24 ساعةأخبارأخبار دوليةالواجهة

تشديد تركيا على دخول المغاربة: قرار وقائي أم عقوبة جماعية؟

تشديد تركيا على دخول المغاربة: قرار وقائي أم عقوبة جماعية؟

اتخذت تركيا مؤخراً قراراً بتشديد إجراءات دخول المواطنين المغاربة إلى أراضيها، القرار تلقاه بعض المراقبين بارتياح وفرحةٍ حفاظية لهيئة تقول إنها تهدف لحماية مواطنين معرضين لمخاطر الهجرة السرية والاتجار بالبشر، بينما يراه آخرون إجراءً يطال حقوق الأفراد بعمومٍ قد يضر بمن هم في حاجة فعلية للحماية أو للعمل المشروع.

على مدار سنوات اعتبر نشطاء حقوقيون ومهاجرون مغاربة أن تركيا كانت بوابةً ونقطة عبور لمحاولات الهجرة نحو اليونان ومن ثم إلى دول شنغن، ومن أقسى المخاطر التي يواجهها المهاجرون غير النظاميين، بحسب شهاداتٍ متفرقة تناقلتها جمعيات ومواقع إخبارية، التعرض للعنف والانتهاكات والاتجار بالبشر؛ تتحدث عائلات عن فتيات شابات اختفين أثناء محاولات التهريب، والتصفية الجسدية في ظروف غامضة،  وآخرون يروون عن رحلات خطرة عبر البحر أدت إلى غرق أو اختفاء مئات المهاجرين في حقبات سابقة.

ينطلق المدافعون عن القرار التركي من هذه الخلفية: بنظرهم، تشديد الدخول إلى الأراضي التركية قد يقلص تدفقات الهجرة السرية ويحدّ من قدرة شبكات التهريب على استغلال الحراك المفتوح نسبياً، ويشيرون إلى أنه حين تضع دول عبور قيوداً فعّالة ومنفذة، تقل الحوادث المرتبطة بالهجرة السرية مثل الغرق والقتل والدفن في مناطق نائية أو وقوع الضحايا بأيدي عصابات الاستغلال.

لكن النقد لا يقلص أهمية المخاطر المحتملة للقرار، فهناك من يرى أن إغلاق الحدود أو تشديد الشروط قد يدفع المهاجرين إلى طرق أكثر خطورة، أو إلى وكالات تهريب أشد وحشية، وبالتالي قد تضاعف معاناة من هم بالفعل في وضع هشّ، كما تثار أسئلة حول التمييز:

هل يُطبق التشديد بحق مواطنين محددين أم أنه إجراء إداري يرتبط بمعطيات أمنية؟ وما الضمانات القضائية والإدارية لحماية حقوق طالبي اللجوء أو الفئات الضعيفة (نساءٍ، قصرٌ، ضحايا تجارة بشر)؟

تتكرر في الشارع ووسائل التواصل اتهاماتٌ طالت شبكات تهريب واستغلال يمارسها أفراد من جنسيات متعددة، بينها عربية، ضرورة التذكير هنا أن الاتهامات العامة ضد جنسية أو مجموعة كاملة قد تؤدي إلى وصم جماعات بأسرها، من المنصف والأمن صحفياً التنصيص على أن هناك “شبكات إجرامية” و”عصابات تهريب واستغلال” تعمل بآليات معقدة عبر دول متعددة، وتستغل الفراغ القانوني وسهولة التنقل والطلب على خدمات التهريب، ولإثبات مشاركات أفراد من جنسية معينة، تتطلب الأدلة الجنائية وإحالات القضايا للمحاكم والبيانات الرسمية من التحقيقات، إذْ لم تُكشف هذه الأدلة علناً عبر تحقيقات موثوقة، فإن الصحافة مطالبة بالتعامل بتحفّظ وعدم إصدار أحكام عامة.

الصور المؤلمة لضحايا تعرضوا للعنف أو الاتجار، وخصوصاً النساء اللواتي وقعْن في شبكات استغلال جنسي أو “زواج غير شرعي” بغرض الاستغلال، تتطلب استجابة إنسانية جنائية مزدوجة: حماية الضحايا وتقديم الجناة للعدالة، وتشير المنظمات الدولية والحقوقية عادةً إلى الحاجة لتدابير حماية، خطوط إبلاغ وبعثات مساعدة، وبرامج إعادة تأهيل وإعادة الإدماج للضحايا.

القرار التركي بتشديد دخول المغاربة يمكن أن يُقرأ كخطوة وقائية مبرّرة إذا رافقتها معايير واضحة لحماية الأجانب المستضعفين وتعاون فعّال مع بلدان المصدر، ولا سيما المغرب، أما إن انطوى على تمييز جماعي أو على إجراءات تترك الناس عرضة للاختفاء أو الاضطرار لطرق أشد خطورة، فسيكون ثمناً بشرياً باهظاً.

أقترح ما يلي كخلاصة عملية قابلة للتبنّي من قبل الجهات المعنية والجهات الصحفية:

* فتح قنوات رسمية بين المغرب وتركيا لتبادل المعلومات، حماية الرعايا المغاربة، وتسهيل إجراءات العودة الآمنة لمن يحتاجون ذلك.

* تكثيف التحقيقات الجنائية عبر التعاون الدولي لكشف شبكات التهريب والاستغلال، مع نشر نتائج واضحة ومقيدة بالدليل لمنع الاتهامات العامة غير المدعومة.

* توفير برامج حماية عاجلة للضحايا المحتملين (خطوط إبلاغ بلغة مفهومة، ملاجئ، دعم نفسي وقانوني).

* التزام وسائل الإعلام بأخلاقيات التغطية: التمييز بين وقائع مثبتة وشهادات متداولة، وتجنّب تعميم الاتهامات على جماعات عرقية أو جنسية كاملة.

* حملات توعية في المغرب حول مخاطر التهريب والهجرة السرية، وبدائل الهجرة القانونية وفرص الحماية واللجوء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى