24 ساعةeljadidanewsأخبارأخبار إقليم الجديدةالواجهة

جماعة سيدي عابد… اختلالات بيئية ومجالية تهدد مستقبل التنمية الساحلية

بقلم: عبدالسلام حكار

رغم ما تزخر به جماعة سيدي عابد، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم الجديدة، من مؤهلات طبيعية وسياحية قلّ نظيرها، أبرزها شواطئها الممتدة ذات المناظر الخلابة، والموقع الاستراتيجي على الساحل الأطلسي، إلا أن واقع الحال يكشف عن مفارقات صارخة، نتيجة اختلالات واضحة في التدبير المجالي والبيئي، تهدد الرصيد الإيكولوجي المحلي وتؤثر بشكل مباشر على آفاق التنمية المستدامة بالمنطقة.

ففي الوقت الذي تراهن فيه المملكة على تثمين المجال الساحلي، وجعله رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تعرف جماعة سيدي عابد مظاهر مقلقة من التسيب في استغلال المجال الشاطئي، أبرزها ما تم رصده شمال الجماعة، قرب نقطة “جرف الغراب”، حيث انطلقت أشغال مشروع استثماري على مسافة قريبة من الشاطئ، في تجاوز صارخ للقانون 81.12 المتعلق بحماية الساحل، والمُنفّذ بموجب الظهير الشريف رقم 1.15.87 الصادر بتاريخ 16 يوليوز 2015.

هذا المشروع، الذي تشيَّد بنياته في حرم المنطقة الساحلية، لا يحترم ما تنص عليه المادة 15 من القانون السالف الذكر، والتي تؤكد بصريح العبارة أنه “يمنع البناء في منطقة يبلغ عرضها 100 متر، تحتسب انطلاقاً من الحدود البرية للساحل”. كما تنص المادة 50 من نفس القانون على عقوبات حبسية وغرامات مالية قد تصل إلى 500.000 درهم في حال خرق هذه المقتضيات.

وإذا كانت النصوص واضحة بهذا الشكل، فإن تساؤلات حارقة تفرض نفسها:
من منح الترخيص لهذا المشروع؟ وما هي المعايير المعتمدة لتبرير خرق قانون يحمي المصلحة العامة البيئية؟
هل تمت دراسة الأثر البيئي؟
وهل تم إشراك الساكنة والمجتمع المدني المحلي في مناقشة المشروع وتداعياته؟

الجمعيات المحلية، ومعها فئات واسعة من السكان، عبّروا عن قلقهم العميق مما وصفوه بـ”الانحرافات الخطيرة في تدبير المجال”، مؤكدين أن المشروع المذكور يشكل سابقة تهدد بإطلاق العنان لمزيد من التعديات مستقبلاً، في غياب تدخل حازم من الجهات الوصية على مستوى الإقليم والجهة.

وتنضاف هذه الإشكالية إلى سلسلة من الاختلالات التي تعاني منها الجماعة القروية سيدي عابد، سواء على المستوى البيئي، من خلال تدني خدمات النظافة وغياب بنية تحتية بيئية متماسكة، أو على المستوى الاجتماعي، نتيجة تعثر فرص التشغيل وتواضع المداخيل المحلية، ما يُبقي الجماعة في خانة المناطق غير المستغلة بالشكل الأمثل رغم غناها الطبيعي.

وفي انتظار أن يتم فتح تحقيق جاد ومسؤول في هذه الخروقات، تأمل الساكنة أن لا تتحول سيدي عابد إلى مثال جديد في مسلسل “إفساد الساحل”، بل أن تعود إلى سكتها كوجهة سياحية واعدة ومجال بيئي محمي يليق بالجيل الحالي والقادم.

نبيل البلوطي

معدّ ومخرج برامج, مدير قسم السمعي البصري بالجديدة نيوز و رئيس النادي السينمائي بالجديدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى