الواجهةفضاء الصحافةلحظة تأمل

الصحفي المبجل توفيق بوعشرين يتحدث عن د. مراد بورجيى

قصة نجاح وكفاح

أهنئ بدوري الصديق والصحافي المتميز مراد بورجيى بحصوله على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، عن أطروحته التي حملت عنوان “السيادة بين المفهوم القانوني والواقع السياسي: دراسة مقارنة”.

أن يتمكن صحافي ديناميكي لا يتوقف عن الحركة والسفر وربط العلاقات في مختلف الاتجاهات، من إيجاد الوقت والتركيز لإنجاز عمل أكاديمي بهذا المستوى، وينال عليه درجة مشرف جدًا مع توصية بالنشر، فهو أمر يثلج صدور أصدقائه ومعارفه، وهم كثر. كما أنه باعث على الفخر والاعتزاز لهذا الإنسان الذي لم تكن الحياة رحيمة به، ولم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، ومع ذلك، قاوم وصبر، وحفر لنفسه اسمًا وأثرًا على الصخر.

تعرفت على مراد منذ حوالي ربع قرن، حيث كنت أشاركه في إخراج الصفحات في عدة جرائد. كان يقتنص بعدسته الذكية صورًا من عمق المغرب، وتحديدًا من قلب مدينة الدار البيضاء، التي تعج بالحركة والنشاط والصراعات والتناقضات التي تتعايش في المتروبول البيضاوي، ليلاً ونهارًا. وفي المقابل، كنت أحاول أن أرسم بالكلمات تعليقات أو صورًا أخرى تقرب تلك اللقطات إلى القارئ.

كان مراد دائمًا يدهشني بشغفه بمهنة التصوير، وملاحقته للأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ورموز السياسة بمختلف توجهاتهم الإيديولوجية. وقد تحول شغفه هذا إلى أرشيف حي، حيث أصبحت ألبوماته وملايين الصور التي تحتفظ بها وكالته شاهدًا أمينًا على فترة حكم الملك محمد السادس، بكل تفاصيلها ومنعطفاتها وكواليس صناعة القرار فيها.

للدكتور مراد بورجى خصال إنسانية عديدة، جعلته رجل العلاقات العامة بامتياز، فهو لا يقطع شعرة معاوية مع أحد، مهما كان الاختلاف. فتجده في الصباح يفطر مع الإسلامي، وبعد الظهر يشرب القهوة مع اليساري، وفي الليل يسهر مع رجال الدولة، بلا عقد أو حساسيات، وبسلاسة كبيرة. شعاره في ذلك أن “الصحافي لا خصم له، ولا خطوط حمراء أمامه، ولا محرمات في عرفه”.

الميزة الثانية التي يتمتع بها مراد، هي عمقه الإنساني الكبير، فهو يسأل عن المريض، ويبارك للمفرج عنه من السجن، ويمد يد العون للمحتاج. كما أنه لا يفتر عن الضحك ورواية النكت، والسخرية من كل شيء، حتى من نفسه وأصدقائه. كل ذلك في رعاية الساخر الكبير الصديق أحمد السنوسي، مراد بورجى يؤمن بأن “السخرية أداة للهروب من الحياة، وأداة لفهم الحياة”.

موقف ساخر من الدكتوراه

لم يمر حصول مراد بورجى على الدكتوراه في العلوم السياسية دون أن يلتقطها صديقه الساخر بزيز (أحمد السنوسي) بتعليق مرح، حيث قال :

“في المساء، عندما عاد مراد من الكلية بلقب دكتور، طرق أحد جيرانه باب بيته، وعندما فتح مراد الباب، سأله الجار بدهشة: معنا في العمارة دكتور وأنا لا أعرف؟! وقبل أن يشرح له مراد نوع الدكتوراه التي يحمل، عاجله الجار قائلاً : زوجتي سقطت هذا الصباح من السلم، هل يمكنك النزول إلى شقتي لعلاجها؟

رد عليه مراد بذكائه الساخر: ” ليست زوجتك وحدها من سقط هذا الصباح من السلم، بل أنت أيضًا سقطت على رأسك عندما لم تفرق بين أنواع الدكاترة، يا جاري العزيز!”

هكذا هو مراد بورجى، رجل يجمع بين الصحافة والكتابة والعلاقات الإنسانية، وقبل ذلك كله، روح الفكاهة وحس السخرية واشياء اخرى وكلها تجعله قادرًا على استيعاب الحياة بكل تناقضاتها.

مبروك مرة أخرى، دكتور مراد بورجيى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى