لماذا نستطيع السخرية من الأديان لكننا لا نستطيع إنكار الهولوكوست ؟
كمية السخرية من المسيحية واليهودية في العالم الغربي تفوق في حجمها ونوعها كمية السخرية من الإسلام… والمسلمون من أكثر الشعوب تورطا في خطابات العنصرية ضد اليهود والسود والمرأة، وحتى ضد الأقليات الإسلامية كالإسماعلية والأحمدية والدروز!
بقلم: حسين الوادعي.
عن موقع: مرايانا.
لماذا نستطيع السخرية من الأديان، لكننا لا نستطيع إنكار الهولوكوست أو معاداة السامية؟
هذا هو السؤال أو الحجة التي يطرحها كثير من المسلمين لتبرير موقفهم من منع الرسوم الساخرة.
أنا أؤمن دائما إنه لا يوجد سؤال غبي، لكن توجد أسئلة تعبر عن غيبوبة عن قيم العصر ومفاهيمه.
جفي الدولة العلمانية الحديثة، تستطيع أن تنتقد أو تسخر من أي دين سواء كان المسيحية أو اليهودية أو الإسلام. قبل فترة، بثت نتفلكس مسلسلا تلفزيونيا صوّر المسيح على شكل رجل شاذ جنسيا ولم يحدث أي شيء. (تخيلوا لو كان المسلسل مثلا عن نبي الإسلام!)
كمية السخرية من المسيحية واليهودية في العالم الغربي تفوق في حجمها ونوعها كمية السخرية من الإسلام.
إنكار مذبحة قتل فيها ما بين 3 إلى 6 ملايين شخص، عمل غير أخلاقي ونابع من نظرة تحريضيه عنصرية ضد اليهود.
لكن، في حين تستطيع أن تسخر من اليهودية ومن تصرفات اليهود، لا تستطيع أن تمارس خطابا تحريضيا ضدهم مثل ذلك الخطاب الذي يروجه المسلمون في مناهجهم وإعلامهم وخطابهم السياسي، ويصورون فيه اليهود على أنهم أحفاد القردة والخنازير وفاسدون بطبعهم لا بد من إبادتهم مصداقا للأحاديث النبوية!!
وعندما يحتج المسلم بقانون معاداة السامية ويطالب بمعاملة الإسلام نفس المعاملة، فنحن هنا أمام احتجاج منافق؛ فالمسلم وخطابه الديني خطاب متطرف جدا في معاداته للسامية… وهذا الخطاب هو سبب صدور قانون إنكار الهولوكوست الذي كان نتيجة المشاعر المعادية للسامية في أوروبا.
إنكار مذبحة قتل فيها ما بين 3 إلى 6 ملايين شخص، عمل غير أخلاقي ونابع من نظرة تحريضيه عنصرية ضد اليهود.
مرة أخرى لا زال المسلمون من أكثر المتورطين في إنكار الهولوكوست ظنا منهم أنهم بهذا يدافعون عن فلسطين، وهو ظن خاطئ… ولو طالبت بالتعامل مع انتقاد الاسلام بنفس طريقة التعامل مع إنكار الهولوكست، فعليك أولا ان تتوقف عن إنكار الهولوكست لكي لا يكون طرحك منافقا ومتناقضا.
ما دامت الرسوم مارست حق السخرية دون تحريض أو تقييد لحق المسلمين في عبادتهم، فهي داخلة في صلب حرية التعبير ومحمية بقوانينه
وقد كان الغرب عادلا جدا تجاه المسلمين عندما فرق بين النقد الساخر والعلمي من الإسلام وبين الإسلاموفوبيا. والفرق بينهما أن الاسلاموفوبيا خطاب تحريضي ضد المسلمين يعاقب عليه القانون.
وما دامت الرسوم مارست حق السخرية دون تحريض أو تقييد لحق المسلمين في عبادتهم، فهي داخلة في صلب حرية التعبير ومحمية بقوانينه.
وكما لليهود قانون معاداة السامية، فإن المسلمين لديهم الإسلاموفوبيا وقوانين مكافحة الخطاب التحريضي ضد الأديان أو المهاجرين.
يجادل بعض المسلمين أيضا بكون الغرب يجرم الخطاب العنصري ضد السود وضد المرأة، فلماذا لا يتم تجريم انتقاد الإسلام بالمثل؟!
مرة أخرى، الإسلام دين وليس عرقا أو جنسا. نقد الإسلام والسخرية منه ليس عنصرية. العنصرية هي تحقير السود والتعامل معهم كعبيد (ولا زالت العبودية حكما ثابتا في الشريعة الاسلامية). العنصرية هي تحقير المرأة واعتبارها في منزلة أدنى من الرجل (وهذا هو جوهر الخطاب الإسلامي ضد المرأة التي يراها ناقصة عقل ودين وميراث وشهادة ونافذة للفتنة والفساد).
معاداة السامية عنصرية، وإنكار الهولكوست صدى لعنصرية مكبوتة في أوروبا، وتحقير السود والمرأة عنصرية، والتحريض ضد المسلمين عنصرية…
المسلمون لا زالوا من أكثر الشعوب تورطا في خطابات العنصرية ضد اليهود والسود والمرأة، وحتى ضد الأقليات الإسلامية كالإسماعلية والأحمدية والدروز!
لكن نقد الأديان والسخرية منها حق من حقوق التعبير. وهناك قول شهير في الغرب مفاده أن لا معنى لحرية التعبير إن لم يتضمن حرية الإساءة:
Freedom of speech means nothing without the freedom to insult!.