لأول مرة في تاريخها.. إسرائيل تمثل أمام محكمة العدل الدولية.
. هناك إشادة كبيرة ببراعة جنوب إفريقيا في اختيار المحكمة.. ما الذي يمكن أن تخسره إسرائيل سياسيا وقانونيا واقتصاديا من هذا الإجراء؟ وما المطلوب من المسؤولين الفلسطينيين أن يفعلوه؟ والعرب أمام اختبار أخير.
بناء على شكوى جنوب إفريقيا، ستَمْثُل إسرائيل يوم 11 و12 يناير الحالي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي؛ للنظر في دعوى اتهام جنوب إفريقيا لها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى.
وتطالب جنوب إفريقيا المحكمة بأن تأمر باتخاذ تدابير أولية لوقف إطلاق النار وأي عمليات عسكرية أخرى لحين الفصل في أصل الموضوع.
د.محمد البرادعي قال إن من حق جميع الدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية المشاركة في مداولات المحكمة، وتقديم حجج كتابية وشفوية، مشيرا إلى أن الحكم ضد إسرائيل سيكون له عواقب سياسية واقتصادية وقانونية كبيرة.
وقال البرادعي إنه يتصور أن تشارك جميع الدول العربية بفعالية عن طريق أفضل الخبراء القانونيين الدوليين في دعم دعوى جنوب إفريقيا، مؤكدا أن عدم مشاركة الدول العربية سيكون دليلا دامغا على أن الأنظمة العربية لا تمثل شعوبها، ووصمة عار لا يمكن محوها.
ولفت إلى أنه عندما تقدمت أوكرانيا بشكوى مماثلة ضد روسيا في عام 2022، تدخلت 22 دولة في مداولات المحكمة تأييدا لأوكرانيا.
في ذات السياق يرى السفير محمد مرسي أن هذا المُثول الذي يتم للمرة الأولي في تاريخ إسرائيل لا يعني بداية رضوخ إسرائيل للقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، ولكنه يعود إلي وهم سيطر علي قيادة إسرائيل بأنها الضحية وأن العالم سيتعاطف معها في المحكمة كما يدعمها الآن دون قيود أو خجل في حربها وقتلها وتدميرها لفلسطين وغزة أرضاً وشعباً وماءً وسماء.
ويضيف أن كل ذلك يعود إلي موقف أمريكا المندفع الأعمي الذي ترجم رضوخاً أمريكياً كاملاً لللوبي الصهيوني، وضغوط واشنطن علي حلفائها للالتزام بذات الموقف الظالم المتحيز لإسرائيل والذي يكيل بمكيالين.
ويتوقع السفير مرسي أن تمارس أمريكا كل نفوذها وضغوطها للدفاع عن إسرائيل في المحكمة، مشيرا إلى أنها ربما يراودها كما يراود حكام تل أبيب ذات الأمل في توجيه أصابع الاتهام ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال والقتل والتدمير وضد حماس رمز المقاومة والصمود والتي تصنفها أمريكا وآخرون جماعة إرهابية.
وقال إنه يتوقع كذلك استخدام إسرائيل وأمريكا لآخر تكنولوجيا العصر في تزييف المشاهد والوثائق والصور لإظهار (عنف وجرائم حماس والمقاومة الفلسطينية)، داعيا الفلسطينيين للتحسب لذلك وتوقعه وإعداد ملفاتهم بشكل يدحض ما قد تعرضه إسرائيل.
وقال إنهم لا تنقصهم الدلائل التي تبثها الفضائيات وعدسات الكاميرات من غزة والضفة وتظهر علي مدار الساعة وبشكل مباشر وجَلِيّ المستوي المرعب لجرائم الحرب الإسرائيلية.
وتابع متسائلا: “فماذا نحن فاعلون لدعم الفلسطينيين وجنوب إفريقيا في المحكمة؟
هل نكتفي بالتظاهر بالدعاء وببعض كلمات تخرج علي استحياء من عواصمنا العربية لا تسمن ولا تغني من جوع، وهدفها فقط إرضاء الرأي العام في الدول العربية وغيرها؟
أم نظل حالمين بنخوة المعتصم وهِمَّة صلاح الدين وعودة زمن المعجزات؟”.
وخلص إلى أن الأمل لا يزال يراوده في أن هناك بقية من ضمير حي في قاعة المحكمة وفي شوارع العالم الخلفية التي لم تهدأ أو تكِلّ عن مناصرة الحق الفلسطيني.
تصرف بارع من جنوب إفريقيا
من جهته وصف المفكر د. نادر فرجاني شكوى جنوب افريقيا للكيان الصهيوني لمحكمة العدل الدولية وليس للمحكمة الجنائية بأنه تصرف قانوني بارع.