وأخلاقية معقولة (Délai moral raisonnable) وفق ما توصي به لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية كما يجب ان تتمتع الجهة الداعية للإضراب بحق المباغتة (Le droit à l’effet de surprise) كما أقرته محكمة العدل الدولية.
- إذا كان الأمر يتعلق بالملف المطلبي:
فإن أجال الإخطار يكون أسبوعا (سبعة أيام) في القطاع الخاص، أسبوعين (خمسة عشر يوما) في القطاع العام.
- نشير إلى ضرورة الفصل بين مسار المفاوضات مع النقابات الأكثر تمثيلية سواء داخل المؤسسة أو داخل الإدارة أو على الصعيد الوطني، وتنظيم الإضراب مهما كان مصدر الدعوة إليه.
9- عرقلة حرية العمل واحتلال أماكن العمل:
تعتبر ممارسة حق الإضراب السلمي في أماكن العمل حقا مشروعا، وعليه فوجود العمال في أماكن عملهم لا يعتبر بأي حال من الأحوال احتلالا لأماكن العمل أو عرقلة للعمل. والإضراب المرفق بالاعتصام أمر مشروع لا يمكن أخذه كذريعة لأي تدخل من أي جهة كانت لفكه مادام سلميا ومتحضرا.
وبالتالي نرفض رفضا قاطعا اعتبار ممارسة حق الإضراب عرقلة واحتلالا لأماكن العمل. وعليه فإن محاولة ربط حق الاضراب بعرقلة حرية العمل واحتلال أماكن العمل هي في حقيقة الأمر محاولة صريحة لتجريم ممارسة حق الإضراب.
وفي هذا السياق يجب عبر هذه المادة نسخ وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الموروث عن الاستعمار والذي سقط سهوا اثناء صياغة القانون الجنائي بتزامن مع صياغة دستور 1962 وهو ما أكده المجلس الوطني لحقوق الإنسان كما طالبت به عدة فرق برلمانية وترافعت من أجله داخل البرلمان مند سنة 2014 معتبرة هذا الفصل متنافيا والحريات النقابية والحق في الإضراب.
10- تدخل القضاء الاستعجالي
باعتبار الإضراب حقا مشروعا فالدعوة له، لا تتطلب ولا تستدعي اللجوء للقضاء الاستعجالي لكون الأسباب الداعية للإضراب تدخل في النزاعات الشغلية وهي من اختصاصات السلطات الشغلية التي يجب تعزيز حضورها وأدوارها في حل هاته النزاعات، وبالتالي فإن الإقحام التعسفي للقضاء الاستعجالي يؤكد خلفية اعتبار ممارسة حق الإضراب جريمة يعاقب عليها القانون.
11- الفئات الممنوعة من ممارسة حق الاضراب والمرافق الحيوية والحق الأدنى من الخدمة:
الأصل في ممارسة حق الإضراب انه مكفول للجميع، وإذا كان هناك استثناء فيجب ان يعتمد أساسا على معايير منظمة العمل الدولية وعلى الدستور، من قبيل الموظفين حاملي السلاح والخاضعين لأنظمة أمنية، شبه عسكرية.
أما فيما يخص الحد الأدنى للخدمة في المرافق الحيوية، فلا يجب إدراجها ضمن هذا القانون التنظيمي بل يجب إحالتها على نصوص تنظيمية متفق عليها في إطار المفاوضات القطاعية أو المركزية للحوار الاجتماعي.
12- مسطرة التسخير:
ضرورة حذف هذه المادة جملة وتفصيلا باعتبارها مناقضة ومنافية ومعاكسة لمسار بناء دولـــة الحق والقــانون والديمقراطيــة، ولأنها تحيل على العمـل الـــقصري أو الجبـري (Le travail forcé) المحرم دوليا والذي ينتمي الى عهود بائدة من الدوس على الكرامة الانسانية.
13- العقوبات:
اعتبارا لكون حق الإضراب من الحريات والحقوق الدستورية الأساسية فلا يمكن بأي حال من الأحوال قبول وضع عقوبات سالبة للحرية أو أي نوع آخر من العقوبات الجنحية والغرامات. فمن الناحية المبدئية والأخلاقية، كيف يمكن معاقبة شخص أو جماعة من الأشخاص اضطروا للدعوة للإضراب بسبب مشغل ينتهك ويصادر حقوقهم القانونية بل الدستورية؟
مما يستوجب ويفرض الحذف الكلي للعقوبات كيف ما كان نوعها في هذا المشروع أو أي إحالة على قوانين عقابية أخرى.
علما أن جميع ما ورد في المشروع من مفاهيم حول الخروقات المستوجبة لعقاب، لا تعدو في حقيقة الواقع ان تكون تجاوزات يُــعاقب عليها.
وفي نفس السياق نحث مرة أخرى على ضرورة الإسراع في نسخ وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي.
ملاحظات إضافية
- إن الاتحاد المغربي للشغل ينبه كذلك إلى كون مشروع القانون يرمي الى الإجهاز على مجموعة من المكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة والحركة النقابية عبر مسارها التاريخي وكرستها عمليا لعقود من الزمن مثل عدم المساس بأجور المضربين. لكن هذا القانون يشرعن لهذا التطاول على أجور المضربين كعقاب لهم ولتخويفهم قصد ثنيهم عن ممارسة هذا الحق الكوني والإنساني.
إن قاعدة “الأجر مقابل العمل” التي هي حق يراد به باطل، تتعلق بعمل أو خدمة يقدمها شخص (المْعَلَمْ) لشخص أخر لا تربطهما علاقة تبعية وبالتالة فهي لا تجد مجالا لتطبيقها في إطار العلاقات الشغلية ذات العلاقة التبعية وفي النزاعات الجماعية.
وبالتالي من الضروري ترك هذا الموضوع للمفاوضات بين النقابات الأكثر تمثيلية الداعية الى الإضراب والمشغل أو الإدارة المعنية مع الاسترشاد بالاجتهادات في هذا المجال من قبيل التعويض بالساعات الاستدراكية، خصم أيام الإضراب من العطل السنوية، التفاوض بشأن أيام الإضراب الى غيرها من الآليات المتفق عليها.
- فيما يخص المادة 13 من مشروع النص: نرفض الشكل الذي وردت به في مشروع النص لأنها تشرعن في جزء كبير منها إمكانية تعويض عمال مضربين بعمال جدد وبالتالي يجب إبقاء المدة 13 على الشكل الثاني: “يمنع على المرفق الحكومي أو المقاولة أو المؤسسة خلال مدة سريان الإضراب أن ُتعوض العمال المضربين بعمال أخرين لا تربطهم بها أي علاقة عمل قبل تاريخ تبليغها قرار الإضراب”، وحذف كل ما تبقى من هذه المادة.
- فيما يخص المادة 14 من مشروع القانون: تتضمن مسطرة جد معقدة لتبليغ قرار الإضراب، وبالتالي وجب الاقتصار فقط على تبليغ المشغل أو من يمثله في القطاع الخاص، أو رئيس الإدارة أو من يمثله في القطاع العام.
- فيما يخص المادة 16 من مشروع القانون: يجب حذف المادة 16 برمتها من مشروع القانون، لأنها تحمل الجهة الداعية للإضراب، مجموعة من المهام الخارجة عن مسؤولياتها واختصاصاتها.
مع التأكيد على أن دور الجهة الداعية للإضراب منحصر فقط في تأطير سلمية الإضراب.
- فيما يخص المادة 18 من مشروع القانون: يجب الحذف الكلي لهذه المادة التي تنص على منع الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولة أو المؤسسة خلال سريان الإضراب والتي تتيح للمشغل وحده اللجوء للقضاء الاستعجالي من أجل استصدار أحكام زجرية في حق النقابيين والأجراء المضربين.
وعليه فهذه المادة تشكل ذريعة سانحة بأيدي المشغل لمنع أو تكسير الإضراب.
- فيما يخص المادة 19 من مشروع القانون: تمكن هذه المادة رئيس الحكومة السلطة من منع الإضراب أو وقفه لمدة محددة في الوقت الذي يتمتع فيه رئيس الحكومة بصفة السلطة التنفيذية وصفة المشغل في القطاع العام، مما يعتبر تناقضا وتضاربا
في المهام ويشكل خرقا دستوريا وتقييدا ومصادرة صريحة لممارسة حق الإضراب لدلك يجب حذف هذه المادة.
- في إطار آليات الحكامة التي تنص على التشاور والتحاور يجب التنصيص على التقييم المرحلي لهذا القانون وتحسينه وتتميمه عند الاقتضاء بما يضمن تعزيز حق ممارسة الإضراب.
تلكم مقترحات وملاحظات أولية تعبر عن موقف الاتحاد المغربي للشغل من الصيغة الحالية لمشروع القانون التنظيمي 15-97 لتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
والاتحاد المغربي للشغل بصفته المنظمة النقابية التاريخية والأكثر تمثيلية والمسؤولة والجادة التي تضع مصلحة البلاد والطبقة العاملة فوق كل اعتبار، يبقى معبأ ومنخرطا في كل الحوارات البناءة من أجل بلور قانـون تنظيمي لحق الإضراب، متوازن وعادل ومتوافق عليه من جميع الأطراف بما يكفل هذا الحق الدستوري وبما يكرس احترام حقوق الانسان عموما.
25 نــونبـــــر 2024