
بقلم ذ. محمد أزلو
في حادثة تعكس خطورة تنامي ظاهرة الاعتداء على المؤسسات التعليمية، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة الجديدة بحكم السجن لمدة ثمانية أشهر نافذة على شخص اقتحم ثانوية إعدادية بمدينة أزمور، حاملًا سلاحًا أبيض ومصحوبًا بكلبين شرسين من نوع “مالينوا”. الواقعة التي حدثت بتاريخ 27 نونبر 2024 أثارت ذعرًا كبيرًا بين التلاميذ والأطر التربوية، وأسفرت عن إصابة أستاذة بإغماء استدعى تدخلاً طبيًا مستعجلًا.
_تحليل الظاهرة: تصاعد الاعتداءات على المؤسسات التعليمية
الحادثة التي شهدتها ثانوية المصب ليست حالة معزولة، ففي كل لحظة نصادف مراهق يرافق كلب شرس في شوارعنا وبالقرب من المؤسسات التعليمية، هذه الظاهرة تثير عدة تساؤلات حول الأسباب التي تدفع بعض الأفراد لارتكاب مثل هذه الأفعال في فضاءات يفترض أن تكون آمنة وخالية من كل تهديد.
1. الأسباب المحتملة وراء الظاهرة:
– التوترات الاجتماعية والأسرية:غالبًا ما يرتبط سلوك الأفراد الذين يقومون بمثل هذه الأفعال بظروف اجتماعية واقتصادية قاسية، كالفقر أو البطالة، مما يدفعهم إلى تصرفات غير محسوبة.
– انتشار المخدرات والتعاطي: وهو ما يبرز الدور الكبير لتعاطي المخدرات في إذكاء مثل هذه السلوكيات العدوانية.
– ضعف المنظومة الأمنية في محيط المؤسسات التعليمية: رغم الجهود المبذولة، لا تزال بعض المؤسسات تفتقر إلى الحماية الكافية التي تمنع الاعتداءات أو التدخل السريع في حال وقوعها.
2. التداعيات السلبية:
– تهديد سلامة التلاميذ والأطر التربوية: الاعتداءات من هذا النوع تزرع الخوف بين التلاميذ والأساتذة، مما يؤثر سلبًا على البيئة التعليمية ويعيق سير العملية التربوية.
– تراجع الثقة في المؤسسات التعليمية: مثل هذه الحوادث قد تؤدي إلى شعور عام بعدم الأمان في المدارس، وهو ما ينعكس على أداء التلاميذ والأطر التربوية.
– تشويه صورة المجتمع المحلي: حوادث الاعتداء داخل المدارس تُظهر عجزًا عن حماية فضاءات يفترض أن تكون آمنة، مما يسيء إلى صورة المجتمع ككل.
_الحكم القضائي: رسالة واضحة لردع المعتدين
الحكم بالسجن ثمانية أشهر على المعتدي يحمل رسالة واضحة بأن القانون لن يتسامح مع أي انتهاك لحرمة المؤسسات التعليمية. ورغم أن العقوبة قد تبدو للبعض مخففة، إلا أنها تؤكد أهمية مواجهة هذه السلوكيات بحزم من أجل ضمان أمان التلاميذ والأساتذة.
_الإجراءات الوقائية المطلوبة:
1. تعزيز الأمن في محيط المؤسسات التعليمية:
– ضرورة تعيين حراس أمن إضافيين للمؤسسات التعليمية، خاصة تلك الواقعة في مناطق تعاني من هشاشة اقتصادية واجتماعية.
– تثبيت كاميرات مراقبة في محيط المدارس لرصد أي تحركات مشبوهة والتدخل السريع عند الحاجة.
2. التوعية المجتمعية:
– تنظيم حملات توعية تستهدف أولياء الأمور والشباب حول أهمية احترام الفضاءات التعليمية وضرورة الابتعاد عن العنف.
– تعزيز التواصل بين المؤسسات التعليمية والمجتمع المحلي لتكوين شبكة دعم مشتركة لحماية المدارس.
3. معالجة الظاهرة من جذورها:
– تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعيشون ظروفًا قاسية قد تدفعهم إلى السلوك العدائي.
– تشديد الرقابة على انتشار المخدرات في محيط المؤسسات التعليمية، لضمان حماية التلاميذ والمجتمع من آثارها الوخيمة.
_ نحو مدرسة آمنة ومستقرة:
إن حادثة اقتحام ثانوية المصب بأزمور تذكرنا بأهمية تعزيز الجهود المشتركة بين المؤسسات التعليمية، السلطات الأمنية، والمجتمع المدني لضمان بيئة تعليمية آمنة. فالمدرسة ليست مجرد فضاء لتلقي العلم، بل هي ركيزة أساسية لبناء مستقبل الأجيال القادمة. لذلك، فإن أي تهديد لحرمتها هو تهديد لمستقبل المجتمع.