القنصليات وجمعيات المجتمع المدني : سنوات طويلة من العمل الدؤوب خدمة للوطن وللجالية المغربية
القنصليات وجمعيات المجتمع المدني : سنوات طويلة من العمل الدؤوب خدمة للوطن وللجالية المغربية

في زمن تتشابك فيه الأدوار وتتعاظم التحديات، تبرز القنصليات المغربية بدول المهجر كركيزة أساسية في ربط جسور الثقة والتواصل بين المغرب ومواطنيه المقيمين في الخارج، ومن بين المبادرات التي أثارت نقاشا واسعا، استضافة هذه القنصليات لجمعيات المجتمع المدني في ديار المهجر، والتي يرى فيها البعض “تسيبًا” بينما هي، في حقيقتها، تجسيدٌ لروح المواطنة ومفهوم الدبلوماسية المواكِبة لخدمة الوطن.
الواقع أن أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج لا يستفيدون بشكل مباشر، من دعم مؤسسات الدولة كما هو الحال داخل أرض الوطن، ما يجعل دور القنصليات محورياً في تمكينهم من المساهمة في القضايا الوطنية، وتوفير فضاءات للعمل الجمعوي الجاد، وتبقى هذه المبادرات منسجمة مع التوجيهات الملكية السامية، حيث ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يؤكد في خطبه السامية على العناية الخاصة التي يجب أن تحظى بها الجالية المغربية المقيمة بالخارج، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الوطن.
لقد دافعت جمعيات الجالية المغربية، على مدار عقود، عن ثوابت المملكة، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى، الصحراء المغربية، في المحافل الدولية، وفي المجتمعات التي تنشط فيها. هذا الدور الحيوي لم يأت من فراغ، بل من إحساس عميق بالانتماء والولاء للوطن، واستعداد دائم لتفنيد الأطروحات المعادية للمغرب، والدفاع عن صورته.
ومن هذا المنطلق، فإن احتضان القنصليات لهذه الجمعيات لا يمكن اعتباره خرقًا أو تجاوزًا، بل هو دعم لدينامية مدنية تعزز الروابط بين الجالية ومؤسسات الدولة، وتفسح المجال أمام أبناء الوطن للمساهمة في خدمة قضاياه، انطلاقًا من مواقعهم في الخارج.
القناصل الذين تم تعيينهم من طرف وزارة الخارجية، جاؤوا لأداء مهمة واضحة: خدمة رعايا الملك، والسهر على مصالحهم، لا الاصطفاف ضدهم أو عرقلة جهودهم التطوعية. فالوطن يُبنى بتظافر الجهود، وتكامل الأدوار، لا بتفتيت الصفوف أو بث الشكوك في النوايا.
إن اللحظة تقتضي فتح الباب أمام كل طاقات الجالية المغربية، وخاصة الفاعلين الجمعويين الذين يشتغلون بجد وإخلاص، دون أن نغفل ضرورة التأطير القانوني والمواكبة المؤسساتية، ضماناً للشفافية والنزاهة. لكن الأهم هو أن نعي أن دعم هذه الدينامية ليس تسيبًا، بل استثمار في مستقبل وطن موحد، متماسك، يستمد قوته من كل أبنائه، أينما وجدوا.





