لا مهادنة الا وفق شروط المقاومة ….و أجزم بأن في حوزة المقاومة أوراق لم تستعمل بعد و مفاجئات نوعية …كما أجزم كذلك ببداية نهاية امبراطورية مورغان و الغطرسة الاسرائيلية ….واهم من لا زال يؤمن بالزمن الامريكي ، متوهم من يعتقد بكسر شوكة محور المقاومة ، حالم من يقول بالعودة القوية لامريكا في صنع القرار الدولي ، انعزاليتها و تقوقعها مسألة وقت لن يطول كثيرا و بدايته هلت من غزة العزة …..قصف من الجو و البحر و البر و رغم هول المإساة و فضاعة المعاناة ما بدلوا تبديلا ..فقط ضجيجا و قرع طبول ….غزة انتصرت و لو لم يعلن بعد عن ايقاف الحرب …غزة اعادت القضية الفلسطينية الى الساحة الدولية بزخم لم تشهده من قبل ….غزة نجحت فيما فشلت فيه الجيوش العربية….ألم اقل بمعجزة القرن ؟ بلى و لكن ليطمئن قلبي ….و لا خوف بعد اليوم على فلسطين و الايام بيننا .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى