قراءة في قصيدة الشاعرة سناء يماني:”هل العيب في الهجر”؟
قراءة في قصيدة الشاعرة سناء يماني
هل العيب في الهجر
ام في بعد المسافات
في حفظ ربي
بعيد عن عيني
يا من هواه جعل
الشوق يرعاني
أنت هناك
جسدي هنا
قلبي وعقلي هناك
فمي يتبسم
كلما تذكر ثغره
أتصبب عرقا
كعروس عذراء
جميل الروح أرغب
سكناك في قلبي
وبك أسكن
إن كان نصيب بيننا
صبري يؤنسني
إلى أن ألقاك
لم أنساك أحيانا
إسمك في القلب نابض
يمناي تكتبه
ويلحنه شرياني ألحانا
سأظل أكتبك بحبر قلبي
إلى أن ألقاك
بقلمي سناء يماني
قراءة نقدية سيميائية لقصيدة بقلم سناء يماني
1. العنوان وعلاقته بالنص
العنوان “تذكر حبيبها الراحل” يضع القارئ مباشرة في سياق استذكاري يحمل في طياته الحنين والفقد. يُشير إلى علاقة انقطعت، ولكنها حاضرة بقوة في وجدان المتكلمة. هذا التناقض بين الحضور والغياب هو أحد مفاتيح فهم السيميائيات في النص.
2. المستوى الدلالي
النص يزخر بثنائية الحضور والغياب، حيث تظهر صور متعددة تعكس هذا الانفصام:
الهجر والمسافات: يُطرح سؤال وجودي في البيت الأول “هل العيب في الهجر أم في بعد المسافات؟” مما يعكس محاولة تفكيك أسباب الألم، وتداخل العوامل الذاتية (الهجر) والخارجية (المسافة).
الجسد والروح: يظهر الفصل بين الجسد والعقل كصورة سيميائية قوية “أنت هناك، جسدي هنا، قلبي وعقلي هناك”، حيث تصبح الروح هي الجسر الوحيد الذي يربط بين الحبيبين.
3. الأدوات السيميائية
الصورة الشعرية:
القصيدة غنية بالصور التي تخدم البناء العاطفي والدلالي. على سبيل المثال:
“فمي يتبسم كلما تذكر ثغره”: الثغر هنا رمز للحب والجمال، فيما يعبر التبسم عن استمرارية الذكرى الحية.
“أتصبب عرقاً كعروس عذراء”: استعارة تقارب بين توتر العاطفة وهيجان الذكرى وبين رمزية العذرية كبداية نقية للحب.
التكرار والإيقاع:
هناك تكرار لبعض الأفكار المحورية مثل “إلى أن ألقاك”، وهو تكرار يساهم في تكثيف إحساس الانتظار والترقب.
4. المستوى العاطفي
القصيدة تتحدث عن الحب كذاكرة نابضة، لا تموت حتى مع البعد الجسدي. استخدام كلمات مثل “نابض”، “شرياني”، و”حبر قلبي” يعطي انطباعًا بأن الحب هنا هو دماء تجري في العروق، أي أنه جزء لا يتجزأ من وجود المتكلمة.
5. المستوى السيميائي الثقافي
الكتابة كتخليد للحب:
في “سأظل أكتبك بحبر قلبي” نجد أن الكتابة ليست مجرد فعل لغوي بل رمز لاستمرارية الحب وخلوده. الكتابة هنا تتجاوز وظيفتها التقليدية لتصبح وسيلة للحفاظ على الحبيب “الراحل” حيًا في الذاكرة.
النصيب والصبر:
الإشارة إلى النصيب والصبر تربط النص بخلفية ثقافية عربية إسلامية، حيث يتم استحضار الإيمان كعامل تسكين للألم وتحفيز للأمل.
ومن هنا يمكن القول على أن قصيدة سناء يماني تمثل تجربة شعورية صادقة تعبر عن صراع داخلي بين الألم والأمل، الغياب والحضور، الجسد والروح. السيميائيات فيها تستند إلى صور عاطفية ورمزية قوية تحمل أبعادًا ثقافية وإنسانية شاملة، تجعل النص قريبًا من المتلقي وشاهدًا على عمق العلاقة بين الحب والذكرى.
حميد بركي