بقلم: المؤرخ تامر الزغاري
تم بنائها بعد أن نجح صلاح الدين الأيوبي بتحرير القدس من الفرنجة عام 583 هجري الموافق 1187م، وأما سكانها فقد أتوا من بلاد المـــــــغرب العربي من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا ومن الأندلس أيضا، وهما قسمان قسم من المجاهدين المغاربة الذين قاتلوا في جيش صلاح الدين الأيوبي، وقسم آخر من المغاربة الحجاج الذين إستقروا في هذه الحارة خلال القرون اللاحقة، فقد كانت هذه الحارة يمر عليها الحجــــــــــاج المغاربة الذاهبين إلى الحجاز لأداء مناسك الحج والعمرة.
–
وكانت بدايتها عندما قام صلاح الدين الأيوبي بمكافأة المغاربة بتسمية الباب الذي دخلوا منه محررين بإسم “باب المغاربة” وبإسكانهم في منطقة قريبة من الأقصى إسمها “ساحة البراق”، والتي لها قدسية خاصة لأن رسول الله ﷺ نزل بها ببراقه ليلة الإسراء والمعراج.
وقال صلاح الدين الأيوبي عن المغاربة:
“أسكنتُ هنا من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يُؤتـَمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة”،
وقال أيضاً:”المغاربة قوم لا نؤتى من قبلهم”.
ثم أتى بعد صلاح الدين الأيوبي إبنه السلطان علي بن صلاح الدين الأيوبي ليجعل حي المغاربة وقفا على أهل المغرب لا يباع ولا يشترى إلى يــوم الدين، وكان حي المغاربة يضم حوالي 135 مبنى على مساحة 145 ألف متر مربع وهو بمساحة 5% من مدينة القدس، واحتضنت هذه الحارة عدداً من المؤسسات الدينية والوقفية والمدارس والزوايا والتي لعبت دوراً بارزاً في الحركة العلمية والفكرية والدينية في القدس إبانّ العصر الأيوبي، ثم العصرين المملوكي والعثماني.
–
–
وفي عام 1960م وبعد أربع سنوات من إستقلال المغرب من الإحتلال الفرنسي، زار القدس ملك المغرب محمد الخامس، وقدم نفسه بصفتـــــــــه الوصي على حارة المغاربة والمسؤول عن تلبية متطلباتها، واعتبر أن هذه الحارة امتدادها في المملكة المغربية فقط دون باقي دول المغــــــــرب العربي.
–
ولكن للأسف في عام 1967م وقعت القدس تحت الإحتلال العبري، وقاموا بتدمير حارة المغاربة، بما فيها من إرث تاريخي ومعماري، ولم يكن هنالك أي رد مناسب، وحتى تم تهجير المغاربة من حارتهم، وكان لليهود المغاربة الذين يعيشون في المغرب حياة عزيزة، دور في تهجير المغاربة الذيـــــن يعيشون في حارة المغاربة في القدس.
–
واليوم وعلى مواقع التواصل الإجتماعي كلما يتم ذكر حارة المغاربة نجد قسمان قسم يربط هذه الحارة بالمملكة المغربية فقط، وقسم يربطها ببلاد المغرب العربي، وبالنسبة لي كل بلاد المغرب العربي غالية على قلبي، وسكان هذه البلاد هم أشقاء صادقين بحبهم لفلسطين، ولكــــــــــــــن كلا القسمين لا يدركون بأن هذه الحارة اليوم لم يعد فيها مغاربة وأن سكانها أصبحوا من اليهود.
–
وأما الغريب أيضاً فهو قيام الحكومة المغربية بتوقيع اتفاقية سلام مع الاحتلال وقيامهم بالإعتراف به عام 2020م، ولم يتطرقوا في هذا الإتفاق إلـى الحق المغربي في حارة المغاربة، ولم يطالبوا حتى بإعادته أو بإعادة الحقوق لسكانه المغاربة، ولذلك حينما أرى القسم الذي يقول بأن هذه الحارة تخص المملكة المغربية فقط إستغرب إغفالهم أو غفلتهم من تجاهل حكومتهم لهذه الحارة التاريخية في المدينة المقدسة.
** المصادر:
1) الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، مجير الدين الحنبلي
2) وقفات للأرض المقدسة، منصور سلامة
3) حارة المغاربة، رائف نجم
******
******