فاضلي يكتب على صفحته : آن لبنكيران أن يمد رجليه.
بقلم : علي فاضلي عضو العدالة والتنمية.
لو كنت مكان عبد الاله بنكيران لاستقبلت حوار مصطفى الرميد مع الصحفي يونس مسكين بسرور بالغ، بالرغم مما تضمنه الحوار من أوصاف قاسية بحق بنكيران، وهتك لأسرار لقاءات خاصة.
من التزم بمنهج لزمه، وهو ما لم يفعله الرميد في حواره، بحيث بدا “صغيرا منهجيا”، فعندما كان يسأله الصحفي عن بعض الأحداث والأحزاب والشخصيات كان يرفض الدخول في التفاصيل وكان يجيب بانه اعتزل السياسية، وحتى عندما سأله الصحفي عن أسباب ابعاده عن رئاسة الفريق البرلماني قبل سنوات وعن مواقفه السياسية في تلك الفترة أجاب “ذلك ماض دفناه” !!
لكن عندما كان يسأله الصحفي عن تجربة الحزب وعن بنكيران والعثماني كان لا يتردد في الإجابة بتفصيل، حتى لو هتك أسرار لقاءات خاصة جدا متعلقة بملك البلاد.
غير ان الرميد في سياق مهاجمته لبنكيران وإرسال “رسائل من تحت الماء” قدم خدمة جليلة وتاريخية لبنكيران، بحيث نسف الرميد بخرجته عقودا من الأباطيل والافتراءات والاتهامات حول بنكيران وهي اتهامات لم يسلم منها حتى الجسم الداخلي.
لقد كشف الرميد معطى مهما غير معروف للغالبية الساحقة لمناضلي الحزب والرأي العام، حين كاد بنكيران أن يصدر بيانا رافضا لمشروع دستور 2011 بسبب التراجع عن ما تم الاتفاق عليه مع المستشار الملكي محمد معتصم رحمه الله، وبسبب ذلك الموقف القوي من بنكيران وبسبب الاتصالات التي اجراها الرميد مع وزير الداخلية كما صرح بذلك تمت العودة للمسودة المتفق عليها ومن أهمها التنصيب البرلماني للحكومة، وهو من أهم الاصلاحات التي تضمنها دستور 2011.
لم يسبق لبنكيران أن تحدث عن هذه الواقعة بشكل علني، وقد كان بإمكانه الحديث عنها لإبراز الدور التاريخي الذي قام به في لحظة حساسة من تاريخ المغرب والاعتزاز بذلك، لكن ما دام المبتغى الذي يساير تطلعات مختلف القوى الديمقراطية قد تحقق فقد تجاهل بنكيران القضية.
انه موقف اتخذه بنكيران بالرغم من موقفه المعلن من حركة 20 فبراير، ومن تصديه لأطروحة “لا سقف إلا سقف الشارع”، ودفاعه المستميت عن ثوابت الوطن، والذي تسبب له في اتهامات لا حصر لها من قبل كل القوى التي كانت مساندة لتلك الحركة، من قبيل “العمالة” و”الخيانة” وغيرها من الاتهامات الباطلة، اتهامات جعلت بنكيران محط احتجاج تلك القوى أينما حل وارتحل بالرغم من انه في المعارضة !!!
إنها قضية بالإضافة إلى ما كشفه الرميد من مواقف بنكيران اثناء رئاسته للحكومة والتي كانت تسبب–ويا للعجب ويا لمكر التاريخ- للرميد “الصقر” “الملكي البرلماني” مشاكل كثيرة، تبين حقيقة بن كيران وخطه الإصلاحي المبدئي، في وقت كان يتهم فيه من قبل قيادات في الحزب وجزء من مناضليه بأنه رجل “رجعي مخزني” مناهض للقوى الديمقراطية ومطالبها، بل واتهامات لا مجال لذكرها.
أكد حوار الرميد ثبات بنكيران على أطروحته الإصلاحية دون تململ، فلم يغيره موقع رئاسة الحكومة عن خطه الإصلاحي، بحيث دافع عن أطروحته من داخل موقع رئاسة الحكومة، وهو ما كلفه ما كلفه من نتائج، وهو نهج الزعماء الوطنيين الكبار الذين تشبثوا بأطروحاتهم الإصلاحية، وكانوا يقولون “لا” عندما يتطلب الأمر ذلك، مع الولاء والدفاع المبدئي عن ثوابت الوطن.
إنه نهج الدكتور عبد الكريم الخطيب رحمه الله، والذي أراد المرحوم البصري الحيلولة دون التحاق جزء من الحركة الإسلامية بحزبه، وحاول “توظيف” الرميد في ذلك كما اعترف الرميد بنفسه، لأن الدكتور الخطيب كما قال الرميد كان زعيما وطنيا برمزية تاريخية لا يستطيع البصري توجيهه.
بقي التساؤل مع الرميد: أين هي استقلالية الحزب التي كنت تدافع عنها و”كنتم” تتهمون بنكيران بخلافها. فمن يسمع لكلامه سيخرج بخلاصات صادمة، وهي على العموم محرجة لتاريخك.
لقد قدم مصطفى الرميد خدمة تاريخية لبنكيران لأنه أزاح عقودا من الضبابية في سويعات قليلة، لقد خدمت عبد الإله بنكيران من حيث أردت “طحنه”.