الواجهةمجرد رأي

بياع العجل

بقلم أبو أيوب

    منذ سنوات خلت بيع عجل أحمر قاني بلون الدم المسفوك ، صبغ آنذاك باللون الأبيض رمز السلام مقابل السلام ، لفسح المجال أمام ضخ مبالغ استثمار لتنمية الحظيرة ، وعود قدمت و كلام معسول عن المحبة و الإخاء بين بني نفس الفصيلة من عمومة . وقتها بيع العجل المصبوغ بموجب اتفاقية أبرمت سنة 1978 أرخت لانهيار أسوار الحظيرة ، سرعان ما تلتها بداية انهيار و تلاشي ركيزة من الحظيرة سنة 1994 تحت وقع حوافر العجل ، فهد البنيان على رؤوس القطيع و انهار النظام .

    وقتذاك برز للوجود نظام حظيرة جديد على انقاض المنهار المنقرض ، نظام أسقط ما بقي من أسوار و ركائز و دعامات الحظيرة فعمت الفوضى ، و لما انقشع الغبار ما بعد صيف 1982 ظهر الأساس الذي قاوم و أبى الإنهيار رغم ضعف بنيان الحظيرة ، ذروة مقاومة الأساس لضراوة المعاول كانت بداية سنة 2000 .

    يومها خرج بياع العجل صاغرا منكفئا مطأطئ الرأس هاربا من الحظيرة . و لما اشتد ساعده أراد استرجاع بعض من ممتلكات الحظيرة مدعوما بمعاول قطيع عربان طيعة ، ليكتشف من بعد هول الصدمة و الورطة و الخديعة ، و كان هذا بداية صيف سنة 2006 ، فعاد بياع العجل بخفي حنين لا هو حصن المكتسبات و لا هو هد الأساس ، أساس قاوم و لا زال مسلحا بالإيمان و العقيدة … فاستحق لقب المقاومة .

    بياع العجل هذا يا سادة يزدري و يتهكم و لا يخشى قطيع عربان زائغة … بقدر ما يخشى نفرا من قوم شجعان صدقوا ما عاهدوا الله عليه …، قوم يحترمهم بياع العجل لصدقهم و مصداقيتهم و قوة عقيدتهم و بأس مراسهم ، بياع العجل هذا لا يخشى الضعفاء فهم لقمة سائغة خانعة طيعة ، فهم من يستقوون به و ليس العكس ، بالتالي تتوضح الصورة أكثر لترسم لنا بريشة مقاومة واقع قصة تمسك الغريق بالغريق …

    بهذا ربط المصير ، مصير بني العمومة من بائع العجل و مشتريه بعدما تأكد لهم ضيق الحظيرة . أساس الحظيرة و ملاكها يا سادة صمدوا في وجه العواصف الهوجاء و اتقوا عوائد الدهر بالرغم من الأضرار الجانبية ، و كان في الحقيقة شتاءا قارسا و ربيعا خريفيا و صيفا ساخنا لم ينتج لبنا بل دماءا على طول أحواش الحظيرة .

    كان هذا بداية سنة 2011 حين كتبت الصفحات بلون أحمر قاني صبغ بالأبيض تيمنا بالسلام يا سلام على حيطان الحظيرة . لكن أساس الحظيرة و واسطة عقدها ، أبت الإنكسار في وجه الأمواج العاتية و لا زالت إلى يومنا هذا ثابثة صامدة .

    سنة 2015 هبت عاصفة لا زالت مستمرة جنوب الحظيرة ، فأشعلت نيرانا استذكاءا لحرائق ما زالت متقدة بالأحواش …، يشتد أوار لفحاتها تارة و يخفت أخريات و الحظيرة و الأحواش تبقى صامدة ، صمودا ارتكز على أسس مقاومة للزلازل و البراكين منطلقه إيمان و عقيدة بأحقية الملاك في الحظيرة .

    صمود أرخت له حقبة النكبة و توالي زمنين أحدهما مصري تهالك بداية 1973 و تفكك سنة 1978 ، ليحل محله زمن من باعوا و من ابتاعوا العجل على حساب ملاك الحظيرة ، الزمن السعودي العبري الآخذ في لفظ الأنفاس و فقدان الإحساس بالإيمان و العقيدة بعدما عاث دمارا و خرابا في الحظيرة ، فهل آن أوانه ؟ .

    أجزم بهذا الآن كجزمي بحلول زمن ملاك الحظيرة و من آمنوا بالقضية ، زمن رباعي الأضلاع في وجه الخناع درءا لمزيد من الأطماع و رفض الإنصياع … زمن عربي سوري عراقي يمني جزائري بمؤازرة إسلامية إيرانية ماليزية باكستانية و نكهة دولية روسية صينية هندية وفق نظرة عالم توافقي تشاركي حفاظا على وجود الإنسانية .

    زوار موقع الجديدة نيوز ، كانت هذه لمحة مختصرة لزمنين عربيين بيع فيهما نفس العجل بلون الدم الأحمر القاني ، و المصبوغ باللون الأبيض لون السلام …، لقد بيع العجل مرتين لبعض من ساكني أحواش الحظيرة ، فهل يعاد بيعه للمرة الثالثة في الزمن العربي الثالث ؟ لا أظن ذلك .. و لغتنا العامية شاهدة ( لولى عفو و الثانية تفو و الثالثة عليها نتناتفو ) ، أو هكذا توهمت ، عرافتي أخبرتني بحلول خريف بعض الملكيات في الوطن العربي و الأيام بيننا … أنعمتم مساءا و كل الخير بداية السنة المقبلة .

عبد السلام حكار

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى