رسالة مفتوحة إلى القائد العام لكتائب القسام
.
موقع الجزيرة.
مولاي إسماعيل العلوي
حضرة القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، السيد: محمد الضيف المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخاطبكم أولا بالاحترام التام الواجب لجنابكم، فلستُ من الذين يستنكرون أو يدينون مقاومتكم المشروعة، فحق تقرير المصير ثابت في القانون الدولي، وهو مبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة،
وكلنا يعلم أن الجمعية العامة قد نصت في قرارها الصادر بتاريخ 4 ديسمبر، كانون الأول 1986 على “شرعية كفاح الشعوب من أجل استقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، والتحرر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح”.
فلكم الحق كل الحق في درء العدوان ودحر الاحتلال، ولكن اسمح لي بأن أتوجه إليكم بهذه الرسالة المفتوحة وأنتم في مخبئكم السري الذي يوجد في مكان ما تحت مجمع الشفاء الطبي بقطاع غزة العليا، حسب ما كشفت أكبر مخابرات الدنيا!
في صباح السابع من أكتوبر؛ تشرين الأول صدمتم العالم، بل لعبتم في إعدادات العالم، وتجرأتم على تحويل عجلة العالم، وتلاعبتم مع سبق الإصرار والترصد بأقوى “دولة” في الشرق الأوسط وجعلتموها اضحوكة أمام العالم؟
أما بعد..
فلا شك أن أخبار العالم، الذي يقف منذ أكثر من أربعين يوما على رجل واحدة، تصلكم هناك وأنتم في مقر القيادة العليا بما يسمى “مترو حماس”، وبما أنني ضمن ملايين الناس الذين شغلتهم بتلك المغامرة الهجومية غير المسبوقة، التي أطلقتم عليها “طوفان الأقصى”، فاسمح لي ان أستفسرك شخصيا بوصفك قائدا عسكريا، بعيدا عن المكتب السياسي، لأنك أنت من اتخذ ذلك القرار، ربما باستشارة رفيق دربك يحيى السنوار!
لقد اتخذتم قرارا خطيرا بتحطيم صورة رابع أكبر جيش في العالم، في غفلة من مخابرات العالم، واستخفاف بـ”عبقرية” أقوى جيش مدلل في العالم، فهل أنتم مدركون حقا ماذا فعلتم بالعالم؟!
لقد كان العالم نائما آمنا في السادس من أكتوبر، تشرين الأول، يختزن في ذهنه تلك القناعات التي أصبحت مسلمات: فـ”إسرائيل” رمز العبقرية اليهودية وقبلة التكنولوجيا العالية، وجيشها “لا يقهر” وجدارها الذكي لا يخترق، وبرامجها التجسسية تتسابق عليها دول العالم..
ولكن في صباح السابع من أكتوبر، تشرين الأول صدمتم العالم، بل لعبتم في إعدادات العالم، وتجرأتم على تحويل عجلة العالم، وتلاعبتم مع سبق الإصرار والترصد بأقوى “دولة” في الشرق الأوسط وجعلتموها اضحوكة أمام العالم؟
فقد شاهد العالم رئيس ما يسمى “إسرائيل” وهو يحمل ورقة مطبوعة بالألوان لتنظيم القاعدة بها خطوات صنع سلاح كيميائي، وقال مزهوا “إن الورقة وجدوها على حامل “يو إس بي” في جيب أحد قتلى حركة حماس بعد عملية 7 أكتوبر”، فجلب عليه طوفانا من التعليقات الساخرة..
أما رئيس أكبر دولة في العالم، الذي بلغ من الكبر عتيا وأصابه الخرف، فقد ظهر ارتباكه وكذبه الصريح في قصة “الاربعون طفلا” التي أملاها عليه رئيس وزراء دولة “الأربعون حرامي”!
فبالله كيف تمكنتم من فضح هؤلاء “الكبار” وبدون أي تكلفة تذكر؟!
فلكي تصل “إسرائيل” لزرع كل تلك القناعات في عقول الرأي العام العالمي استخدمت آلاف الشبكات والمؤسسات المتخصصة في الإعلام والعلاقات العامة، وأكيد أنكم سمعتم بـ “مشروع إسرائيل” (The Israel Project -TIP)، الذي يستهدف تحسين صورة “إسرائيل” والدفاع عنها في العالم عبر مختلف المنصات الدعائية، وأن تلك المؤسسات مدعومة بـ”الجيش السيبراني”، إذ نجحت فعلا في حصد التأييد للكيان الصهيوني في صفوف النخب السياسية في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، والغريب أنه في أول أسبوع فقط استطاعت وزارة خارجية عدوكم أن تحصل على 320 مليون مشاهدة لترويج سرديتها ضدكم، وفي الأسبوع الثاني من طوفانكم أنفقوا حوالي 7 ملايين دولار على منصة يوتيوب وحدها، حيث استطاعوا جذب 10 مليار تفاعل!
ولكن العجيب الغريب حقا أنه بعد أسبوع آخر فقط من الزمن عمت العالم صحوة غير مسبوقة…!
فبالله عليكم كيف فعلتموها؟!
ما وجدته عصيا عن الفهم، أن عدوكم أنفق الملايين من الدولارات لحشد الدعم الدولي والشعبي لسرديته، وحقه في “الدفاع عن نفسه”، ولكنكم حصلتم على دعم شباب العالم مجانا!
فقد جرف طوفانكم الغرب لأول مرة وانهارت السردية الإسرائيلية كما انهار الجدار الذكي والجيش الذي لا يقهر، رغم ما أنفق من مليارات الدولارات، قد ذهبت هباء!
لقد روجت “إسرائيل” لنفسها مركزا عالميا للتكنولوجيا العالية والابتكار، ورسخت “العبقرية اليهودية” في أذهان قادة العالم العربي والغربي والرأي العام، إضافة إلى نشر سرديتها وروايتها الخاصة للأحداث وحشد الدعم لسياساتها على المسرح العالمي، وآخر “منجزاتها” أن كشفت للعالم أجمع خريطة “ميترو حماس” بالتفاصيل، وها هي تعرف مكان قيادتكم بالضبط! فقد طورت الولايات المتحدة الأميركية و”إسرائيل” أساليب تقنية خاصة لقياس البصمات المغناطيسية والحرارية والصوتية لاكتشاف المنشآت الواقعة تحت الأرض، وها هي تراكم الآن رأي العين وأنتم أسفل “مجمع الشفاء الطبي” فأين تذهبون؟!
إن أجهزة “الموساد” بتعاون مع المخابرات الأميركية قد حددت أماكن احتجاز الرهائن الأبرياء من الأعداء! كما توصلوا عبر “عملية معقدة” إلى شبكة أنفاقكم تحت المستشفى الإندونيسي، وتم العثور على فتحة نفق!
ويبدو سيدي القائد العام، أن أحد رجالك المتهورين في القسام، قد ارتكب الخطأ الجسيم بتركه الحذاء القديم وفر حافي الاقدام، ويبدو أنه صاحب الدراجة التي استعملت يوم الاقتحام، والأخطر تركه سلاح كلاشينكوف قرب جهاز الرنين المغناطيسي القريب من الحمام! أما رفيقه في الكفاح فقد اختفى تاركا وراءه الزي الرسمي لكتائب القسام..
سؤالي باختصار شديد: هل هكذا يتم الفرار من العدو الجبان يا سيادة القائد العام؟!
وما وجدته عصيا عن الفهم، أن عدوكم أنفق الملايين من الدولارات لحشد الدعم الدولي والشعبي لسرديته، وحقه في “الدفاع عن نفسه”، ولكنكم حصلتم على دعم شباب العالم مجانا! حتى أن صحيفة عبرية قالت بكل صراحة: إن “غالبية العالم ينظر إلينا، نحن الإسرائيليين، كإرهابيين، في حين ينظر إلى يحيى السنوار ورفاقه من قادة حماس كمقاتلين من أجل الحرية”، كما أصبح الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” أيقونة الشعوب الداعمة للحرية حول العالم..
فبالله عليكم، أجبني بصراحة، كيف فعلتموها؟
لقد استمعت بإمعان إلى بيانك العسكري الأول بعد الضربة الأولى لطوفان الأقصى، حيث قلت بصراحة: “قررنا”، فكيف لكم أن تتخذوا قرارا بهذا الحجم وحدكم؟!
أما عن المعركة البرية فأرى بكل إنصاف أنها ليست متكافئة أبدا، فأنتم لم توفروا لعدوكم الفرصة المثالية لمنازلتكم، فلم تتركوا للجيش الجبان أية “أهداف عسكرية” واضحة، فلم يجد له المسكين بديلا إلا المدارس والمساجد والكنائس والمخابز والمستشفيات، فكيف يلام على ذلك؟
الجيش المغوار يعرف جيدا أنكم داخل الأنفاق، فكيف له ان ينازلكم في الميدان؟ أنتم تطلعون من تحت الأرض وهو لا يستطيع اللحاق بكم تحت الأرض، فرفقا بالجيش المرعوب!
وأخيرا، حضرة السيد القائد أبو خالد
أرى أنكم قد قمتم بـ”صدمة قوية” للعالم دون مراعاة نفسية العالم!
لقد استمعت بإمعان إلى بيانك العسكري الأول بعد الضربة الأولى لطوفان الأقصى، حيث قلت بصراحة :”قررنا”، فكيف لكم أن تتخذوا قرارا بهذا الحجم وحدكم؟!
بالله عليكم هل فكرتم في ذوي القلوب الضعيفة، أفتان أنت يا أبا خالد؟ هل تعلم أن من بيننا من لم يصدق لحد الآن أنكم أنتم من فعلها! ومنا من يؤمن إيمانا جازما بأنكم وقعتم في فخ إيراني! بل منا من يرى بأن “إسرائيل” هي من سمحت لكم باقتحام الجدار!! وأنكم شاركتم في مؤامرة هدفها “نكبة” جديدة في غزة! وبعضهم يرى أن بريطانيا العظمى هي “الشيطان الأكبر” وليس الولايات المتحدة الأميركية!
أرأيتم ماذا فعلتم بالأمة بعد طوفان الأقصى؟ كيف ترد؟
في انتظار ردكم في فترة الهدنة
تقبلوا سيدي فائق التقدير والاحترام..
مولاي إسماعيل العلوي
إعلامي مغربي مهتم بالشؤون الثقافية والسياسية في عالمنا العربي والاسلامي، عاشق لفنون القول والتعبير، ممارس للكتابة ومتابعة الافلام الوثائقية…