الواجهةحقوق الإنسانمجرد رأي

هل يسمع الساسة صوت المواطن ونبض الشارع

صوت المواطن .. هل يسمعه الساسة ؟

بقلم: أزلو محمد

في كل مجتمع، يبقى صوت المواطن هو المحرك الأساسي لأي تغيير أو إصلاح. فهو نبض الشارع، وهو التعبير الأصدق عن احتياجات الناس وآمالهم وتطلعاتهم … ولكن، يبقى السؤال الأهم : هل يسمع الساسة هذا الصوت ؟ أم أن أصوات المواطنين تضيع وسط ضجيج المصالح السياسية والقرارات الفردية ؟

_ المواطن .. بين المطالب المشروعة والتجاهل المستمر :

المواطن العادي يعيش يومياته بين سلسلة من التحديات التي تبدأ من لقمة العيش، والتعليم، والرعاية الصحية، ولا تنتهي عند حقه في العيش بكرامة داخل وطنه. حين يرفع صوته بمطالبه، فإنه لا يطلب المستحيل، بل يطالب بحقوقه الطبيعية، حقوقه التي يكفلها له الدستور وكل القوانين الإنسانية .

لكن، في كثير من الأحيان، يبدو صوت هذا المواطن وكأنه يضيع في الفراغ … الساسة، سواء في البرلمانات أو الحكومات، قد ينشغلون بمعارك سياسية داخلية، أو بتقديم وعود انتخابية لا تتحقق على أرض الواقع . وهنا تبدأ الفجوة بين المواطن وصانع القرار في الاتساع، مما يولد شعورًا بالخذلان وعدم الثقة .

_ هل المشكلة في المواطن أم في السياسي ؟

في الحقيقة، المشكلة ليست في المواطن، فهو شريك في بناء الدولة وعمودها الفقري. المشكلة غالبًا تكمن في الطريقة التي يتعامل بها الساسة مع هذا الصوت . في كثير من الأحيان، يتم التعامل مع أصوات المواطنين باعتبارها أصواتًا احتجاجية فقط، لا تحمل حلولًا أو رؤى . لكن الحقيقة أن المواطن يعرف مشاكله أكثر من أي أحد، وهو قادر على طرح حلول واقعية وعملية إذا أُعطي الفرصة .

على الجانب الآخر، لا يمكن إغفال مسؤولية المواطن في بعض الأحيان. فالتعبير عن المطالب يجب أن يكون بطرق حضارية وسلمية، بعيدًا عن العنف أو التخريب. فالصوت الهادئ والعقلاني هو الأكثر قدرة على الوصول إلى آذان المسؤولين .

_السياسة .. مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون منصبًا :

السياسة ليست مجرد منصب أو سلطة، بل هي التزام أخلاقي تجاه الشعب. السياسي الذي لا يسمع صوت المواطن يفقد جوهر مهمته الأساسية. فالحكم لا يعني إصدار الأوامر فقط، بل يعني الإنصات إلى الناس، التفاعل مع مشاكلهم، والعمل على إيجاد حلول حقيقية ومستدامة .

في الدول المتقدمة، يُنظر إلى المواطن باعتباره شريكًا أساسيًا في صنع القرار . والحكومات هناك تستمع، تستطلع الآراء، وتعمل على إشراك المواطنين في وضع السياسات العامة . هذا النموذج يجب أن يكون قدوة لكل الدول التي تسعى لتحقيق تنمية حقيقية .

_ صوت المواطن .. أداة للتغيير :

إن صوت المواطن هو أقوى أداة للتغيير إذا استُخدم بشكل صحيح. على الجميع أن يدرك أن الصمت هو العدو الأول لأي تغيير إيجابي. عندما يرفع المواطن صوته للمطالبة بحقوقه، فهو لا يعادي الدولة، بل يسعى لتطويرها .

بالمقابل، على الساسة أن يتذكروا أن تجاهل هذا الصوت قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية وسياسية. فالتاريخ مليء بالأمثلة التي أثبتت أن الشعوب التي لا تجد من يسمعها، تلجأ إلى طرق أخرى للتعبير عن نفسها، قد تكون أكثر حدة .

_ختامًا.. هل يسمع الساسة ؟

الإجابة على هذا السؤال تعتمد على مدى حرص السياسيين على أداء دورهم بأمانة، ومدى وعي المواطنين بحقوقهم وواجباتهم . العلاقة بين المواطن والسياسي يجب أن تكون علاقة شراكة، لا علاقة صراع . عندما يدرك الساسة أن صوت المواطن هو أساس شرعيتهم، وعندما يدرك المواطن أن صوته هو أداة بناء لا هدم، يمكن وقتها أن نرى مجتمعًا متماسكًا، ودولة تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى