الواجهةمجرد رأي

قيامة الحروب، واستدارة الزمان

.

الحروب هي المحشر الأصغر؛ التي تسوق الناس إلى الله حسب نواياهم، وأعمالهم.. بقوة السنن الإلهية، حيث تجتمع فيها كل سنن الله في خلقه؛ ولا يسع لها إلا صدر المؤمن بسعة الإيمان، ويضيق بها صدر الكافر والمنافق والفاسق..
وكلٌ بائعٌ نفسه أو معتقها، أو موبقها.

وخير الناس من يتخذهم الله فيها شهداء.. لأن الحرب قيامتهم إلى الجنة.
ثم الذين يستبشرون بهم من خلفهم بالجهاد، والإيمان، وواجب الفداء.

وأما أهل النفاق والفسق فهم حصاد الحروب بسوء اعتقادهم، وهم أرخص الضحايا إن ماتوا أو عاشوا.. نعوذ بالله من حالهم.

وخطر في خاطري: أن الحرب قيامة صغرى؛ ينتقل منها الشهداء إلى القيامة الكبرى أحياءً بلا موت. لأن صيحة الجهاد عليهم كصيحة البعث والمحشر.. !.

وتأملت قول الله: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابَ #وَجِيءَ_بِالنَّبِيِّينَ_وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [سُورَةُ الزُّمَرِ: ٦٩]
فالتعبير بمجيء الشهداء مع الأنبياء.. ليس إلا أنهم لا يفزعون من صيحة الحشر.. بكان التعبير بالمجيء فيه تكريم لهم، وكأن القيامة عليهم قد هانت وهوَّنها الله عليهم بصيحة الجهاد والنفرة له. فجاء الله بهم بمقام الشهود على الأمم بجانب الأنبياء.

وللحروب موازين كموازين يوم القيامة.. فمن يجاهد من مثقال الذرة وما فوقها كان مجاهداً، ومن يخون الجهاد من مثقال الذرة فقد خان بحسبها.
وقال الله في سياق الجهاد: (ومن يغلُل يأتي بما غلّ يوم القيامة).

وللحروب صراطٌ أحَدُّ من السيف بين لهب القذائف.. لا تثبت على أهوالها قدمٌ إلا أقدام أخلص الناس وأصدقهم يقيناً.. من المجاهدين والمرابطين.

وللحروب أماني كأماني أهل النار، فيقول الذين استُضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذا تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسرُّوا الندامة لما رأوا العذاب..
وأي عذاب في الدنيا مثل عذاب الخيانة والنكال مع فساد المعتقد، بتطويع رقاب المسلمين لأهل الكفر بمواثيق الاستعباد والهيمنة؟!

فالتاريخ قد يستدير بدورته اليوم حول بيت المقدس، مثلما استدار يوم فتح مكة حين أعلن النبي صلى الله عليه وسلم انتهاء مرحلة الاستضعاف. وقال: (إن الزمان قد استدار اليوم كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض). أي استعاد دورته على سنن الله العادلة، بعد اعوجاج سنن البشرية العمياء.

وعودة دورة الزمان تكون بعودة جذر الإسلام بين القبلتين.
ولا يعلو جهاد بعد فتح مكة إلا بفتح بيت المقدس.. كما أنه بعد موسى عليه السلام لم يكن فتح بعد بيت المقدس إلا فتح مكة.
فهي دورات زمنية على هذا الكوكب بين القدس ومكة، وتتحول على تحولاتها كل الأمم.

وفي كل يوم تتحرك دورة الزمان برجاله وعظمائه.. في الاتجاه الذي يريده الله وحده.

اللهم إنا نستودعك غزة وكل أهلنا في فلسطين، ونستودعك المجاهدين فانصرهم وثبت أقدامهم.
واستعملنا اللهم حيث تحب ويُرضيك

️آدم الجماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى