اختفاء القاصرات ظاهرة اجتماعية تخفي وراءها العديد من المآسي الاجتماعية والأسرية
تختفي وراء حالات هروب أو اختفاء قاصرات من بيوت أسرهن، العديد من المآسي الاجتماعية، وكذا الآلام النفسية والجسدية، التي حملتها فتيات في عمر الزهور، كن ضحايا التغرير بهن أو هتك أعراضهن.
فوراء حالات الإبلاغ عن اختفاء قاصرات العديد من الأسئلة والفرضيات التي يعمل كل الفرقاء، من سلطات أمنية وقضائية ومجتمع مدني، على الكشف عن أسبابها والعمل على إيجاد حلول لها.
إن أغلب قضايا الاختفاء التي واجهناها خلال عملنا الميداني، تكشف إلى حد ما عن دور المؤسسات التعليمية في تتبع حضور التلاميذ، وأن ظاهرة الغياب يجب أن يتم التعامل معها بشكل إيجابي بالاتصال المباشر، بكل الطرق الممكنة مع الأسرة لإطلاعها عن الغياب، فضلا عن ضرورة وجود خلايا الاستماع إلى التلاميذ والتلميذات والقيام بدور المصاحبة التربوية.
إضافة إلى أن المؤسسات التعليمية، خاصة العمومية منها، عليها أن تقوم بصرامة شديدة بتتبع غياب التلاميذ، والتوفر على أندية تربوية لتأطيرهم وبناء جسور من التواصل معهم، وتأطيرهم وتوجيههم.
ومن الناحية القانونية، فإن المشرع المغربي أفرد عدة فصول لعقوبة هتك عرض القاصر، في الفصول 484 و485 و486 من القانون الجنائي، فضلا عن جريمة التغرير بقاصر حسب ما نص عليه الفصل 475 من القانون الجنائي، حيث أن القانون وضع حزمة من الإجراءات والنصوص التي تحمي القاصر.
كما أن خوف الضحية من وسطها الأسري هو الدافع، لإنكارها واقعة تعرضها للاغتصاب الجنسي، إذ أن الضغوط الأسرية، قد تكون سببا لعدم البوح بما وقع، رغم أن الآثار النفسية لمثل هذه الجرائم تكون صعبة للغاية.
ورغم الترسانة القانونية، وما أفرده المشرع من نصوص قانونية لحماية القاصرين، فإن ذلك يظل غير كاف، في غياب وعي مجتمعي بالظاهرة، وتدخل العديد من الجهات الأخرى، ومنها المدرسة والأسرة وكذا جمعيات الآباء وغيرها لتكون شريكا في مواجهة الظاهرة، وخلق مراكز للاستماع.
إن ظاهرة هروب القاصرات من كنف الأسرة لا يمكن الحكم عليها بحالة أو حالتين أو عشر حالات أو غيرها، على اعتبار أن هذه الحالات هي الاستثناء، وبالتالي فإنه يمكن القول إنها لا تهدد المجتمع، إلا أن هذه الحالات –رغم محدوديتها- يجب الانتباه إليها والتعاطي معها بإيجابية.
وبخصوص أسباب هذه الظاهرة، فإن فتيات في فئات اجتماعية أو أسرية تعاني الفقر، يقررن الهروب، بحثا عن حياة أجمل وعن وضع اجتماعي أحسن، نتيجة ما تسوقه بعض وسائل الإعلام سواء السمعية أو المرئية أو المكتوبة من حياة مثالية، لكنهن يصطدمن مع وضع مخالف تماما لما تم تسويقه لهن.
كما أن من بين الأسباب كذلك، التغرير الذي تكون ضحيته بعض الفتيات، ممن يلتقين بشباب عبر الهاتف أو الأنترنيت، وينسقن وراء المغريات، ويقررن الهروب من بيت أسرهن بحثا عن رغد العيش وعن النعيم الذي سيعشن فيه، قبل أن يكتشفن أنهن يطاردن السراب.
وعلى العموم، فإن المجتمع المغربي مازال في معظمه متمسكا بالعديد من القيم كالحرص على الأبناء وتوفير كل المستلزمات حفاظا عليهم، إذ أن الأسرة المغربية أكثر تعلقا بأبنائها وتضحي من أجلهم، لذلك وجب على الأسر أن تعتني بأبنائها اجتماعيا ونفسيا كذلك، والتخلي عن السلوكات التي تنظر إلى القاصر نظرة دونية، يغلب عليها التحقير والإهانة.
التوقيع: رئيسة جمعية صوت الطفل