أرض الملحمة!

د. أسامة الأشقر يكتب :
1. كل الحروب إذا اشتعلتْ فلابد أن تنطفئ، ولكن المعارك التي أشعلتْ هذه الحروب لن تتوقف حتى تنتهي أسبابها.
2. أيام الله لا يمكنك أن تراها بعين كليلةٍ قصيرة المدى، فهي فضاء محيطٌ يغيّر ما حولك ليغيّر ما أصابك من لزوم السوء، وأحاط بك من لؤم الحصار، وسيفتح لك رصيداً أعلى ومساراً أوعَى وأقوى وأخطر وأغنى وأنفَذ.
3. وارتقِبوا! فإن الحرب لم تتوقف، وإنما ينتقل ميدانُها إلى أرض أخرى قريبة، ثم إلى ما يليها حتى يكتمل مشروع الأوغاد، ولن تهدأ ملاحم هذه الأرض المباركة حتى تتقدّس وتتطهّر.
4. هذا العدوّ فاجرٌ ختّار، وما زال في غرور علوّه واستكباره، وهو ملوّث بأحقاد الدنيا، وعلى شعوب المنطقة أن تَلْبس لَأْمتها، وأن تشحذ سيوفها المغمدة، وأن تساعد حكامها على تجاوز حالة الجزع والخور والمداهنة والعجز الذي يتملّكُها، فإن حرب التوسّع العدوانيّة على الأبواب، وإلا تسببت هذه الحكومات الغافلة المنطفئة الهمّة في خراب الديار وهلاك الناس، ولاتَ ساعةَ مندم.
5. إذا لم ينسحب العدو من الأرض التي سيطر عليها فإن السيوف ما زالت مُشرعة، والعيون يقظة، وخيل الله ستصهل كل يوم بينهم، وسيخرج العدوّ رغم أنفه مدحوراً مذؤوماً كما خرج من قبلُ.
6. سُنّة الله في هذه الأرض ألا يعيش عليها إلا الأقوياء، فلذلك جعل الله بركتها في رسوخ الثابتين عليها، الراعين لها بأشطان أفراسهم كما رأيتم في أهل الثغر.
7. الإنسان الراسخ القويّ هو الاستثمار الأكمل للإنسانيّة، وهذا الإنسانُ مجتمَعٌ لا يخذلك، ولا ينقلب عليك، ولا يفرّ عنك، رغم عظم التكلفة وفداحة الثمن وعظيم البلاء، ولذلك هو يستحق غاية التكريم، وغاية الراحة.
8. أرادونا أن نستسلم جميعاً، وأن نسلّم أقواسَنا، ونكسر سهامنا، وأن ننزح كلّنا، وأن نترك أرضنا وراءنا، وأجلَبوا خيلَهم ورجلَهم وحملاتهم علينا، وأغلقوا علينا كلّ باب للرحمة، لكن شعبنا لم يعطِهم شيئاً مما طمع فيه وطمَح إليه، وترى اليوم عدوّنا الذي أخذ كل فرصته، وقد ناله من سوء الوجه في العالم ما ناله، وما يزال.
9. هذه الأرض خاضت كل هذه الحرب غريبةً وحيدةً في الميدان، وبدأت ملحمتها بيوم عظيم لن ينساه التاريخ، ولم يكن معها ظهرٌ ولا ظهيرٌ، ولا سند ولا مدد، ولا جيش، ولا عمق ولا امتداد، وهذا يعني أن المدد لو كان ممدوداً، والعمق لو كان مفتوحاً لكُنّا الآنَ نطارد الأوغاد إلى ما وراء جُدُرهم في قراهم المحصّنة.
10. لا يحتجَّ علينا أحدٌ بعد الآن بحجّة الوعي، فقد ضخّت لنا هذه الأيام وعياً لا مثيل له، وفرضت علينا الإعداد بما نستطيع على الفور لا التراخي، وكل الوقت الآن للتجهيز والانخراط.




