رسالة من مواطن جديدي إلى من يهمهم الأمر

بقلم المهدي طالب
ابن مدينة الجديدة
مع كامل احترامي وتقديري للجهود المبذولة في سبيل إعادة تأهيل حديقة محمد الخامس، أود أن أعبّر عن رأيي الشخصي بأن هذا المشروع، بالشكل الذي تم تقديمه، يُعد كارثيًا من الناحية الحضرية والاستراتيجية المستقبلية للمدينة.
فإذا نظرنا إلى التوجهات الحديثة في كبرى المدن الأوروبية، الآسيوية وحتى الأمريكية، نلاحظ أن هناك توجّهًا واضحًا نحو إزالة الطرق التي تمر بمحاذاة الشواطئ وتحويلها إلى فضاءات مخصصة للراجلين، تجمع بين الأنشطة السياحية، الترفيهية، والمرافق التجارية المرتبطة بالبحر، مما يخلق بيئة نظيفة، جاذبة، وآمنة للمواطنين والسياح على حد سواء.
بدل التفكير في إحداث طريق ساحلية جديدة، أرى أن الحل الأنسب يتمثل في تحويل شارعي محمد الخامس ومحمد السادس إلى شوارع ذات اتجاه واحد، كل في اتجاه معاكس، مع تنظيم الشوارع المتعامدة بينهما بنفس الطريقة (كل شارع فرعي في اتجاه معاكس للآخر)، لتسهيل حركة المرور وربط الأحياء ببعضها البعض بطريقة أكثر فعالية.
وفيما يخص الشريط الساحلي، أقترح إنشاء منطقة مشاة عريضة ومرتفعة نسبيًا (بنصف طابق أو طابق كامل) تمتد من الميناء إلى ما بعد فندق إيبيس، مع إزالة الطريق الحالية التي تمتد من الميناء إلى مدخل الشاطئ، مما يوفر إطلالة بانورامية جميلة على البحر، وفي نفس الوقت يتيح فضاءً تحته لوقوف السيارات، مع إمكانية الخروج مباشرة إلى الشاطئ في عدة نقاط. أما الأزقة الصغيرة المؤدية إلى البحر، فستُحوّل إلى ممرات تؤدي مباشرة إلى مواقف السيارات تحت منطقة المشاة. هذا سيسمح باستغلال المساحة بذكاء دون التأثير على الطابع الجمالي أو البيئي للمكان، بل على العكس، سيمنح الزوار إطلالة أجمل على البحر، ومرافق للتسلية ومقاهي ومطاعم.
أما بالنسبة لشارع النخيل، فيمكن ضمه إلى حديقة محمد الخامس الواقعة خلف الكورنيش، ليصبح امتداداً لها، إذا أمكن ذلك، ولم لا تمديد الحديقة إلى حد فندق إيبيس. وبهذه الطريقة، سيتم توسيع الحديقة وتجميلها، مما سيمنح المدينة متنفساً أخضر أكبر، دون أن نطمس معالم تراثية أو نضحي بمساحات مخصصة للمشاة.
أما إذا أردنا الذهاب إلى أبعد من ذلك، يمكن إنشاء خط ترام يشكل حلقة تربط المدينة كلها، ويمر بمحاذاة الساحل إلى غاية شارع جبران خليل جبران، ومن هناك يعبر نحو الجامعات ثم يعود إلى الساحل، ليشكل حلقة نقل حضرية تربط جميع أحياء المدينة ببعضها. وهذا سيكون مشروعاً فريداً من نوعه في المغرب، لأنه سيكون أول ترامواي يسير بمحاذاة الساحل.
وفي إطار هذا النموذج المتكامل، يمكن كذلك إضافة مسارات خاصة بالدراجات الهوائية على امتداد شارعي محمد الخامس ومحمد السادس، بما يتماشى مع رؤية مدن المستقبل ويشجع على التنقل النظيف.
في النهاية، لا أعارض تطوير المدينة أو إعادة تأهيل حديقة محمد الخامس، لكن المشروع الحالي يفتقر إلى رؤية متكاملة وحديثة، ويتجه عكس ما تسير عليه كبرى المدن العالمية، وقد تكون عواقبه وخيمة على الطابع الجمالي والبيئي والتراثي لشاطئ الجديدة.
آمل أن يتم التراجع عن هذا المشروع بالشكل الحالي، وإعادة النظر فيه وفق تصور شامل يُراعي كل هذه الجوانب الحيوية.