أخبار إقليم الجديدةالواجهةحقوق الإنسانصحة

المستشفى الإقليمي محمد الخامس … العنصر البشري والمعدات … خصاص مهول

زيارة خاصة

أعد الورقة أمين وغزلان قبل شهرين وقد تم تعديل بعض الفقرات وجعلها تتناسب والوضع الحالي للمستشفى .

لا بد لزائر المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة، أن يقف على الاختلالات التي يعرفها هذا المرفق الصحي، ولعل سمعته السيئة التي أصبحت على لسان كل الدكاليين، لم تكن حكم قيمة، بل مردها الخصاص الكبير في الموارد البشرية، خاصة في صفوف الأطباء المختصين والممرضات وانعدام بعض الآلات الطبية المهمة وضعف عدد من الخدمات الصحية، مقابل التراخي في تطبيق الواجب المهني والإنساني، أكبر دليل على أن هذا المستشفى لا يحمل من الصفة سوى الاسم.

ويعتبر المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة، نقطة سوداء داخل وزارة الصحة، ونموذج واضح للفوضى والتسيب والابتزاز، وفضاء للألم والمعاناة، في صفوف المرضى والمرتفقين والمرتفقات، الشيء الذي يثير الدهشة و القلق، ويربك العقول ويشكك في حقيقة وجدية مذكرات ومناشير الوزارة الوصية على القطاع التي تدعو إلى محاربة الفساد وإرساء آليات النزاهة والشفافية في تقديم الخدمات الصحية، فإلى أي حد تحترم إدارة المستشفى هذه المذكرات وتعمل بمنطوقها ؟

1/ مستشفى الاقليمي بالجديدة … فوضى وتجاوزات

يعرف المستشفى الاقليمي بالجديدة منذ تاريخ نشأته عدة تجاوزات وخروقات يصعب ايقافها او الحد منها، في ظل صمت ادارة هذه المؤسسة الصحية وعدم تدخلها من اجل ايقاف هذا النزيف الذي يؤثر سلبا وبشكل كبير على الخدمات المقدمة والواجبة لفائدة ساكنة اقليم الجديدة .

فلقد تعاقب على تسيير هذا المستشفى الاقليمي عدد من المدراء والمسؤولين، على أمل أن يتغير الوضع بهذه المؤسسة الصحية، لكن دون جدوى حيث أن الزائر أو القاصد من أجل العلاج، يجد نفسه بين المطرقة والسندان إما الإستسلام والخضوع لعملية الابتزاز من طرف مجموعة من عديمي الضمير، أو المغادرة إلى القطاع الخاص للصحة .

هذه الخروقات قد طالت أيضا بعض المستلزمات والتجهيزات الطبية التي من المفروض أن تكون حاضرة وجاهزة لتلبية الخدمات الطبية المستعجلة، فقد أظهرت مجموعة من الحقائق على أن بعض الأجهزة الطبية الغالية والثمينة تختفي بمجرد وصولها للمؤسسة الصحية بدريعة وجود أعطاب بها أو مبررات أخرى ، نذكر على سبيل المثال : le tube pour le skaner . وبعض اللوازم الأخرى كالمنظار وغيرها … في ظل غياب المراقبة والمحاسبة … كما أن القسم المكلف بالمعدات والتجهيزات والأطعمة بالمستشفى الإقليمي، يعرف هو الآخر تسيبا كبيرا من حيث التجاوزات في تسيير مطعم المستشفى الذي لا يستجيب لتطلعات المرضى وحميتهم، بالإضافة الى وجود تلاعبات كبيرة في مجال الصفقات المبرمجة بداخل أو خارج المستشفى مما يطرح مجموعة من التساؤلات ، حول مآل ميزانية التسيير بهذه المؤسسة الصحية .

كل هذه التجاوزات والخروقات التي لا تزال تطفو بالأفق تتطلب من مديرة المستشفى الإقليمي بالجديدة ، التدخل العاجل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها في إطار الشفافية والنزاهة ورد الإعتبار كذلك لهذا المستشفى الذي أصبح حديث كل لسان من حيث التجاوزات والخروقات .

2/ المستشفى الاقليمي محمد الخامس … “رخاها الله”

خصاص في الموارد البشرية واتجار في التدبير وسوء الخدمات عوامل أزمت وضعية المرضى وعائلاتهم .
«التطبيب العمومي في المغرب مجرد إشاعة» … عبارة لطالما اعتبرت تحاملا على المسؤولين الذين يدبرون هذا القطاع، لكن الواقع المزري وتردي خدمات مرافق العلاج ، أكدا أن هذا الوصف حقيقة لا يمكن تكذيبها، مسلسل تردي خدمات المستشفيات العمومية بالمغرب الذي حول حياة المرضى وذويهم إلى جحيم لا يطاق، مازال مستمرا رغم تعاقب عدة وزراء على القطاع ، ولعل المركز الاستشفائي الإقليمي محمد الخامس بالجديدة، أكبر دليل أن معضلة فشل الصحة بالمغرب وأنها تحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .

اذا كانت المستعجلات مصلحة لتسريع خدمات إسعاف المرضى، فإنها بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة عكس ذلك إذ يجد المرتفق نفسه رهينة انتظار قاتل، في انتظار أن يحين دوره، أو وصول الطبيب المختص المكلف بنوعية مرضه .

3/  المستعجلات … ” لا زربة على العلاج” :

من المفارقات العجيبة التي وقفنا عليها بقسم المستعجلات غياب عدد من الأطباء رغم الساعة تشير إلى العاشرة إلا ربع، وهو ما جعل عددا المرضى يعيشون على أعصابهم بعد تأخر حلول إسعافهم . وكشفت جولة بجناح المستعجلات، في ظل غياب أطباء متخصصين، مقابل وجود بعض الممرضات، حقيقة الاختلالات التي تعيشها باقي مرافق المستشفى، باعتبار أن المستعجلات هي الوجه الحقيقي لأي مستشفى .

وعلق أحد المرتفقين، الذي دخل في حديث جانبي على غياب الإهتمام بالمرضى الذين كانوا مزدحمين في كراسيهم « ما عرفناه واش مستعجلات أو مستوصف الحومة »، مادام أن المرتفقين يعهد لهم بالجلوس، وانتظار قدوم الطبيب المكلف بالعلاج دون اكتراث بعواقب ضياع الوقت على الصحة وسلامة الشخص المنتظر .

« جيت نفحص ولدي باش نكملوا إجراءات تخص حادثة سير، أما كون عولت على هادو كون ولى وليدي زحاف» عبارة تكشف الوضعية المزرية التي أصبح يعيش على إيقاعها هذا المرفق الصحي و تراجع منسوب ثقة الموطنين في نوعية خدماته .

وأوضحت الأم، التي كانت مصحوبة بابنها القاصر في حديث مع ممرضة، بعد مبادرتها بسؤال « واش جا الطبيب ؟»، أنها حلت رفقة فلذة كبدها منذ الصباح الباكر طمعا في ربح الوقت، قبل أن تصدم بتأخر الطبيب المختص الذي ينتظر منه فحص الإبن بهدف الحصول على شهادة تحتاجها لإتمام إجراءات الحصول على تأمين حادث سير . وكشفت المرأة وهي تتحدث بحرقة، دون أن تدري هويتنا الحقيقية، « واش غانقوليك أوليدي من الصباح وحنا هنا وتقول واش جا الطبيب، غير زحام اللي كاين دابا ليك كلشي»، مضيفة « ابني عالجته بمشتشفى بالبيضاء نظرا لانني أعرف وضعية هذاالمرفق» .

4/ غياب المراقبة و المحاسبة :

«الطبيب اللي كتسولي عليه مازال ماجا حيت كاع ما حاس بينا»، «هاد السبيطار ولات فيه السيبة والضعيف ليه الله» … من بين العبارات التي يتداولها المرضى وعائلاتهم، تعبيرا عن سخطهم على وضعية الفوضى، التي تسيطر على مستعجلات مستشفى محمد الخامس بالجديدة وباقي مرافقه .

ومن الأمور التي باتت مشهدا مألوفا بالمستشفى ، الإكتظاظ الذي يزيد من تأزيم وضعية المرضى المنتمين إلى فئات معوزة وهشة ويحتاجون إلى التفاتة إنسانية وضمير مهني لإسعافهم وخدمتهم لا لترك الحسرة في نفوسهم بسبب التراخي والإهمال وغياب الأطر الطبية وشبه الطبية وضعف في الخدمات، والانتظار القاتل للحصول على فرصة إجراء الفحص الذي طال انتظاره .

وتساءل عدد من المرتفقين وهم يتحدثون بحرقة «أين المسؤولون وأين الوزير الوصي على القطاع ؟ وأين آليات المراقبة لمعالجة الإختلالات ومحاسبة المتورطين، إعمالا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ينص على ذلك الدستور، أم أن العاملين بهذه المستشفى خارج المساءلة ؟

5/ المستشفى يشهد تسيبا وفوضى …

إلى ذلك يشهد المستشفى تسيبا وفوضى عارمة في كل الأجنحة، بدءا بطريقة معاملة بعض الممرضات والممرضين الحاطة بكرامة المريض، والمضايقات التي يتعرض لها المرضى والمرتفقون .

و باتت العديد من الحالات الإنسانية، تعيش وضعا صحيا صعبا، داخل أروقة المستشفى الجهوي محمد الخامس بالجديدة، بسبب المعاملة اللاإنسانية من طرف بعض الممرضات والممرضين والاختلالات والممارسات المشينة، وعلى رأسها الزبونية والمحسوبية أمام صمت وغياب المراقبة اللازمة من إدارة المستشفى الذي يعد المنشأة الصحية الوحيدة التي يقصدها المرضى من مختلف الجماعات الترابية التابعة للإقليم وكذا إقليم سيدي بنور .

ويبدو أن إدارة المستشفى لم تأخذ على محمل الجد منشورا سابقا لوزارة الصحة تدعو فيه الإدارات والمؤسسات الصحية لبذل مجهود أكبر من أجل تقوية آليات تعزيز النزاهة والشفافية في تقديم الخدمات الصحية . كما تجاهلت الادارة التوصيات الصادرة عن الوزارة والتي تلزم مسؤولي المستشفيات العمومية القيام بحملات تحسيسية لفائدة العاملين بالقطاع الصحي، على صعيد الوحدات التي تسهر على تقديم الخدمات الصحية بكل المصالح الاستشفائية ، وعلى رأسها مصالح المستعجلات، والإستشارات الطبية والتكفل بالولادات وطب النساء، من أجل تخليق المرفق الصحي والتصدي لكل حالات الفساد والرشوة، والتصدي بحزم لكل حالات الابتزاز وللوضعيات المشجعة على ذلك .

06/ النقص الحاد في الموارد البشرية :

لن يختلف إثنان من العارفين بخبايا المستشفى حول الخصاص المهول الذي يعرفه من حيث الأطقم الطبية وخاصة الأطباء والممرضون … بحيث هناك العديد منهم غادروا إما مستقيلين أو متقاعدين أو متوفين والوزارة لم تكلف نفسها عناء تعويضهم بهدف سد الخصاص الذي باتت تعرفه كل التخصصات التي بلغ البعض منها صفر طبيب .

وأمام هذا الوضع المقلق تناشد ساكنة عاصمة الدكالة التي تعاني الأمرين، المديرية الإقليمية للصحة بضرورة التدخل العاجل لإيقاف كل هذه الأشكال المستفزة .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى