الواجهةمجرد رأي

حزب” العائلة ” الوطني الديموقراطي

 

مسرور المراكشي :
تمهيد :
يجب أن يعلم الشعب المغربي أن العمل السياسي، هو في الأصل عمل تطوعي من أشخاص يريدون الخير للبلاد، يعني لله في سبيل الله لا يريدون جزاء ولا شكورا، كما قال يوسف عليه السلام للملك : (.. اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم .. )، المهم أن الأصل في البداية كان هو العمل لوجه الله تعالى، والهدف الرئيس هو تحسين ظروف عيش المواطن وصون كرامته، لهذا قدم السياسيون الرواد الأرواح رخيصة من أجل هذا الهدف النبيل، حيث التعذيب والسجون و المنفى وقد يصل الأمر إلى القتل، وكثير منهم عاشوا فقراء وماتوا كذلك وكانوا نماذج في التعفف وحماية المال العام، لكن مع الأسف الشديد لم يستمر الأمر طويلا حيث جرت الرياح بما لا تشتهي سفن الشعب، لقد تحول العمل السياسي تدريجيا بعد الاستقلال، إلى جسر عبور نحو عالم الثراء السريع و الجاه و أشياء أخرى..، لنصل اليوم إلى أخطر ما في القضية وهي ( زواج السلطة بالمال )، و لتبسيط الأمر بطريقة شعبية نقول : هو زواج ( الزرواطة بالشكارة )، والسياسة بشكل عام عند المغاربة تختزل في وصول الشخص إلى مجلس النواب، وذلك عبر عملية انتخابية لا تحدثني عن نزاهتها المهم هو الفوز فيها، هنا يبدأ المشكل أي من “البرلمان” الذي أصبح في قلب العملية السياسية، وعنوان المشاركة في مؤسسات النظام الرسمية، و بصيغة أخرى إن قضية المشاركة فيها دعم لشرعية النظام و تقوية لمؤسساته، و قد يحدث العكس تماما عند مقاطعة الأحزاب ذات الثقل الجماهيري، و هنا مربط الفرس إذن كيف نجعل رجال السياسة يشاركون ولا يقاطعون …؟ وماهي الوسائل التي تجعل المشاركة أكثر إغراء و جاذبية..؟ لأن الخطر كل الخطر يكمن في عزل المؤسسات الرسمية شعبيا…
الفقرة الأولى :
ـ شارك أو” اطلق البشرة ” أو هاك عشرة…

لقد كان الوضع السياسي بعد خروج الاحتلال الفرنسي، فيه اضطراب شديد نظرا لعدة عوامل داخلية وخارجية، و بخصوص هذه الأخيرة كان المعسكر الشرقي الشيوعي، بقيادة الاتحاد السوفييتي آنذاك يدعم تيار اليسار الجذري لقلب نظام الحكم، أما داخليا فكانت الحركة الوطنية فيها قامات لها ثقل اعتباري، حيث شاركت في الكفاح ضد المحتل لهذا كانت لها شرعية مزدوجة نضالية وتاريخية، و تشكلت منها أحزاب وطنية لها امتداد جماهير حقيقي، حيث تعامل قادة تلك الأحزاب آنذاك بندية مع الملك الشاب الحسن الثاني رحمه الله، وكان هذا الأخير يريد بناء مؤسسات الدولة وتحقيق الاستقرار، لكنه اصطدم بواقع سياسي شديد التعقيد، فمن جهة كانت فكرة تشكيل “الحزب الوحيد” حاضرة بقوة، ومن جهة أخرى كان الاشتراكيون العرب يعبثون باستقرار البلد، وهم كالتالي : عبد الناصر و القذافي و بومدين وحافظ الأسد طبعا دون نسيان دعم الاتحاد السوفييتي، وهكذا اتحدت عوامل داخلية وخارجية لتشكل بيئة ملائمة للانقلابات العسكرية، في هذه الظروف الصعبة كان النظام يبحث عن عوامل تساعد على تثبيت الحكم، وتساهم في خلق جو من الاستقرار وكانت الانتخابات هي المدخل لكل ذلك، لكن المشكل هو في وجود توجهين كبيرين : ـ الأول يدعو إلى مقاطعة مؤسسات النظام و انتخاباته جملة و تفصيلا..
ـ الثاني : يدعو إلى المشاركة في الانتخابات و تدعيم المؤسسات…
و لسوء حظ الداخلية في ذلك الوقت أن عدد الأحزاب كان قليلا و النقابات كذلك، حيث كانت تعد على أصابع اليد الواحدة، مما شكل نقطة قوة للمعارضين لقد كان القرار موحدا إلى حد ما، لهذا كانت الانتخابات غير عادية سواء النيابية أو البلدية، إنها بمثابة”استفتاء” على شرعية النظام والمشاركة فيها هي المحدد لذلك، ولقد تنبهت المعارضة لذالك ودعت في المقابل إلى مقاطعة الانتخابات، و تفعيل دور نقابة الطلاب والعمال مع دعوة الجماهير إلى النزول للشارع، وهكذا تشكلت معارضة لكنها خارج مؤسسات النظام الرسمية، هنا جاءت حيلة الداخلية بتفعيل منطق ( شارك أو اطلق البشرة أو هاك عشرة)، يعني منح امتيازات ضخمة مادية ومعنوية للمشاركين في “اللعبة” السياسية، حيث يمكن جني أموال طائلة و الاستيلاء على الأراضي بلا حسيب ولا رقيب، وكان دور ( أصحاب الحال ) هو غض الطرف عن التجاوزات القانونية للسادة النواب وأصحاب المعالي، كما دفعت الداخلية في اتجاه إحداث انشقاقات في النقابات و الأحزاب، فكل منشق يؤسس حزبا له “جائزة” أي أنه يضمن مسبقا منصب وزير في الحكومة القادمة، وهكذا وصلنا اليوم إلى أزيد من 32 حزب وهو نفس عدد النقابات تقريبا، انطلاقا من حزب النملةو النحلة إلى الفيل مرورا بالأسد و الدولفين و الجمل والغزالة و الروبيني…، في الحقيقة أصبح “السيرك ” الانتخابي مثيرا للضحك والبكاء..!! فكان لابد من تجديد المشهد السياسي وجعل العائلة مكان الحزب..
ـ الفقرة الثانية :
ـ حزب” العائلة ” الوطني الديموقراطي…

لقد قدمت هذا الاقتراح لإدخال شيء من الفرح و الفرجة، على المشهد السياسي الممل نفس الأحزاب نفس الوجوه “روتين” قاتل، ربما هذا التجديد يحفز عائلات و وجوه جديدة لدخول المشهد السياسي، الحمد لله في بلادي المغرب الإمامة السياسية العظمى أي الحكم، محسوم لعائلة واحدة معلومة منذ ما يقارب 400 عام، إذن هنا لا مجال للمنافسة لكن هناك مناطق بياض في المشهد السياسي وتسيير الشأن العام، لقد شاهدت فعلا عائلات تسيطر على بعض المواقع بشكل عشوائي وغير منظم، لكنني أردت أن يكون الأمر بطرق قانونية ينظمها الدستور، حيث يعلن قانون تنظيمي أن “العائلة” تحل محل الحزب في تسيير الشأن العام، إن عضوا في أحد الأحزاب بمدينة البيضاء، من النوع المتيقظ أي “عايق” جدا قاتل من أجل أن يكون على رأس لائحة المرشحين، ثم ناضل من أجل أن تكون زوجته كذلك المصون على رأس لائحة النساء، وجاهد من أجل أن يكون ابنه البار على رأس لائحة الشباب، لهذا يمكن أن ننتقل من العشوائية إلى التنظيم القانوني لهذا الأمر، بحيث تكون هناك انتخابات فيها لوائح “العائلة” المغلقة، وهذا يخص أفراد العائلة الصغرى مثلا : الجد و الأب والأم و الأبناء، وهناك لوائح مفتوحة مختلطة فيها أفراد من “العائلة” الكبرى مثلا : الأخوال والأعمام و الأصهار وبنات الأخ وبنات الأخت المهم كل من له قرابة دم من نفس العائلة أو نسب ..، بحيث يمكن “للعائلة” حكم وتسيير الجهة أو البلدية أو الجماعة أو عمودية مدينة..، وهكذا يجتمع شمل العائلات في مجالس الجهة والبرلمان…، تصور معي أن في مجلس النواب أربع أو خمس عائلات ياله من جو عائلي، عندما يأخذ مثلا الزوج العطوف الكلمة تزغرد الزوجة الحنون، وعندما يأخذ فلذات الأكباد الكلمة تصفق الأم والأب و يرضون عليهم، وهذا نفس الشيء قد يحدث في باقي مجالس الوطن، ويمكن تطوير قانون ” العائلة ” السياسية مستقبلا..
خلاصة :
إن دخول حزب “العائلة” ميدان السياسة، لن يغير من شعارات الأحزاب التقليدية شيئا مثلا : ستجدون حزب “العائلة” الاشتراكي الديموقراطي الشعبي أو حزب “العائلة ” الليبرالي الديموقراطي أو حزب “العائلة” الإسلامي للجهاد…، ومن حسنات هذا النظام هو سهولة مساطر التقاضي، بدل البيروقراطية التي كانت في النظام القديم، حيث محاكم من كل الدرجات و الأصناف و النقض والإبرام و ديوان المظالم…، فعند حصول مشكل في تسيير “العائلة” يمكن التوجه مباشرة إلى أحد فروع العائلة، مثلا : الأب رئيس بلدية لم يوف بما تعهد به أثناء الحملة الانتخابية، يمكن للسكان الذهاب عند الجد رئيس الجهة و ( رمي العار عليه)، بذبح خروف أو بقرة أمام إقامته و رفع شكوى بهذا الولد، عندها سيتدخل الجد ويقول لرئيس البلدية ( ها السخط ها الرضى اولدي إلى ما حل المشكل )، وهكذا يمكن حل كل المشاكل في باقي المجالس بشكل حبي ودي، ويمكن إصدار قانون تنظيمي ينظم قضية ( رمي العار أو الاستعطاف أو ضيف الله)، وكما يمكن إصدار قانون يورث الجهة لعائلة ما أو عمودية أو بلدية أو جماعة، مثلا يمكن توريث الجهة لعائلة ما، وذلك في حالة تولي هذه الأخيرة تسيير الجهة أربع أو خمس ولايات متتالية، وإذا تحقق هذا الشرط كفى الله إذن الشعب شر الحملات الانتخابية….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى