الواجهةمجرد رأي

أزلو محمد يكتب : هل أصيبت الأسيرات الإسرائيليات بمتلازمة ستوكهولم؟

بقلم ذ. محمد أزلو

شهدت الأيام الأخيرة أحداثًا غير مسبوقة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تم تبادل عدد من الأسيرات الإسرائيليات المحتجزات لدى حركة حماس مقابل أسرى فلسطينيين. وقد أثارت وسائل إعلام إسرائيلية جدلًا كبيرًا حول وضع الأسيرات المحررات، حيث ذكرت تقارير أن بعضهن يعانين من حالة عاطفية غريبة تشبه “متلازمة ستوكهولم”، وهي حالة نفسية يتعاطف فيها الضحية مع محتجزيه، وقد يصل الأمر إلى الإعجاب أو التعلق بهم.

متلازمة ستوكهولم هي ظاهرة نفسية تظهر لدى الأشخاص الذين يتعرضون للاحتجاز أو الضغوط النفسية الشديدة، حيث يبدأ الضحية في التعاطف مع الجاني أو المحتجز، بل وأحيانًا الدفاع عنه أو التعلق به. وقد عُرفت هذه الظاهرة في حالات احتجاز الرهائن أو الأسرى، حيث تلعب العوامل النفسية والعاطفية دورًا كبيرًا في تشكيل هذه العلاقة الغريبة.

_ هل أصيبت الأسيرات الإسرائيليات بمتلازمة ستوكهولم؟

وفقًا للتقارير الإسرائيلية، يبدو أن بعض الأسيرات المحررات أظهرن مشاعر تعاطف أو إعجاب تجاه مقاتلي حماس الذين كانوا يحتجزونهن. وعلى الرغم من صدمة هذا الادعاء بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي، إلا أن تفسير هذه الظاهرة قد يرتبط بسلوك مقاتلي حماس أثناء فترة الاحتجاز.

_ أسباب قد تفسر هذه الظاهرة:

1. الأخلاق العالية في التعامل:
تشير العديد من التقارير إلى أن مقاتلي حماس حرصوا على معاملة الأسيرات الإسرائيليات وفقًا لقواعد الأخلاق الإسلامية، التي تفرض احترام الأسير وتجنب الإيذاء الجسدي أو النفسي. الإسلام يشدد على معاملة الأسرى معاملة إنسانية، بغض النظر عن دينهم أو جنسيتهم. وفي القرآن الكريم، يقول الله تعالى:
“ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا” (سورة الإنسان: 8).
هذه الأخلاق انعكست في طريقة تعامل حماس مع الأسيرات، ما قد يكون خفّف من حدة تجربة الأسر وأثر في مشاعرهن.

2. التواصل الإنساني:
من المحتمل أن مقاتلي حماس أظهروا جانبًا إنسانيًا في تعاملهم مع الأسيرات، سواء من خلال توفير احتياجاتهن أو التحدث إليهن بطريقة لائقة. هذا النوع من التواصل يمكن أن يخلق روابط إنسانية، حتى في ظروف صعبة مثل الأسر.

3. الحماية من الأذى:
رغم الصراع الدامي بين الطرفين، يبدو أن حماس حرصت على حماية الأسيرات من أي شكل من أشكال الإهانة أو الإساءة. هذا السلوك قد يُفسَّر من قبل الأسيرات على أنه نوع من الاحترام أو الرحمة، مما يساهم في تطوير مشاعر إيجابية تجاه المحتجزين.

4. الصدمة النفسية والتأثير العاطفي:
الأسر تجربة مرهقة نفسيًا، وقد يؤدي التعرض لمعاملة غير متوقعة -مثل المعاملة الحسنة- إلى حالة من الارتباك العاطفي. في ظل الظروف القاسية، قد تنشأ مشاعر تقدير تجاه من يُظهر الرحمة أو اللطف، حتى لو كان الطرف الآخر هو المحتجز.

_ أخلاق الإسلام في التعامل مع الأسرى:

الأخلاق الإسلامية في التعامل مع الأسرى تُعد جزءًا أساسيًا من تعاليم الدين الحنيف. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في معاملة الأسرى، حيث أوصى بحسن معاملتهم، وإطعامهم، وتوفير احتياجاتهم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في غزوة بدر، حيث أمر النبي الصحابة بمعاملة الأسرى معاملة حسنة، بل وكان بعض الصحابة يُقدّمون طعامهم للأسرى على حساب أنفسهم.

في التاريخ الإسلامي، كانت هذه القيم محور التعامل مع الأسرى، مما ساهم في تغيير نظرة الكثير من الأسرى للإسلام والمسلمين. ويبدو أن مقاتلي حماس حاولوا الاقتداء بهذه التعاليم، مما انعكس على مشاعر الأسيرات الإسرائيليات.

ختاما بينما قد تبدو فكرة إصابة الأسيرات الإسرائيليات بمتلازمة ستوكهولم غريبة وغير متوقعة للبعض، إلا أنها قد تكون نتيجة طبيعية لتعامل إنساني وأخلاقي من قبل مقاتلي حماس أثناء فترة الاحتجاز. الأخلاق الإسلامية التي تحث على الرحمة والإنسانية قد لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل هذه الظاهرة، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل يمكن لقيم الرحمة والإنسانية أن تغيّر حتى أعمق الصراعات؟

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى