مجرد رأي

مغرب يلجأ إلى المساجد لمكافحة العنف ضد المرأة.

عادل نجدي
منقول عن موقع: العربي الجديد
استعانت السلطات المغربية بأئمّة المساجد من أجل محاربة العنف ضد المرأة في البلاد، وذلك عبر تخصيص خطبة الجمعة لموضوع موحّد وهو “الأمر بالإحسان إلى النساء وإكرامهنّ والنهي عن الإساءة إليهنّ أو تعنيفهنّ”. وهكذا وُحّدت خطبة الجمعة لتشدّد على مكافحة العنف ضد المرأة في المغرب، وذلك بالتزامن مع الحملة الوطنية الثانية والعشرين لوقف العنف ضدّ النساء والفتيات التي انطلقت في 25 من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وتستمرّ حتى العاشر من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وتضمّنت الخطبة الموحّدة، التي اقترحتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على أئمة المساجد في مختلف أنحاء المغرب، آيات بيّنات وأحاديث نبوية شريفة تخصّ تأطير العلاقة مع المرأة في داخل الأسرة والمجتمع، وذلك في إطار خطة “تسديد التبليغ”. وهذه إحدى الآليات الرسمية التي تهدف إلى تنظيم المجال الديني وضبطه، من خلال توجيه عمل المرشدين والوعّاظ بما يتماشى مع السياسات الدينية للدولة، علماً أنّ الخطة تركّز على تعزيز الوسطية والاعتدال.
وجاء في الخطبة أنّ “العنف ليس من الإسلام في شيء، بل هو مرفوض بجميع أشكاله وألوانه، وعدوان الرجل على المرأة كعدوان المرأة على الرجل، مرفوض شرعاً وعقلاً وعدلاً”، مشيرةً إلى أنّ “من أمثلة العنف والعدوان اللذَين يشيعان اليوم في بعض الأوساط، خصوصاً بين الشباب، العنف الرقمي وذلك بسوء استخدام الهواتف من خلال إرسال كلمات أو عبارات أو صور غير لائقة إلى الغير، ولا سيّما إلى النساء”.
وشدّدت الخطبة على أنّ “غاية ديننا الحنيف تهذيب النفس وضبط الجوارح، ومن الخطأ أن تُنسَب أخطاء المخطئين من المسلمين إلى الإسلام، بل إنّ ممارساتهم فعلٌ بشريّ يعتوِره الخطأ والصواب، فليست العلّة في الإسلام وإنّما الآفة في سلوك العباد”، مبيّنةً أنّ “من أبشع أنواع الظلم وأشنعه ظلم المرأة والاعتداء عليها بأيّ شكل من أشكال الإيذاء، والعنف بكلّ أشكاله جسدياً كان أو لفظياً محرّم شرعاً”.
وكانت جهات حكومية وأهلية في المغرب قد أطلقت أخيراً حملة تستمرّ لمدّة 16 يوماً تحت شعار “الأسرة اللي من العنف خالية، لمجتمع سليم بانية”، وهدفها الحدّ من العنف ضد المرأة في ظلّ ارتفاع ملحوظ للجرائم الأسرية ومخاوف حقوقية من تفاقمها. وتراهن وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة على النسخة الثانية والعشرين من الحملة الوطنية التي تسعى إلى “تعزيز بيئة أسريّة خالية من العنف، ومبنيّة على قيم الحوار والتربية السليمة، دعماً لتنشئة اجتماعية ترسّخ قيم المساواة وتنبذ التمييز”.
وتتخلّل الحملة، التي تمتد من 25 نوفمبر الموافق فيه اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة حتى العاشر من ديسمبر الموافق فيه اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نشاطات وفعاليات متنوّعة تشمل ندوات وتوعية على المستويَين الوطني والجهوي، بمشاركة واسعة من القطاعات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني بالإضافة إلى جامعات ومنظمات دولية.
وبالتوازي مع الحملة الحكومية، أعلنت “الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب” إطلاق حملة تحت شعار “صفر تسامح مع العنف ضد النساء والفتيات”. كذلك أطلقت جمعية “التحدي للمساواة والمواطنة” حملة أخرى تحت شعار “فلنتّحد جميعاً لوضع حد لتعنيف النساء والفتيات”، مشدّدةً على ضرورة التحرّك العاجل لمواجهة تصاعد العنف ضد المرأة الجسدي والرقمي، وتحقيق تقدّم حقيقي في مجال حقوق المرأة.
وعلى الرغم من مرور أكثر من ستّة أعوام على بدء العمل بأوّل قانون في تاريخ المغرب لمكافحة العنف ضد المرأة، الصادر في 12 سبتمبر/ أيلول من عام 2018، فإنّ تطبيقه على أرض الواقع ما زال يواجه صعوبات مختلفة. فهو ما زال يثير جدالاً واسعاً بين الذين يعدّونه قانوناً “ثورياً” ينصف المرأة ويضع حدّاً لمعاناتها وبين الذين يشكّكون في قدرته على حفظ كرامتها وحمايتها.
في سياق متصل، قالت رئيسة جمعية “التحدي للمساواة والمواطنة” بشرى عبده لـ”العربي الجديد” إنّ تخصيص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب خطبة موحّدة لمكافحة العنف ضد المرأة مبادرة “متميّزة جداً”، نظراً إلى ما تملكه الوزارة بصفتها وصيّة على الشأن الديني من إمكانات تتيح إنجاح الحملات التوعوية من قبيل المرشدات الدينيات والواعظات. وتابعت: “بصفتنا حركة نسائية نهنّئ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على هذه المبادرة التي نتمنّى ألا تقتصر فقط على أيام الحملة الوطنية لوقف العنف ضد النساء والفتيات”، مع التشديد على ضرورة أن “تعمل من خلال المساجد والخطب واللقاءات على حثّ المواطنين على عدم ممارسة العنف والتمييز، وأن تغرس فيهم القيم الإنسانية والتربية السليمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى