أخبار وطنيةالصحراء المغربيةالواجهة

إذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت …

بقلم أبو أيوب

    طلاق بالثلات و أحلام موؤودة نستخلصها عبر مقال اليوم ، في مجملها حكاية ستة أحلام وئدت في المهد ، أحلام لطالما منينا بها النفس نحن المغاربيون ، و وأدها يستمد أسبابه من معظلة الصحراء الغربية المغربية ، و لا زال الوأد يرخي بظلاله على مجمل سياسات المغرب الخارجية ، و أخص بالذكر جانبها الإقتصادي و ما يتعلق بجلب الإستثمارات و الرساميل الأجنبية ، ما يتسبب في تعثر الإنطلاقة الإقتصادية للمملكة المغربية بالرغم من الجهود المبذولة من لدن الدولة .

* مؤتمر طنجة و ما تبعه من مشروع الإتحاد المغاربي ( قمة مراكش ) ، و هو الذي حلم به الرعيل الأول و كافح من أجل تجسيده على أرض الواقع ، تجسيد بقي حبرا على ورق بعدما اصطدم بتعثر تصفية الأجواء بين أكبر قوتين بشمال غرب إفريقيا ، المغرب و الجزائر و ما يعتري علاقات البلدين من شوائب ساهمت بقدر كبير في إقبار المشروع الوحدوي ، و أثرت بقسط وفير في وأد حلم الرواد و زعامات الحركات الوطنية بالمنطقة ….

* رغبة العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني و تقديمه طلب الإنضمام إلى المجموعة الإقتصادية الأوروبية ، بعدما أحس بانعدام أية فرصة لإنجاح المشروع المغاربي ، رغبة عبر عنها العاهل الراحل بداية تسعينيات القرن الماضي بقيت لحدود الساعة حبرا على ورق ، و كانت في حد ذاتها محاولة تروم توفير جرعات أكسيجين بعدما أحس باشتداد الخناق المضروب على المملكة آنذاك، الجزائر/ ليبيا/ حالة لاإستقرار الوضع السياسي بموريتانيا تحت تأثير هجومات البوليساريو ، فضلا عن تداعيات حرب الصحراء و ما شكلته من ضغوطات على الإقتصاد المغربي ..
* خروج موريتانيا من معاهدة مدريد و توقيعها اتفاقية السلام بالجزائر بينها و جبهة البوليساريو أواخر الثمانينيات ( 1979) ، و ما تبعها من إتراف متبادل بين الفرقاء المتحاربين ، دفع بالعاهل المغربي الراحل الى البحث عن متنفس جديد يقي الممملكة المغربية و يحد من تأثير وقع الخناق ، فكان أن اهتدى إلى تحييد الدور الليبي الذي كان يلعبه زعيم ثورة الفاتح العقيد المغتال معمر القذافي في النزاع بالصحراء ، فتم الإعلان عن ميلاد اتحاد إفريقي بين الدولتين حيث حظي بتغطية إعلامية معتبرة ، لكن لسوء الحظ لم يعمر المشروع طويلا بعدما عبرت أمريكا عن انزعاجها الواضح من مشروع الوحدة بين المغرب و ليبيا ، و تحت مطرقة الضغوط الغربية و الأمريكية ، تراجع العاهل الراحل فتم إقبار الحلم و وأد التجربة .

    ثلاث تجارب وحدوية في عهد العاهل الراحل طيب الله مثواه لم يكتب لها النجاح و لم يحالفها الحظ ، فشلت و أقبرت في المهد …، مرد الإقبار جفاء السياسات الثنائية بين المغرب و الجزائر ، و دون الخوض في من يتحمل الوزر و من البادئ و… نكتفي بجدور الجفاء و أصوله التي تعود إلى ما قبل حرب الصحراء ، سواء كانت شرقية ( حرب الرمال سنة 1963) أو غربية فيما له صلة بموقفها المعلن و الصريح من نزاع الصحراء ، حرب استنزفت الكثير من موارد الدولة المغربية و فرملة كل مشاريع التنمية الإقتصادية …، كما شكلت حصى في عجلة تقدم و ازدهار دولة و شعب …

    أما في العهد الجديد ، يتضح من مجريات الأحداث أن هناك ثلاث محولات شكلت منعطفا لم يكن حاسما ، أو إن صح القول لم يؤد إلى نتيجة تذكر ، و قد اعتبرها البعض و حسبها مجرد تكتيكات بدون آفاق إستراتيجية ، و هي في مجملها تصب في خانة نزاع الصحراء و على علاقة بتداعياته و أعني بها :

* اليد الملكية الممدودة للجزائر و التي بقيت لحدود الساعة مبسوطة دون أفق و إلى أجل غير مسمى ، فرغم تبادل السفراء و القناصلة و برقيات التهاني و التعازي و زيارة الوفود ….، لا زالت العلاقات مسممة تشوبها هوابط و نوازل و يعتريها الكثير من سوء الفهم و تعذر تناغم و توافق الرؤى … بيت قصيدها و حصان طروادتها نزاع الصحراء و أمر الزعامة في منطقة حيوية استراتيجية ، بحكم أنها تشكل بوابة العالم المتحضر نحو قارة سمراء عذراء غنية بثروات لا تعد و لا تحصى ، وضع منه تستمد القارة أهميتها الإستراتيجية و مسوغ هرولة الأطماع و مبرر توافد الإستثمارات و الرساميل الأجنبية ( القمم الإقتصادية / اليابان/ الصين/ روسيا/ الإتحاد الأوروبي/ الهند … أمثلة من أخرى ) .

* نادي الملكيات في الوطن العربي الذي حاولت دول الخليج جر كل من المملكة الهاشمية بالأردن و المملكة المغربية ، الغرض الغير معلن من الهدف وراء الدعي لتأسيسه ، جعل المملكتين الغير منضويتين تحت لوائه مجرد خزان بشري لخدمة الأجندات الخليجية ، سواء ما تعلق منها بالحرب على سوريا الصمود و اليمن الغيور ، أو من خلال الحرب و التصدي لتمدد الهلال الشيعي و النفوذ الإيراني بحسب التوصيف الخليجي . و قد وجت المملكتين ضالتهما من حيث ، أن الأولى بحاجة ماسة للمال الخليجي في ظل العجز المالي للدولة الأردنية و تفاقم الدين الخارجي و شح سلة العملات الصعبة ( وضع إقتصادي مترهل يتفاقم من سيء إلى أسوء )، فيما الثانية تنشد الدعم و السند و المؤازرة الخليجية و قدرة تأثيرها على سياسات الغرب في كل ما له علاقة بنزاع الصحراء .

    الخطاب الملكي السامي أمام الملوك و الأمراء في القمة الخليجية التي انعقدت بالرياض ، حيث صرح من هناك العاهل المغربي عن ربط مصير الملكيات العربية و ما تتعرض له من محاولات تفتيت نسيجها الداخلي ، ليخلص في آخر الكلمة الملكية بأن الحرب المعلنة هي صراع وجود و ليس صراع حدود في إشارة لمشكل الصحراء … ) ، فماذا تمخض عن القمة ؟ شح الهبات و مشاكل طفت على سطح الأحداث و فتور في العلاقات ….

* الإنتكاسة الثالثة نستخلصها مما وصلت إليه المبادرة المغربية من خلال تقديم طلب الإنضمام إلى المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا ( الإكواس) ، حيث تلكأت المجموعة الإقتصادية بزعامة نيجيريا في الإستجابة للطلب المغربي ، متدرعة بترك أمر الإنضمام إلى قمة الرؤساء … و عند إنعقادها لم يتم التطرق للموضوع لا من قريب و لا من بعيد ، و هو ما يعتبر رفضا لبقا بأسلوب ديبلوماسي تخفيفا من هول الوقع .

    رفض سرعان ما انضاف له إقبار مشروع القرن و التنصل منه رسميا ( أنبوب الغاز النيجيري نحو أوروبا مرورا بحوالي 14 دولة إفريقية ) مشروع رغب المغرب من خلاله خلق توازن استراتيجي إقتصادي و استغلال موقعه الجيوستراتيجي كمنصة انطلاقة إقتصادية أوروبية إفريقية ، تعزيزا لموقفه فيما يخض نزاع الصحراء ، لكن لسوء الحظ اصطدم المشروع المشترك المغربي النيجيري بصخرة النزاع حول الصحراء ، أو لنقل بصريح العبارة أن المشروع ولد ميتا بحيث كان مجرد تكتيك بدون أفق استراتيجي بحسب بعض المحللين … و اليوم بعد مرور حوالي أربع سنوات تأكد بالواضح عدم قابلية المشروع للحياة …

    و إذ أكتفي بهذا القدر من الإخفاقات في تجسيد ما راودنا من أحلام أجهضت بفعل سياسات خاطئة ، أستودعكم معشر زوار الجديدة نيوز على أمل التواصل معكم من جديد ، في حكاية حلم من أحلام أخرى موؤودة ، حلم نهضة شعوب الفضاء المغاربي بعربه و أمازيغييه و صحراوييه …

عبد السلام حكار

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى