بيروت بين جحيمين
وليد عبد الحي
ما أن اعلنت اسرائيل عن استهداف مقار ” مركزية لحزب الله واغتيال قائد الحزب” ، اتجه الشطر الاكبر من الاهتمام الشعبي والرسمي نحو مصير السيد نصرالله، وزاد الامر غموضا تضارب الانباء حول هذا الموضوع، فالاعلام الرسمي لحزب الله التزم الصمت تماما عن تناول الموضوع لا تصريحا ولا تلميحا، بينما الاعلام الايراني كان يروج اخبارا بأنه في مكان آمن بل ونسب لمسؤول الاعلام في حزب الله تأكيده بانه “في مكان آمن ولم يكن في المنطقة المستهدفة” ثم بدأ هذا الخبر يتوارى تدريجيا في نفس وسائل الإعلام ، وتكفلت قناة الجزيرة بنقل كل تصريحات الجيش الاسرائيلي التي بدأت شبه متأكدة من نجاح الاغتيال ثم تواتر النقل عن بعض الاعلام الاسرائيلي والغربي بعدم اليقين في هذا الموضوع، وكان هذا حال قناة العربية والRT وال BBC..وعاش الجميع تزامنا لجحيم القصف وجحيم اللهفة لمعرفة مصير القائد..
الاحتمالات:
يمكن سرد الاحتمالات (مع شرط التعامل معها بالتوازي لا بالترتيب) على النحو التالي:
1- ان السيد كان في المكان المستهدف ،وهو تحت الانقاض ، مما يستوجب الوصول اولا له ثم الاعلان ، فقد يكون ما زال حيا ، ولعل السوابق في القادة الذين تم اغتيالهم خلال الفترة الاخيرة تقدم دليلا على تكرار المشهد وكيفية الانتظار الى حين الوصول للجثة تحت الانقاض، بخاصة ان ازالة الأنقاض ما زال متواصلا ،وان عدد الشهداء يتزايد.
2- قد يكون تم الوصول الى السيد وهو مصاب بجراح بالغة، وهنا لا يجوز القول بانه مات او نجا، انتظارا للسيطرة على حالته ومعرفة النتيجة ثم الاعلان.
3- احتمال ان لا يكون فعلا بالمكان ولكن لاسباب معينة(امنية او سياسية ) يتم تأجيل نفي الاغتيال.
4- احتمال آخر هو ان الحزب يريد نصب ” كمين اعلامي” بتوريط اسرائيل في “تأكيداتها بنجاح الاغتيال” ثم يخرج السيد ليشكل ذلك صفعة للاعلام والاستخبارات الاسرائيلية، وهو ما يجعل مصداقية الاخبار الاسرائيلية أقل شانا.
5- قد يكون تأجيل الحزب اعلان استشهاد قائده مدفوعا بالرغبة في عدم ارباك قواته والتاثير على معنوياتها على الاقل في المرحلة الحالية حيث تلتهب الجبهة، والعمل على ترتيب الشأن القيادي قبل الاعلان عن ثبوت
الاغتيال بخاصة ان التواصل بين القيادات الميدانية اصبح اكثر تعقيدا وبطيئا بعد مجزرة البيجر(pagers).
لا شك ان المشهد مربك، ولكن من الضرورة ادراك ان التنظيم له اعتباراته في إدارة موضوع الخبر ،ولا يجوز ان نفرض عليه لهفتنا كمتلقين للخبر …ربما.