أخبار دوليةالواجهة

تآمر و تخابر … فرنسا العدالة و الحريات نموذجا

متابعة أبو أيوب

    من قتل المدرس الفرنسي ؟ سؤال يطرح عن دور الأجهزة الرسمية الفرنسية في عملية الإغتيال بدم بارد ، لا سيما إذا عدنا إلى الوراء بسنوات مرحلة العشرية السوداء التي اكتوت بنارها الشقيقة الشرقية الجزائر .

    وقتذاك كثرت الإغتيالات بتخطيط أجهزة مخابراتية داخلية و خارجية ، حيث نسبت العمليات في مجملها للمجموعات ذات التوجه الإسلامي ، كما يحدث اليوم في مناطق عدة عبر العالم ، لا لشيء سوى لتسويد النظرة و تشويه صورة الإسلام و تأليب الرأي العام خدمة لأجندات إنتخابية .

    في تحقيق أعدته القناة الفرنسية الثانية تحت عنوان ( الدولة تكذب) ، جاء فيه أن تحقيقات القضاء الفرنسي سنة 1994 في عز العشرية السوداء أثبتت التنسيق التام بين المخابرات الفرنسية و الإستخبارات العسكرية الجزائرية ، و مدى تورطهما في اختطاف القنصل الفرنسي و زوجته و عنصر أمني و إخفائهما لمدة أسبوع . حيث أعلنت الحكومة الفرنسية أن مجموعة إرهابية تابعة للجماعة الإسلامية المسلحة هي المسؤولة عن عملية اختطاف القنصل و زوجته .

    وفي نفس ليلة الإختطاف كذلك ، نفذت السلطات الفرنسية حملة أمنية ضد الجزائريين شملت كافة التراب الفرنسي ، تمت خلالها مداهمة عدة مؤسسات إسلامية و اعتقل العديد من الإسلاميين ، و كان من نتائجها حل عشرات الجمعيات و إغلاق إذاعتين و صحيفة و تم حظر الأنشطة الإسلامية .

    في تلك الحملة تم اعتقال مواطن جزائري يحمل إسم حسين كروج كان مسؤولا عن إحدى الجمعيات ، بعدها قامت الشرطة بتوزيع بيان على وسائل الإعلام منسوب للجماعة الإسلامية بالجزائر تتبنى فيه عملية الإختطاف ، ثم ادعت الشرطة الفرنسية أن البيان كان بحوزة المعتقل حسين كروج ، و هذا ما فسح لها المجال للتدليل على ارتباطه بالجماعات الإرهابية .

    بعد أسبوع من عملية المداهمة و الإعتقال ، ظهرت مذيعة في نشرة الأخبار تعلن أن قوات الأمن الجزائرية استطاعت تحرير الرهائن ، مضيفة أنهم يتمتعون بصحة جيدة سالمين لم يمسسهم سوء ، لينقلوا مباشرة بعد نصف ساعة عبر رحلة جوية إلى باريس .

    في مؤتمر صحفي ، أثنت حرم القنصل الفرنسي على المعاملة الحسنة التي تلقوها على يد الإرهابيين ، ثم أشارت إلى أنهم كادوا أن يقتلوا في اليوم الخامس ، لأن الارهابيين تشاجروا على الخمر الذي كان بالثلاجة ..! فضلا عن كونها اندهشت عندما أحضر لها الإرهابيون دواءها الذي تستعمله في معالجة مرضها المزمن ، متسائلة باستغراب عن كيفية علمهم بمرضها و الدواء الذي تتناوله ..؟

    بمجرد الإدلاء بهذا التصريح ، قامت السلطات الفرنسية بإرسال القنصل و زوجته إلى نيوزلندا و منعهما من التواصل أو الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام ، حيث مكثا هناك مغتربين لمدة عشر سنوات .

    سنة 2002 ، تقدم ضابط مصاب بالسرطان لإحدى المحاكم الفرنسية مبتغيا إبراء ذمته و الإدلاء بشهادته ، حيث أفاد بمشاركته سنة 1994 في حملة الإعتقالات ضد المعارضين الجزائريين ( الإسلاميون) ، و قد صرح بهذا الصدد أن رئيسه المباشر هو من كان أمره بوضع البيان الذي أعدته الشرطة ذاتها ، في محفظة حسين كروج مباشرة بعد اعتقاله ، بيان خط بحبر الإستخبارات الفرنسية ، و من ثمة نسب للإسلاميين الجزائريين يعلنون من خلاله مسؤوليتهم عن اختطاف القنصل الفرنسي ومن معه .

    في نهاية المطاف و بعد استكمال التحريات و جمع الأدلة ، حكم القضاء الفرنسي بتعويض حسين كروج بمبلغ 2,2 مليون يورو عن الخمس سنوات التي قضاها بالسجن ظلما ، و بسجن رئيس مركز الشرطة الذي أمر بدس البيان الملفق .

    فرنسا الصليبية ، فرنسا واحة الديموقراطية و الحريات ، فرنسا العدالة و المساواة ، تختطف قنصلها بدولة أخرى لتبرير حملة شعواء ضد أبرياء حماية لمصالح آنية ، فهل عرفتم الآن من خطط لقتل المدرس الفرنسي و من أمر بقطع رأسه ؟

    أظنه نفس الفاعل بعدما غير جلده ، ففرنسا اليوم تجسد رأس أفعى الإرهاب بدول الساحل و الصحراء حيث يكثر التواجد العسكري الفرنسي تسهيلا لمزيد من نهب الثروات .

    زوار مقع الجديدة نيوز ، مقال اليوم يحيلنا قطعا لحقبة حكم الجنرال دوغول رئيس الجمهورية الفرنسية ، وقتذاك تجرأت صحيفة فرنسية كانت تحمل إسم هاراكيري برسم كاريكاتير يتعرض لشخصية الجنرال دوغول ، حينها عرض الأمر على القضاء الفرنسي بصك اتهام ( إهانة رمز الدولة ) .

    آنذاك صدر حكم قضائي يجرم الفعلة و يعلن حل الصحيفة و فرض غرامات مالية ….، اليوم نفس الصحيفة بعدما غيرت إسمها ليصبح شارلي إيبدو ، تتطاول على النبي المصطفى صلوات الله عليه و سلام ، حيث تجرأت بنشر كاريكاتير يتعرض لأحسن خلق الله إنسانا ، ذريعتها حرية الرأي و التعبير التي تكفلها فرنسا اللوفر و الأضواء و بلد المساواة و الحريات … بل الأنكى و الأمر خروج رئيسها رافعا لواء حماية حرية الرأي و التعبير ، غير مبال بمشاعر مليار و نصف مسلم … فهل أصبحت شخصية الجنرال أقدس من رمزية آخر الأنبياء و الرسل ؟ 

    بهذا أكتفي و أستودعكم معشر المتتبعات و المتتبعين ضاربا لكم موعدا مع مقال آخر بمشيئة الرحمان …

عبد السلام حكار

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى