كيف لا أسر بابتلائي وبه قد أكرمني ربي..!!؟؟
بقلم: عزيز اسحاب
هناك سنن خلقها الله تعالى وجعلها قواعد مضطردة وسارية في هذه الحياة على الجميع وخاصة على بني آدم . ومن هذه السنن سنة الابتلاء والاختبار والتمحيص.
هذه السنة يمكن تصنيفها إلى صنفين صنف عام وصنف خاص:
الصنف الأول مرتبط باستخلاف الإنسان في هذه الأرض مصداقا لقوله تعالى: ” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة …” وقوله سبحانه :”الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور” فالمقصود من خلق الموت والحياة هو الابتلاء ومداره ومركزه هو العمل سواء كان حسنا أو قبيحا حسب اختيار العبد وطبيعة كسبه.
يقول عز وجل:” ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون”الأنبياء 35 .
فالله تعالى يبتلي بالخير والنعمة لامتحان مقام الشكر ويبتلي بالشر وضيق الرزق لامتحان مقام الصبر. وكلا المقامين عاقبتهما الحسنى والجزاء الأوفى وزيادة.
الصنف الثاني وهو الخاص مرتبط ببلاء الاصطفاء وعلو الدرجات وخير نموذج في هذا الصنف نبي الله أيوب عليه السلام. قال عز من قائل :”وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين” الأنبياء 82 و83.
“واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب” إلى أن قال سبحانه:” إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب”.ص من 40 إلى 43.
إن قصة نبي الله أيوب في القرآن الكريم عبرة لرسول الله محمد عليه الصلاة والسلام في ما تعرض له في تبليغ الدعوة والأذى الذي وجده من قومه وعبرة لمن يأتي بعده من الدعاة والصالحين والمومنين عامة وتشتمل القصة على ثلاثة قواعد أساسية هي:
القاعدة الأولى: سنة الابتلاء سنة من سنن الله في خلقه.
القاعدة الثانية: عدم الاستسلام والعجز بل تجاوز البلاء بكل حركة وجهد يملكه الإنسان والأخذ بالأسباب.
القاعدة الثالثة: أن الابتلاء له ما بعده من النجاح والنصر والتمكين وتحقيق الأهداف، وأن ما يخسره الإنسان فترة الابتلاء يعوضه الله بأضعاف ما فقده بعد النجاح في الابتلاء.
ولقد ورد في الأثر عن أنس رضي الله عنه:”إن أيوب عليه السلام ابتلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة فرفضه البعيد والقريب إلا رجلين من إخوانه فكانا يغدُوان إليه ويرُوحان”.
.قال ابن حجر: “هذا أصح ما ورد في قصته.”
الدروس المستفادة من القصة:
ضرورة الأخذ بالأسباب
المصائب تأتي للرسل وهم أقرب الناس إليه اصطفاء واختيارا.
صدق اللجوء إلى الله وتفويض الأمر إليه.
الفرج يأتي بعد الشدة.
الابتلاء لا يعني هوان العبد على خالقه ( نموذج الأنبياء).
فائدة مصاحبة الصالحين.
المصاب يسعى لإزالة المصيبة بكل الوسائل فما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء.
وفي السنة عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فمسسته، فقلت:
يا رسول الله؛ إنك توعك وعكا شديدا، فقال:”أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت: ذلك بأن لك أجرين؟ قال: أجل، ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها “. رواه البخاري ومسلم.
“أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة”.أخرجه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني.
“ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها” رواه البخاري.
إن العبد عليه دائما وأبدا أن يلجأ إلى الله في السراء والضراء وفي العسر واليسر وفي المنشط والمكره وأن يملأ قلبه اعتقادا وإيمانا أن لا مجيب له إلا الله سبحانه وأن لا كاشف لما نزل به من البلاء إلا الله سبحانه خالق الأسباب فهو المعين وهو المجيب وهو الذي بيده مقاليد كل شيء.
وهذا الاعتقاد يُدخِل الراحة والطمأنينة في قلب المؤمن، ويجعل حياته هادئة مستقرة لا اضطراب فيها ولا قلق، ونفسه راضية مطمئنة ترضى بما كتبه الله عليها وتقبل بما قسمه لها.
المراجع:
٠منهاج المرحلة التأهيلية لحركة التوحيد والإصلاح الوحدة القيمية 1.
موقع الإسلام ويب.
3٠سورة الانبياء ،الاية 35.