الصحراء المغربيةالواجهة

بين الثابت و المتحول …

بقلم أبو أيوب

    لم يسبق أن حظيت قضية الصحراء بهذا الزخم الإعلامي منذ انتهاء الأعمال الحربية سنة 1991 تاريخ توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار . اليوم تعود القضية إلى الواجهة لتتصدر كبريات الصحف العالمية و الدولية و الوطنية . قرار دونالد ترامب كان واحدا منها سياسيا و الواشنطن بوسط و الفورين بوليسي إعلاميا ، فضلا عن بعض الصحف الأوروبية بخاصة الإسبانية و مختلف المنابر المغربية ، و هذه حقيقة ثابتة لا يجحدها أو ينكرها أحد .

    أما الجانب المتحول من القضية بعدما طفت على السطح من جديد بعد فترة ركود أو جمود ، نتيجته الأولى التنصل من بنود اتفاقية 1991 و عودة التوتر من جديد بغض النظر عن حجمه و درجة خطورته ، و الثانية صب مزيد من الزيت على صفيح ساخن ديبلوماسيا ( الإعتراف و فتح القنصليات ..) ، و عسكريا على ضوء ما يتم تناقله من أخبار المناوشات العسكرية بين الفينة و الأخرى منذ يوم الثالث عشر من نونبر 2020 ، يوم بسط المغرب سيطرته على معبر الكركرات و قام بتنظيف المنطقة …

    منذ ذلك الحين ، أنكشفت بعض خطط الأنشطة العسكرية المعادية التي ترمي في مجملها ، إلى تحييد أي دور للطيران الحربي الملكي في حالة اتساع نطاق العمليات الحربية بالصحراء ، و هذا ما عملت به البوليساريو و كان شغلها الشاغل بعدما استخلصت الدروس من واقعة كلتة زمور سبعينيات القرن الماضي ، يومها تمكنت البوليساريو من إسقاط أربع طائرات حربية مغربية في يوم واحد بواسطة صواريخ سام 6 و 7 .

    بحسب تسريبات شبه مؤكدة ، ما لدى الخصم اليوم ليس كما كان بحوزته سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي ، تسريبات تقول بتحوزه على منظومة حديثة من صواريخ ميرفا الروسية المحمولة على الكتف ، و هي منظومة مضادة للطيران دخلت الخدمة في الجيش الروسي سنة 2014 ، و قد صدرتها روسيا لحلفائها التقليديين و على رأسهم الجزائر ، فضلا عن صواريخ الانتاي 2500 ذات المدى المتوسط . منظومة دفاعات جوية الغرض الأساس منها شل حركة القوات الجوية الملكية على طول الجدار الدفاعي المغربي .

    تتزامن هذه التطوات الميدانية مع نشر منظومة الإس 300 و الإس 400 من طرف الجيش الجزائري على طول الحدود الجنوبية الغربية مع المغرب ، كمحفز سيكولوجي و سند عسكري لرفع معنويات البوليساريو ، و دعم مباشر في أي حرب مقبلة في الصحراء مع المغرب ، بالأخص إذا ما تم التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك بين الجانبين ، وفق منطوق الدستور الجديد الذي سمح بانتشار الجيش الجزائري خارج الحدود، و قد لا نتفاجأ إذا ما تم نشر هذه المنظومات بتيفاريتي أو أغوينيت مثال ، من شأن نشر المنظومتين تحييد أي دور مستقبلي للطيران الحربي الملكي في الأجواء الصحراوية ، بالتالي تنحصر المعارك على الأرض دون غطاء جوي …

    الوضع الحالي يحتم على المغرب الإنتباه إلى هذا النقص المحتمل و الوارد و إيجاد البدائل ، لخلق توازن بين الثابت و المتحول في جغرافية الصحراء ، درءا للمخاطر التي يتم التحضير لها على الأرض … بدايتها حرب استنزاف تتخللها حرب عصابات طويلة الأمد … و الأخطر ما فيها إذا ما تمكن الخصم من أسر جنود على إثر هجومات مباغثة ، كما حدث سابقا في حرب الصحراء الأولى ( آخر دفعة من الأسرى المغاربة عادت إلى أرض الوطن سنة 2005 إن لم تخني الذاكرة ) .

عبد السلام حكار

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى