الواجهةثقافة وفنون ومؤلفاتمجرد رأي

الاحتفالية بين جهل الجاهلين واعتراف العارفين ـ

عبدالكريم برشيد

فاتحة الكلام

الاحتفالية اليوم ليست هي احتفالية الأمس، وما وصلت إليه، انا الاحتفالي، من معرفة ومن اعتراف، لم يات من فراغ، ولا كان مجانا وبلا ثمن، ولقد مشيت في طريق هذه المعرفة الاحتفالية مشيا على الأقدام الحافية، وذلك على أرض مفخخة بالشوك و بالألغام، وذلك على امتداد عقود طويلة جدا، وبهذا فقد انتقلت من زمن الجهل و الجاهلية إلى زمن المعرفة والاعتراف، وانني اتعجب اليوم، من قوة صبري ومن صمودي ومن اصراري السيزيفي على التامل وعلى التفكير وعلى التجريب وعلى الاختلاف وعلى الوقوف في عين الرياح وفي وجه العواصف و الزوابع العاتية.. كيف حدث كل هذا؟ لست ادري..
وفي الأيام القليلة الماضية، اتصل بي المخرج المسرحي الكبير عبد الواحد عزري، و اخبرني بصدور كتابه الجديد، و دعاني إلى حفل توقيعه بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بمدينه الرباط، وعبر الهاتف، عادت بنا الذاكرة لزمن ضيعناه بالجدل البيزنطي، و ناقشنا فيه البديهيات والمسلمات التي لا تحتاج الى إلى نقاش، و اختلفنا في الأساسيات التي لا يمكن الاختلاف حولها، وبالنسبة إلي، فإن تلك المرحلة المجنونة كان لابد منها، وانه ما كان ممكنا للمسرح العربي ان يدرك مرحلة الرشد العقلي لولا تلك البيانات التي كانت و مضت
و(مع شيخ الاحتفالية الدكتور عبد الكريم برشيد) هو عنوان الشهادة التي قدمها الأستاذ احمد طانيش في حق هذه الاحتفالية وفي احد خدامها الأوفياء و الصادقبن، حتى لا اقول اي شيء اخر غير هذا، وفي كلمته وشهادته قال:
( أعتز أنني عايشت تجربة عصر ذهبي، بالإبداع و التنظير والجدل و النقد، أعطى تجارب كبرى و حساسيات كبيرة، و إبداعات مختلفة، و أسماء لها وزنها قادت المرحلة ومازال الأثر و المنجز شاهدا، وضمن هؤلاء الكبار، الأستاذ عبد الكريم بر شيد؛ مؤلفا وصاحب نظرية في المسرح (المسرح الاحتفالي) تقاطعنا معها و اعتبرناها و نعتبرها مدرستنا التي قربتنا من الأسئلة الداخلية للإبداع، مؤخرا تتبعت كتابات الرجل الاسترجاعية و التذكيرية وكأنها دروس دعم تقول لنا عودوا إلى مقاعدكم، ولا تهجروا الدرس المسرحي، و تعالوا نتحاور من جديد مع نظرية تنادي دائما بالمسرح المتجدد، الذي يعب في كل مرحلة ليولد الأسئلة والقلق المعرفي نحو بناء المعنى وتجديد الإيمان، هذه الدروس الاسترجاعية تتبعتها عبر الفيس بوك إذ يطل علينا د.عبد الكريم برشيد كل ثلاث أيام بورقة أتابعها شخصيا، و حركت لدي السؤال الآن و الهنا أيننا من جدل الأمس و إبداعه، هل طوينا الصفحة قبل أن نقرأها جيدا؟ هل دخلنا لمرحلة مع قطع ابستيمولوجي مع المراحل القبلية، سيما وأصبحت المرحلة الآن تنعت بما بعد الدراما، وما بعد المسرح، هنا وجدت لزاما أن نجلس أرضا، و نستمع لشيخ الاحتفالية، يجدد لنا العلاقة مع الزاوية الاحتفالية، وبالمناسبة تواصلت مع الرجل، و أخذت إذنه في هذا التواصل، وأعلن لنا حبه و إذنه)
ما المسرح؟
سؤال الاحتفالي والاحتفالية:
انا الاحتفالي اقول اليوم، تماما كما قلت بالأمس، اقول واكتب نفس ذلك الكلام الباحث عن الحق وعن الحقيقية، و أواصل اليوم بناء نفس ذلك المشروع النهضوي، والذي بدايته منذ خمسين سنة، ولقد تعب مني التعب، وانا لم اتعب، وبقيت داما وفيا لفلسفتي في حياتي وفي حياة فكري وفي حياة ( مسرحي) والذي هو مسرحنا جميعا،.سواء اعترفنا بها او لم نعترف به
وما كان يهمني دائما، في مساري المسرحي، هو فلسفة المسرح اولا، وهو علم المسرح، وهو فكر المسرح، وهو معنائيات هذا المسرح الخفية
وأرى أنه من حقنا، ومن واجبنا ايضا، ونحن نعيش بين وجودين، ونحن نحيا بين حياتين، ان نتساءل امام مظاهر و ظواهر هذ العالم، والتي تعكسها فنون وعلوم المسرح وان نقول ما يلي:
هذا الذي نسمپه المسرح، في كل ابعاده الإنسانية والكونية، ماذا يمكن ان يكون؟
هل هو مجرد مكان في المدينة، مثله مثل المسجد والسوق ومثل الحمام والمدرسة والساحة؟
ونحن ندخل الحمام لنغتسل ونتطهر، وندخال المسرح لكي ترتقي نفسيا وفكريا وجماليا واخلاقيا، ومن يدخل الحمام يدخل ومعه اوساخ الواقع، ومن يدخل المسرح بانه يدخله من اجل ان ذتطوهر من اوساخ الواقع والوقائع
وهل هو حياة اخرى اضافية؟ لأن وجود حياة واحدة بعمر واحد لا تكفي، وبذلك كان هذا المسرح حيوات كثيرة باعمار متعددة؟
وهل هو مجرد فضاء للتلاقي وللتسلية و للترفيه ومقارمة الملل و مقاومةالسأم ومقارمة الضجر والبحث في الأيام عن سيد الايام، و نبحث عن ساعة جديده لا تشبه كل الساعات ؟
وماذا يعني ان ندخل بناية المسرح؟ واي سر خفي في هذا المسرح؟ واي سحر في لعبه الجاد وفي شعريته العالمة ؟
ولماذا ندخل هذا المسرح، والذي هو بناية وهو آداب وهو فنون وهو علوم وهو تقليد وهو تجديد وهو احوال وهو اعياد يومية جديزة متجددة؟
فهل من اجل ان نهرب من قبح هذا الواقع الواقعي؟ ام من اجل ان نحيا حلما جماعيا في المكان العام وفي الزمان المقتسم والمشترك؟
نحن في هذا المسرح لا نقنع بالعيش في عالم واحد اوحد، عالم واقعي و تاريخي محدود، ولهذا فقد كان من واجبنا في هذا المسرح ان نبحث عن التوزيع والترحيب والتجميل والأكمل و الأصدق، وان نبحث نحن الاحياء عالم احتفالي له وجود حقيقي داخل عالم المسرح، والذي هو عالم داخل عالم داخل عالم.. إلى ما لا نهاية، هكذا قال ويقول الاحتفالي دائما
ونحن في هذا المسرح المركب نعيش و نحيا وجودا مضاعفا و مركبا، وبهذا يكون من حق الممثل, وهو يقف امام مرايا المسرح السحرية، ان يتمدد، وان پتعدد، وان يتجدد، وان يكون هو وغير هو، وان يحيا اكثر من حياة في حياة واحدة، وان يعيش في اكثر من زمن واحد، وفي اكثر من حياة واحدة
وهذا المسرح ليس فرجة، وهو بالتاكيد حياتنا الأخرى، والتي ينبغي ان نحياها بصدق، وان تكون في المسرح اكثر صدقا و مصداقبة وان تكون أكثر وضوحا و أقل غموضا
ونحن نادينا دائما بان ننتقل بهذا المسرح من درجة الحرفة والمهنية إلى العلم والفكر و الفقه، وان نبحث في هذا المسرح عن المهندس المسرحي، وليس عن (التاشرون) المسرحي، وان نبحث عن المبدع المسرحي وليس عن ( التريتور) المسرحي
هذه هي اختياراتي، وهذه هي قناعاتي الفكرية، لقد احتاجت خمسة عقود من اجل ان تفهم، ومن اجل ان تنال الاعتراف.
الوجود و العدم والحضور والغياب:
وفي (بيانات كازابلانكا للاحتفالية المتجددة) يمكن ان نقرا عن وجود هذا المسرح في عالم المرآة وفي عالم ما وراء المرآة، وفي هذا المعنى يقول الاحتفالي
(والأصل في هذا الاحتفال أنه مرآة، وأن دور هذه المرآة هو أن تعكس حياة الناس الجوانية والرمزية، ليس كما هي هذه اله الحياة في الواقع، ولكن كما هي الحقيقة البعيدة أو الغائبة أو المغيبة أو المصادرة أو المؤجلة، ومهمة هذه المرآة هو أن تترجم الوقائع الواقعية والرمزية إلى لغات مادية محسوسة، وأن تقدمها في شكل أجساد حية متحركة، وفي شكل غناء ورقص وشعر ونثر وأضواء وظلال وألوان وأصباغ وأقنعة وشموع وقناديل (والمطلوب من هذه المرآة أن تكون صادقة، وأن تكون صادمة، وأن تكون فضولية، وأن تكون ساخرة، وأن تكون مشاغبة ومشاكسة ومستفزة، وأن تكون مسطحة مرة، وأن تكون محدبة مرة أخرى، وأن تكون مقعرة أحيانا، وأن تكون مخادعة وماكرة في أغلب الحالات)
والذهاب إلى الاحتفال يبدأ دائما من مساءلة المرآة، والفرد في حياته اليومية يستعين بهذه المرآة حتى يطمئن على صورته، وكذلك الأمر بالنسبة للمجتمعات، فهي مطالبة بأن ترى وجهها الحقيقي في مرآة الحقيقة، وهل هناك مرآة أصدق من مرآة المسرح؟ )
وبحسب ابن عربي، في كتاب ( الفتوحات المكية) فإن العدم ليس معناه اللاوجود، لأن مثل هذا العدم اللا موجود، يمثل الوجه الآخر للوجود الحق، والذي قد يكون هو الحقيقة الغائبة او هو الحقيقة المغيبة او هو الحقيقة المنسية او هو الحقيقة المعتقلة أو هو الحقيقة المقيدة او هو الحقيقة المهربة، وعن هذه الحقيقة، في بعديها النسبي والمطلق، يبحث المسرحي الاحتفالي، والتي قد يكون لها وجود فينا، وتكون قريبة جدا منا، ونحن لا ندري، وفي هذا المسرح نتمرن على الحياة، ونتمنى على الرؤية والرؤيا، ندخل حياتنا لمختبر الوجود، ونضع حالاتنا و مقاماتنا وعلاقاتها و اختياراتنا تحت المجهر، فنصبح اكثر احساسا واكثر علما واكثر وعيا بوجودنا
في هذا المسرح لا نرى إلا اجسادنا وارواحنا، وقد نتخيل اننا نرى ذلك الآخر البعيد عنا، والذي قد توهم انفسنا وتدعي بان من في مرايا المسرح ليس نحن، وان عطيل ليس نحن، وان عملت ليس نحن، وان ابن الرومي ليس نحن، وان عبد السميع ليس نحن
ومن المؤكد ان ما لا تراه انت، وأن ما قد لا أراه انا، يصعب علينا فهمه ويصعب تفسيره احيانا، وهذا لا يعني انه غير موجود، مما يعني ان العدم موجود في كثير من الأذهان الفارغة والخاوية، ووجود ايضا في كثير من العيون العمياظ، وموجود في كثير من الآذان الصماء، وبهذا تكون فقط في الأمية، ويكون في عقول كثير من الأميين كثير من الظلامية وكثير من العدمية وكثير من اللا ادرية
ويقول الاحتفالي بان الأصل في الوجود هو الحضور، والذي قد يكون حضورا هنا او هناك او في اي مكان خارج المكان، او في اي زمان خارج الزمان، وبهذا يكون الفن حياة أخرى خارج كل الأمكنة وخارج كل الأزمنة وبهذا يكون الموت في الإبداع حضور، ويكون كبار المبدعين في درجة الخلود وفي مقام الابدية الذي، وهذا ما جسده و شخصه الكاتب الاحتفالي في كثير من المسرحيات
والموت اذن، هو الوجه الاخر الحياة، او هو محطة اخرى او انه درجة اخرى من درجات الحياةومن مقامات الفعل الحيوي
وفعل الاحتفال ماذا يمكن ان يكون سوى انه الوجود في الوحود، وانه حضور في المكان وحضور في الزمان، وانه بعد هذا فعل فاعلين له معناه وله مبناه في التاريخ، ويتجلى هذا الحضور في وجود جسد انساني حي، جسد يحركه عقل يفكر، وله نوافذوشرفات مفتوحة على العالم الخارجي،، وله مخيلة لصناعة الصور والمشاهد،
وبخلاف المسرح التجريبي، في المبدع على لغة الجسد,،الاحتفالية لا ترى الانسان جسدا فقط، ولا تراه مجرد آلية ميكانيكية منفصلة عن الطبيعة، ولا عن الأشياء داالمادية، وهي تقول مع الفيلسوف الفرنسي ميرلو بونتي بان وجود عصا في يد الضرير ليست شيئا منفصلا عن جسده، فهي عينه الأخرى، وهي حاسة اللمس ايضا، وهي بهذا امتداده الخارج، وهي جزء منه جسده
شهادة شاهد من تيفلت:
يقول ذ محمد اوموليد من مدينة تيفلت، والذي كان قريبا من من مولد هذه الاحتفالية بمدينة الخميسات في بداية السبعينات من القرن الماضي،(حقيقة أن هذا الرجل..الدكتور عبد الكريم برشيد ..اول من وضع اللبنة الأولى للمدرسة الاحتفالية بالمغرب..بتقديمه تأليفا و أخراجا.. مسرحية اختار لها من العناوين.. كانطلاقة محمودة و منشودة :
( الحومات). زمنها كان الفن الاحتفالي الملتزم بالمغرب في حاجة ماسة لهذا اللون من المسرح..تزامنا مع باقي المدارس المتنوعة الاخرى و المختلفة المشارب و الصيغ و الاهداف.خاصة و الساحة كانت تمر بأصعب المراحل السياسية.
مع العلم انه كانت بعض العروض غالبا ما تلتجيء لعنصر الترميز كي تنفلت من صرامة لجنة التحكيم و التي كانت بالمرصاد .. لتفرض وجودها عرضا في مسرح الهواة .
و دون ريب يذكر ..فإن المدرسة الاحتفالية للدكتور عبد الكريم برشيد.. بفضل مجهوداته المبذولة و المتقطعة النظير..استطاعت أن تتبوء مكانتها في أعلى درجات العمل الدرامي المغربي.. داخل المغرب و خارجه…ليفرض وجوده كعمل جاد بكل ما تحمل الكلمة من معنى..بعيدا كل البعد عن البهرجة …و سوء التدبير..
لا يسعنا نهاية الا ان نشد على يد أستاذنا الفاضل و دكتورنا المبجل بحرارة ..لا من باب المجاملة و لكن من باب الاعتزاز و الفخر…كونه يحتسب ضمن الرواد المغاربة الذين رفعوا راية وطنهم عالية مرفرفة بأريحية في الوطن العربي و الاسلامي بل و في كل ربوع العالم شرقه و غربه شماله و جنوبيه.
طوبى لك سيدي عبد الكريم.. على هذا الشرف الذي اوتي لك تارة حبوا و اخرى مشيا..المهم الوصول كان موفقا لا يختلف عليه اثنان حيث لا تتناطح من أجله عنزتان.
.ساءىلين العلي القدير ان يطيل في عمرك رفقة صحة و عافية .
كما نؤكد له بقولنا هذا : أبدعت فتألقت زادك الله جل و علا من فضله و نعمه شهادة مؤرخ الاحتفال والاحتفالية:
ويقول الصحفي هشام الأكحل من وكالة المغرب العربي للأنباء، وذلك من خلال تغطيته لتظاهرة ثقافية عربية بمدينة مكناس ما يلي، وقد كان ذلك ذلك سنة 2012
(غزارة التأليف وتوزع العطاء٬ في المتن المسرحي وعلى هامشه٬ حالة إبداعية تستوقف المتأمل في تجربة الكاتب عبد الكريم برشيد٬ رائد الاحتفالية٬ الذي لا ينضب معين إسهاماته٬ في المسرح المغربي والعربي٬ تأليفا ونقدا وتنظيرا.
إبداع وموقف. يقول الباحث والناقد مصطفى الرمضاني في مداخلته خلال ندوة “نقد التجربة-همزة وصل”٬ أمس الثلاثاء بمكناس٬ “ثم جاء برشيد فملأ الدنيا وشغل الناس”٬ شغل الناس بنصوصه المسرحية وبنقده وبتنظيراته٬ قبل أن يشغلهم بمواقفه الصدامية التي لا تهادن فيما يؤمن به ويدافع عنه٬ هو نموذج للكاتب الذي نذر حياته للكتابة٬ فصار زمن الكتابة عنده أكبر من زمن حياته العمرية”.
ويضيف الرمضاني خلال هذه الندوة المنظمة في إطار الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الوطني المسرح (22-29 يونيو) إن برشيد يشبه إلى حد كبير الكاتب المسرحي العربي توفيق الحكيم٬ “كلاهما عاش للكتابة حتى صار زمن الكتابة عندهما أكبر من زمن العمر المادي… هل نغبطهما أم نشفق عليهما لأنهما كرسا حياتهما لمتعة واحدة هي الكتابة وقد تكون على حساب متع أخرى؟”
إنها بحسب الرمضاني متعة من أسمى كل المتع الأخرى باعتبارها تختزل كل القيم النبيلة و السامية التي يحملها الإنسان في كل مكان و زمان، هي متعة خالدة بكل تأكيد لمن يكتب ولمن يكتب له على حد سواء. لقد كان عبد الكريم برشيد ٬ في نظره٬ “من دشن مسيرة التنظير المسرحي بالمغرب، وظل وفيا له واستمر في التنقيب في الديوان الاحتفالي عبر إصدار بيانات فردية وجماعية إلى يومنا هذا”
ويضيف أن هذا التوجه في شرح بعض القضايا الفكرية أو الفنية أو التقنية في المفهوم الإحتفالي لازم برشيد منذ باكورة أعماله المسرحية كما تشهد على ذلك أعماله الاولى من أمثال “الزاوية” و”سالف لونجا” و” عطيل و الخيل والبارود” واستمر معه بل وزاد رسوخا في نصوصه المتأخرة مثل “ابن رشد بالأبيض والأسود” و”بحر العلوم” و”حمار الليل” وعبد السميع يعود غدا” وغيرها.
وبرشيد الذي أنتج ما يناهز الستين عملا٬ بين الإبداع والنقد والتنظير فكان بذلك أغزر كاتب مسرحي مغربي٬ لا يكتب – كما يقول الرمضاني- نصوصا تحت الطلب ولا نصوص الحقبة التي تعالج قضايا محكومة بأحداث عابرة راهنة، وإنما يكتب نصوصا “تمتلك صفة الاختراقية وهو ما يؤهلها لتكون نصوصا إنسانية تخاطب الكائن في ديمومته الخالدة”
إن الريبيرتوار الغني بمختلف أجناسه الفكرية يؤكد أن “الرجل علم بحق ويكفي الكم الهائل من الكتابات ليكون وجها من وجوه الدبلوماسية الثقافية التي تعرف بالمغرب ثقافيا وسياسيا واجتماعيا وإثنيا”
وما لا يكمن الاختلاف حوله هو أن “مسرح برشيد محطة أساسية في خريطة المسرح)
اعتراف قارئ يعرف كل شيء:
اما ذ، عبد الوهاب عكاوي من مدينة ابركان، فإنه لا يكتفي بان يعقب على الكتابات الاحتفالية الجديدة، ولكنه يكتب مقالات فيها بحث ومعرفة وفيها توثيق وتاريخ، ويمكن ان نقرا له ما يلي:
(هنا يمكن القول ان الفنان المبدع الدكتور عبد الكريم برشيد نجده وهو يكتب في جريدة العلم خلال اواسط السبعينات عن إهمالنا للثراث المسرحي المغربي العربي وتذكرت جيدا وأنا اتابع حلقاته في جريدة العلم التي كان المرحوم عبد القادر البدوي رحمه الله يسلمها لي كل أسبوع بعد انتهاء التداريب على الركح والتدريس وقال لي ذات يوم … هذا البركاني ديالكم واحد العفريت منو يحارب الفرنكوفونية بصمت يكتب عن غنى التراث المغربي العربي ويقدم البديل الأصيل ضد كل من يعتمد على الاستيراد الثقافي الذي سيؤدي حتما الى الإستيلاب الثقافي… وحروبه ستطول ولكن نظريته ستنتصر عند كل الشعوب لما كل شعب يعطي اهمية لتاريخه و ثراثه و يدرك أن جعبة تاريخه و تراثه غني بما فيه الكفاية لتطوير مسرح وطني…
الفنان المبدع عبد الكريم برشيد بالفعل قام بمراجعة تاريخ المسرح عندنا في الحلقة في فن الحكواتي في مؤنس الملك أو السلطان في مؤنس حاشية أبناء السلطان بل حتى وسط مسرحياته التي توحي باعتماد الخنثى في التأنيس وعلى حكايات الجدات وعن الانتصارات و الاحتفالات كيف يمكن تحويل هذه الحكايات من تراكمات التاريخ والحكاية والثراث الى مسرح محلي و اعتماده مركزا للإلهام و نبتعد عن نقل حضارة لا تربطنا و أيها ولو حلقة ولكنه علينا الاستفادة من تطوراتها ..)
ربما أن أهمية الكتابة عند الفنان المبدع الدكتور عبد الكريم برشيد حاليا هي جمع المعطيات التي واكب انطلاق الاحتفالية وتطوراتها منذ بداية التاسيس لها الى اليوم وإبراز أقدمية الثراث المسرحي في الاسواق و الاحتفالي كمسرح عائلي كنا نحضره ولا يثير انتباهنا في الأعراس و الأفراح و الأقراح ولعل الجنائزية تدخل في دراما الأحداث حتى وهي لا تثير انتباهنا و سخرية الأقدار هي قدرة الاحتفالية على اندماج التاريخ والحضارة والثقافة في المسرح الدرامي و الكوميديا دفعة واحدة وفي الواقع مع طقوس الجنائز وتذكرت ذلك وأنا احظر جنازة رأيت فيها أرملة تبكي زوجها وتقول علاش ما درتلي التليفون تخبرني انك غادي تموت علاش وعلاش أنا خليت ليك التليفون …)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى