غمزة : تحولات الزمان والمكان وضياع الأحلام
يتم استعراض التغييرات الجذرية التي تطرأ على حياتنا دون سابق إنذار، وكيف يؤثر ذلك على ذكرياتنا وأحلامنا وعلاقاتنا. النص يعبر عن حالة من الحنين والحزن بسبب فقدان أشياء وأشخاص كانوا يمثلون جزءًا هامًا من حياتنا، وكيف أننا نتكيف مع واقع جديد قد لا يشبه أحلامنا السابقة.

على غفلة منّا تغيّر الزمان فلم يعد هو الزمان الّذي عشناه و عشقناه و ترك بصماته على أعماقنا و تركنا بصماتنا على سويعاته ،و تغيّر المكان الحميم الّذي عرفناه و اعتدنا عليه و نزفنا طفولتنا و حكاياتنا و أحلامنا على ترابه… على غفلة منّا فقدنا الكثير من الأشياء و تنازلنا على الكثير من الأشياء ووجدنا أنفسنا فوق بقعة من واقع لا يمتّ لأحلامنا بصلة و جسّدنا أدوارا لا تناسبنا و لا تحمل ملامحنا و احتسينا الخضوع من كأس الظروف قطرة قطرة على غفلة منّا تغيّرت الوجوه من حولنا و كثرت الأقنعة أمامنا و تلوّثت الأعماق و سال الوحل كالأدوية في طرقات علاقاتنا الإنسانيّة و ساءت النوايا بلا حدود … على غفلة منّا فقدنا أشياء و فقدتنا أشياء و دمّرنا أشياء و دمّرتنا أشياء و ضاعت أحلام و ضاعت أوطان و نكّست أعلام و فقدنا شهيّة الحياة و الإستمرار و البقاء … على غفلة منّا أصبحنا على الرفّ المهمل من الحياة ووجدنا أنفسنا خارج سياج حكاية كانت لنا يوما وطنا و خارج حصون مشاعر كانت لنا ذات يوم أملا و خفتت الأنوار…على غفلة منّا بهت عالمنا الملوّن و إنطفأت شموعنا المضيئة و فقد الحب هويته و ذبل الورد فوق أسوار أحلامنا و فقدنا شهيّة الكتابة و شهيّة الرسائل و شهيّة الإنتظار و أشياء أخرى كنّا ذات يوم نمارسها بطفولة و إشتهاء و ربّما غباء … على غفلة منّا احترقت مدن أحلامنا و احترق أطفال أحلامنا و خمدت نار الحنين إليهم و هجرنا أطلالهم و أسدلت ستائر المشهد الأخير و بنى النّسيان أعشاشه في داخلنا … على غفلة منّا استسلموا و إستسلمنا للرّحيل فرحلوا و رحلنا ، غابوا و غبنا ففرّت من خلفهم أشياء ، كنّا نحتفظ بها في قفص الذّكرى و صندوق الذّاكرة ففرّ الأمان و فرّ الحنين و بقينا أسرى أسوار حكاية إحساس باءت بالفشل … على غفلة منّا إمتلأنا بالخوف و امتلأنا بالذلّ و إمتلأنا بالحزن و إمتلأنا باليأس و شهدت أعيننا سقوط مدنا من العزّة و الكبرياء قضّينا أجمل العمر و أكثر العمر في تشييدها … على غفلة منّا مرّت سنوات العمر كبرنا و تغيّرت ملامحنا في المرآة ، تضخّمت بين السنوات و جفّت أشجار أيامنا و نزفنا صحّتنا كالماء و أصبحت تفاصيلنا و طقوسنا تاريخا و إرتفع صفير القطار الأخير …على غفلة منّا رحلت أشياء و جاءت أشياء و تغيّرت أشياء و إختفت أشياء و إرتفعت أشياء و سقطت و بنيت أشياء و إنهارت أشياء و ضاعت أشياء و سرقت أشياء و دنّست أشياء.