منع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي: قرار بيولوجي بتأثير اقتصادي مباشر

متابعة : رحال الأنصاري
اتخذت السلطات المختصة في قطاع الصيد البحري قراراً حاسماً بمنع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال فترة الراحة البيولوجية للأخطبوط، وهو إجراء يهدف إلى الحفاظ على التوازن البيئي وحماية أحد أهم الموارد البحرية على السواحل الجنوبية. غير أن هذا القرار، ورغم خلفيته العلمية، يحمل أبعاداً اقتصادية عميقة بالنسبة للصيادين والفاعلين في القطاع البحري.
الحبار… مورد اقتصادي حيوي في الجنوب
يمثل الحبار ثاني أكثر الأنواع الرخوية استهدافاً بعد الأخطبوط في مصايد الجنوب، إذ بلغ متوسط مساهمته نحو 35% من الكميات المصطادة خلال العقد الماضي. ويعتمد عليه مئات المهنيين في سلاسل الصيد والتسويق والنقل، فضلاً عن كونه مورداً ذا قيمة مضافة عالية في التصدير، خاصة للأسواق الآسيوية والأوروبية.
وقد سجلت الكميات المصطادة من هذا النوع زيادة كبيرة بنسبة 81% بين سنتي 2022 و2023، ما يعكس الطلب المتزايد عليه، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى ضغوط استغلالية قد تكون غير مستدامة.
بين حماية المخزون والحفاظ على الدخل
يضع قرار المنع المؤقت مهنيي الصيد أمام معادلة صعبة: التوفيق بين ضرورة حماية المخزون الطبيعي للحبار وبين ضمان استمرارية الدخل الفردي والجماعي للمهنيين العاملين في القطاع. ففي فترات التوالد، تكون فرص صيد الحبار سهلة نتيجة تجمعه في المياه الساحلية، لكن ذلك يؤدي إلى استنزاف الأفراد القابلة للتكاثر، مما يهدد مستقبل النشاط.
ويؤكد باحثون في المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أن استمرار الصيد في هذه المرحلة قد يُفرغ المصايد من محتواها، ما سينعكس سلباً على الإنتاج والدخل في المدى المتوسط والطويل.
التدبير البيئي كاستثمار اقتصادي
رغم التخوفات الأولية، ينظر بعض المهنيين بإيجابية إلى القرار باعتباره استثماراً بيئياً واقتصادياً في آن واحد. فالحفاظ على دورة التوالد الطبيعية يضمن وفرة مستقبلية واستقراراً أكبر في الكميات المصطادة. كما أن هذا النوع من التدابير يفتح المجال أمام تنفيذ سياسة استغلال ذكية ترتكز على فترات السماح والمنع الموسمي بما يخدم التوازن الاقتصادي والبيئي معاً.
ضرورة مواكبة المهنيين
غير أن تنفيذ القرار يحتاج إلى مواكبة اجتماعية ومادية للمهنيين، خاصة الصغار منهم، من خلال بدائل مؤقتة أو دعم مالي مباشر، حتى لا تتحول حماية المورد إلى عبء اجتماعي يثقل كاهل الفئات الهشة في القطاع.
خاتمة
منع صيد الحبار خلال فترة الراحة البيولوجية ليس فقط إجراء علمياً بيئياً، بل قرار اقتصادي استراتيجي على المدى البعيد. نجاحه يتوقف على وعي الجميع بأهمية التوازن بين الاستغلال والحماية، وعلى استعداد الدولة لمواكبة المرحلة الانتقالية بسياسات مرنة وداعمة للمهنيين.