أخبار

حرب غزة لم تبعد المغرب عن إسرائيل، بل على العكس.

** نتنياهو كان سيزور المغرب.
** يتطلع المغرب لحل نهائي لقضية الصحراء في مؤتمر كبير ترعاه أمريكا وتحتضنه الإمارات
تعززت علاقات المملكة مع الدولة اليهودية على الرغم من كون المغرب واحدة من الدول العربية التي كانت الاحتجاجات فيها ضد الاجتياح الاسرائيلي لغزة أكثر كثافة وتكرارا.
* إغناسيو سيمبريرو 25 فبراير 2025م.
صرح يوسف العمراني، سفير المغرب لدى الولايات المتحدة، مؤخرا على قناة الحرة التلفزيونية في 13 فبراير الجاري، بأن “الحرب في غزة والوضع الكارثي في ​​الشرق الأوسط أدى إلى تجميد التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل”. ويبدو أن هذا الوضع صحيح بالنسبة لبعض البلدان، مثل المملكة العربية السعودية، ولكن بالتأكيد ليس هو نفسه بالنسبة للمغرب الذي عمق علاقاته مع الدولة اليهودية دون أن يخفي ذلك.
وأحدث مثال على ذلك هو الصفقة التي أعلن عنها أوائل فبراير، والتي اشترى المغرب بمقتضاها 36 قطعة مدفعية ذاتية الدفع من طراز Atmos 2000 من الشركة المصنعة الإسرائيلية Elbit Systems. وبذلك يبتعد المغرب مرة أخرى عن أحد مورديه التقليديين، فرنسا، التي اشترى منها عام 2020 نظام قيصر الذي تصنعه شركة KNDS والمشابه لمنافستها الإسرائيلية. وهي مدافع مفيدة بشكل خاص في الصحراء بفضل قدرتها على الحركة.
وفي يوليوز الماضي، كانت القوات المسلحة الملكية قد تخلت بالفعل عن استبدال أقمار التجسس محمد السادس أ، ومحمد السادس ب، المصنعة من قبل شركتي إيرباص وتاليس، بنماذج “صنعت في فرنسا”. لقد اتصلوا بشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) لتجديدها، بحيث ستزودهم الأخيرة بطائرتين من أحدث جيل من طراز Ofek-13 في أربع سنوات مقابل مليار دولار. وهذا هو أكبر عقد تم توقيعه حتى الآن مع إسرائيل.
وتتواصل العقود القادمة لصناعة الأسلحة الإسرائيلية مع المغرب، بشراء طائرات بدون طيار من طراز Heron، وSkyLock Dome لإسقاط طائرات العدو بدون طيار، ونظام باراك MX المضاد للصواريخ. وفي عام 2023، كانت إسرائيل بالفعل المورد الثالث للمملكة (11 في المائة من الطلبات)، بعد الولايات المتحدة وفرنسا، وفقًا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام. وبهذا المعدل، سيتم إزاحة فرنسا قريباً من المركز الثاني.
لطالما كانت العلاقات بين المغرب والدولة العبرية جيدة خلف الكواليس، خاصة منذ الثمانينيات. بل إن شمعون بيريز، رئيس الوزراء آنذاك، ذهب إلى الرباط عام 1986 للقاء الملك الحسن الثاني سراً. وتجددت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في ديسمبر 2020، عندما انضم المغرب إلى اتفاقيات أبراهام بناء على طلب الرئيس دونالد ترامب، مقابل، الاعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وقد حلّ أعضاء الحكومة الإسرائيلية بالرباط للتوقيع على الاتفاقيات. منهم بيني غانتس، وزير الدفاع، الذي جاء لأول مرة في نوفمبر 2021 لإبرام اتفاقية تتعلق بالدفاع والتعاون الصناعي في مجال التسليح والتدريب العسكري. وقد سبقت رحلته زيارة أفيف كوخافي، رئيس الأركان. وكان من المفترض أن يقوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بزيارة للمغرب في خريف عام 2023، لكن اجتياح غزة عطل كل الخطط.
فما إن بدأ الاجتياح حتى اختفى الزوار الاسرائيليون أو أصبحت زياراتهم أكثر سرية، مثل عمير بيرتس، رئيس شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، الذي كانت زيارته للمغرب خاطفة. وفي الأشهر الأخيرة، قامت السلطات المغربية بالتفاتات لم تقم بها أي دولة عربية أخرى، ولا حتى إسبانيا، تجاه إسرائيل. ففي بداية يونيو 2024، توقفت سفينة الإنزال الكبيرة INS Komemiyutm، التابعة للبحرية الإسرائيلية، والتي كانت متجهة من بينساكولا (الولايات المتحدة) إلى حيفا (توقفت) في ميناء طنجة. وفي ديسمبر ، تم إرسال نسيم قليبات، وهو عربي إسرائيلي متهم بالإرهاب، إلى إسرائيل على الرغم من عدم وجود معاهدة لتسليم السجناء بين البلدين.
ومع ذلك، فإن المغرب هو بلا شك الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، وربما الدولة العربية، التي كانت المسيرات المؤيدة للفلسطينيين هي الأكثر تكرارا والأكبر عددا. وقد تم تنظيم هذه الاحتجاجات، التي دعت إليها جبهة لدعم فلسطين، وضد التطبيع ، وهو ائتلاف يهيمن عليه إسلاميو جماعة العدل والإحسان، حتى في المناطق النائية. وفي الرباط والدار البيضاء، تجمع مئات الآلاف من الأشخاص. ويطالب المتظاهرون، الذين ما زالوا يخرجون إلى الشوارع، بشكل خاص بإلغاء الاتفاقيات مع الدولة اليهودية. وكشف الباروميتر العربي في يونيو الماضي أن 13 في المائة فقط من المغاربة يؤيدون هذا التطبيع مع إسرائيل، بينما كانت النسبة قبل الحرب هي 31 في المائة.
ووصل الاحتجاج أيضًا إلى الجامعات، بما في ذلك جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، وهي مؤسسة خاصة ترتادها النخب، حيث يدرس فيها ولي العهد مولاي الحسن. وفي نهاية شهر ماي، أرسل 1256 طالبا رسالة إلى رئيسها هشام الحبيتي، يطالبونه فيها “بقطع العلاقات” مع شركائها الأكاديميين الإسرائيليين الثمانية.
لقد تسامحت السلطات المغربية مع الاحتجاجات، ووفقا للمعايير المغربية، فقد كان قمع أولئك الذين يعارضون بشدة “التطبيع” مع الدولة اليهودية فاترا. وآخر من حُكم عليه هو إسماعيل الغزاوي، الناشط في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). بحيث حُكم عليه بالسجن لمدة عام بتهمة “التحريض على ارتكاب جرائم ومخالفات باستعمال وسائل إلكترونية”، لأنه دعا على وجه التحديد إلى مقاطعة متاجر كارفور وسفن الحاويات ميرسك.
وحتى لا تتعارض حكومة نتنياهو مع الرأي العام، فقد قدمت بعض الخدمات للقصر الملكي المغربي، المركز الحقيقي للسلطة. وعلى وجه الخصوص، سمحت بإرسال عدة شحنات من المساعدات الإنسانية والمنتجات الطبية من المغرب لسكان غزة، والتي بدأت في مارس 2024 بإسقاط جوي. وقد تم نشر خبر هذه الشحنات على نطاق واسع في المغرب.
كما ساعدت السلطة الفلسطينية في تبييض صورة القصر. وهكذا أعرب حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، مؤخرا عن “تقديره الكبير” للملك محمد السادس والحكومة المغربية “لجهودهما المتواصلة لحل أزمة الأموال الفلسطينية”. فمنذ أكتوبر 2023، احتجزت إسرائيل مليار دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة.
لماذا يصر المغرب بأي ثمن على الحفاظ على علاقاته مع إسرائيل، أو حتى تعزيزها، في حين أن الحرب الدائرة في غزة لا تحظى بشعبية كبيرة؟ فخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005)، فعلت الرباط العكس من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل التي كانت سارية المفعول منذ 1994.
لا شك أن هناك تفسيرا مزدوجا لذلك. إن المغرب بلد في حالة حرب، حتى لو كانت الحرب التي يشنها ضد جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، شديدة الانخفاظ. ولكن خلف المتمردين الصحراويين تقف الجزائر، القوة العسكرية الرائدة في إفريقيا. والصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة ضمها المغرب بين عامي 1975 و1979.
وفي علاقته مع إسرائيل، فإن “العنصر العسكري مهم للغاية لأنه يتجاوز مسألة الأسلحة”، كما توضح انتصار فقير، مديرة برنامج شمال إفريقيا في معهد الشرق الأوسط. وتضيف: “هناك رغبة في تبادل الخبرات والتزام أعمق بالتعاون العسكري”. وفي مواجهة أعداء المغرب، الذين هم أيضا أعداء إسرائيل، فإن الدولة العبرية تعرض نفسها للخطر أكثر مما فعل شركاء المملكة الأوروبيين.
ويساعد عمق العلاقات مع إسرائيل أيضًا على فتح الأبواب في وجه المغرب في واشنطن. إذ تحتاج الرباط إلى الولايات المتحدة لتعزيز قبضتها على الصحراء الغربية. لقد اتخذ ترامب بالفعل خطوة كبيرة في عام 2020، ولكن سيكون من المرغوب فيه أن يفعل المزيد في نظر الدبلوماسية المغربية. ومنذ عام 2007، اقترحت خطة موجزة للحكم الذاتي للصحراء في إطار السيادة المغربية. ومنذ عام 2022، حظي هذا الحل المغربي بقدر معين من الدعم، لا سيما من إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة.
وتأمل الرباط الآن في الحصول على “نوع من المباركة الدولية النهائية على صحرائها” خلال مؤتمر كبير” برعاية الولايات المتحدة والذي ينبغي عقده في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يوضح هيو لوفات، مدير المشروع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. ويضيف: «الاتصالات الدبلوماسية جارية لهذا الغرض».
وفي ديسمبر 2020، عقد ترامب صفقة مع الملك محمد السادس: الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء مقابل إعادة العلاقات مع إسرائيل. ما هو الثمن الذي سيدفعه المغرب هذه المرة؟ ليس لدى هيو لوفات أدنى شك في هذا: “لعب دور معين في غزة، بمجرد انتهاء الصراع، وبموافقة الأطراف المعنية”. ففي نهاية المطاف، اقترحت إدارة الرئيس جو بايدن بالفعل، في ماي 2024، إنشاء قوة حفظ سلام عربية تضم المغرب ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وفي البيان الصحفي الذي نشرته وزارة الخارجية يوم 27 يناير بشأن المحادثة الهاتفية بين ماركو روبيو ونظيره المغربي ناصر بوريطة، تركزت المحادثة بشكل أساسي على “تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن وريادة المغرب في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة”. وبالتالي، فقد انتقلت العلاقات الثنائية إلى دور ثانوي.
وللحفاظ على كل فرص نجاحها مع إدارة ترامب، استغرقت الدبلوماسية المغربية أربعة أيام للرد على خطة الرئيس الجمهوري لإفراغ غزة من سكانها وتحويلها إلى منتجع ساحلي فاخر في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتوزيع سكانها بين مصر والأردن. ولم يجرؤ ناصر بوريطة على انتقاد الاقتراح علناً، على عكس غيره من القادة العرب أو الأوروبيين. وفي 9 فبراير، اقتصر على التذكير بأن “المغرب يدعم دائما وحدة الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية وكذلك إنشاء الدولة الفلسطينية”. سليمان للريسوني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى