الرواية بحث ومعرفة يكتبها الفرد بأصوات الجماعة
شعيب حليفي في لقاء ببنسليمان الرواية: الرواية بحث ومعرفة يكتبها الفرد بأصوات الجماعة
نظمت جمعية بنسليمان لحفظ الذاكرة والمجال وجمعية الشعلة للتربية والثقافة فرع بنسليمان بالتنسيق مع المركب الثقافي بنسليمان نشاطا ثقافيا، يروم تقديم قراءات نقدية في مؤلفي شعيب حليفي؛ سبع رسائل إلى صالح بن طريف، ورواية خط الزناتي، وذلك يوم السبت 25 ماي 2024 .
استهل زكرياء عريف منسق اللقاء كلمته بالترحيب بالروائي شعيب حليفي وبالمشاركين والحضور، إثر ذلك تناول الكلمة رئيس جمعية الشعلة للتربية والثقافة فرع بنسليمان، ثم عرض بورتريه مصور يعرف بالمنجز الروائي والمشروع النقدي لشعيب حليفي، مستعرضا إسهاماته النقدية والأدبية.
بعد ذلك، تناول الكلمة عبد الإله رابحي، مقدما قراءة نقدية بعنوان “الغابر الظاهر في رواية خط الزناتي”، مؤكدا على تعدد طبقات المعنى في روايات حليفي، وسماها بالتفريعات أو مفهوم المركب، واضعا لذلك احتمالات وفرضيات مفسرة لها، وهو ما يحضر في رواية خط الزناتي، وكأن هذه الأخيرة تكملة لسالفتها، فالزمن المهيمن فيها هو الزمن “الفوق تاريخي” المفعم بالعجائبية، عائدا إلى بنية العنوان ودلالته، خط الزناتي أو ما يعرف بعلم الرمل،مستحضرا خلفياته وجذوره التاريخية، وهو ما يعكس التجاذب الدائم بين التخييلي والتاريخي، وهو سرعان ما يتوحد في زمن واحد، مما أسهم في تشكيل لعبة سردية متميزة. كل ذلك جعل الناقد يصف الرواية ببعدها الرمزي.
في المداخلة الثانية، تناول الكلمة حسن الطالبي، معبرا عن سعادته الغامرة بالمشاركة في هذه الندوة، مؤكدا على مسلمة مفادها أن القراءة الواحدة لعمل ما غير كافية للإحاطة بكل عوالمه وحقائقه، متوقفا في هذا الصدد عند بعض الملاحظات حول خط الزناتي، من أبرزها، سلاسة السرد والبعد التصويري الإيحائي للغة الروائية، فضلا عن وقوفه عند بعض الظواهر الاجتماعية التي شكلت مدار الحكي في الرواية، وأبرز قدرة الروائي على استحضار كل هذه العناصر ودمجها في قالب واحد، مثل وصف الطيور (الكروان الصحراوي،أو ما يعرف ب”بوعميرة”، والظواهر الفلكية(تقلب الليل والنهار، حركة الشمس والقمر) وعالم الأبراج وعلاقتها بعالم الحيوان.
تلا ذلك كلمة رشيد كرايد، مُنوها بأصالة الكتابة الروائية عند شعيب حليفي على مستوى السؤال واستثمار التاريخ، ومُركزا على قراءة العتبات النصية وفق مقاربة تاريخية، تفكك العلاقة بين الأديب والمؤرخ.كما سلط الضوء على الرموز المضمرة وراء غلاف كتاب “سبع رسائل إلى صالح بن طريف”، مُستعرضا مختلف دلالات رقم سبعة من جهة،و إبراز الوظيفة التضمينية للعنوان من جهة أخرى. وفي ذات السياق، تطرق إلى التواشج بين التاريخ والسرد عند بول ريكور، بالاعتماد على مرجعيات أهمها الـتأويل ونظريات التواصل،ليخلص في الأخير إلى أن الخيال في السرد التاريخي، لا يوجد جزافا، بل هو أداة لإعادة تشكيل صور غير مكتملة تارة، والتفكير في الماضي برؤية موضوعية تنأى عن الكتابة الإيديولوجية تارة أخرى.
وارتباطا بكتاب “سبع رسائل إلى صالح بن طريف”، انتقل يوسف أبال مستجليا المستوى الأيقوني واللفظي والرمزي، وفق مقاربة كمية، تروم الكشف عن مسرد الكتاب من جهة، وتؤول دوافع تأليف الكتاب من جهة أخرى. كما وضح المتدخل القيمة الفكرية والنقدية للمؤلف، نظرا لقدرته على دفع القارئ نحو ثقافة السؤال والاعتراف عوض ثقافة التلقين والجمود ،مما يشي بملكة الوعي التاريخي لدى المؤلف في مساءلة الذاكرة الجماعية تارة، وإعادة التفكير في الهامش تارة أخرى. وفي الأخير استفسر المتدخل حول الحدود المنهجية والجمالية بين الكتابة الأدبية والكتابة التاريخية.
وفي التفاعل مع أسئلة الحضور، خص الأستاذ شعيب حليفي، أكد على ضرورة إعادة النظر في المسلمات بتفكير نقدي، بُغية الدفاع عن الثقافة المهمشة واستجلاء القيم الإنسانية عوض الارتكان إلى التاريخ الكولونيالي، خاتما كلمته بتوضيح معرفي مفاده أن المزاوجة بين التاريخ والرواية، يفضي إلى دروب جديدة تنحو منحى المرافعة عن الهوية ضد كل ألوان الطمس أو الإنكار، والمرافعة الحقيقية للرواية المغربية.
تقرير: يونس شفيق
أمين قزدار