
بقلم: عزيز الدروش
منذ تعيينه على رأس الحكومة، لم يُظهر عزيز أخنوش سوى ما يُرسّخ الصورة النمطية عن رجال الأعمال متوحشين الذين دخلوا السياسة بلا مشروع سياسي و لا مشروع مجتمعي وطني، ولا كفاءة قيادية حقيقية. فرئيس الحكومة الحالي، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، أثبت أن جمع الثروة لا يعني بالضرورة امتلاك القدرة على تسيير شؤون الدولة من حجم المملكةالمغربية .
بل إن تجربة أخنوش في رئاسة الحكومة كشفت عن أزمة قيادة حقيقية، ليس فقط في الأداء الحكومي، ولكن أيضًا في بنية حزبه، وفي نوعية المحيطين به من أطر لا يتوفر فيهم شرط الكفاءة ولا الاستقلالية، بقدر ما يتقنون فن الولاء للزعيم المفدى والمحاباة.
حكومة التسويق السياسي بدل الفعل السياسي
منذ البداية، اختار أخنوش وحزبه الدخول إلى المشهد السياسي من بوابة المال والإشهار، بحملات انتخابية غير مسبوقة في الإنفاق والترويج. لكن حين انتهى زمن الشعارات، وجدت المملكة المغربية نفسها أمام حكومة بلا روح سياسية حقيقية، ولا مشروع سياسي و مجتمعي وطني واضح.
في ظل أزمات اجتماعية واقتصادية متلاحقة، من ارتفاع الأسعار نتيجة جشع لوبي المحروقات والعقار والادوية والمصحات والمواد الاستهلاكية الحساسة والضرورية و أشياء أخرى، إلى اختلالات في التعليم والصحة، لا نجد لدى الحكومة أي إجابات مقنعة؛ مجرد شعارات جاهزة مثل فرصة، أوراش، والمسار التنموي، تُستهلك إعلاميًا لتضليل الشعبالمغربي، دون أثر ملموس في حياة المواطنين.
حزب الأحرار… بين الولاءات والفراغ السياسي
تحت قيادة أخنوش، تحوّل حزب التجمع الوطني للأحرار إلى ما يشبه مقاولة سياسية، حيث تُوزّع المناصب حسب درجة القرب من الرئيس و الولاء والطاعة للزعيم المفدى، لا حسب الكفاءة أو الفكرة.
اختفى النقاش الداخلي، وانعدم الرأي المخالف، وأُحبطت كل مبادرات التجديد. والنتيجة: حزب كبير عددًا، فارغ مضمونًا.
أطر الحزب، في غالبيتهم، هم مجرد منفذين للتوجيهات و تعليمات الزعيمالأبدي، لا سياسيين حقيقيين. كثيرون منهم صعدوا إلى مناصب المسؤولية ليس بفضل الكفاءة أو التجربة، بل لأنهم من الدائرة المقربة من زعيم المفدى للحزب والحكومة.
معارضة الظل و الوهم بلا مخالب
لكن الأدهى من ذلك هو ما يُسمى اليوم المعارضة. فبدل أن تقوم بدورها في مراقبة الحكومة ومحاسبتها، نجدها تمارس المعارضة بـ شروط أخنوس. رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وهو أحد أبرز مكونات المعارضة، يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس ديوان رئيس الحكومة. في أي منطق سياسي يمكن القبول بهذا التناقض الفاضح وبيع الوهم للشعب؟
أما حزب التقدم والاشتراكية، الذي يُفترض أنه في صف المعارضة، فعدد من قياداته أعضاء مكتبه السياسي يشتغلون في دواوين وزراء حكومة أخنوش. أي مصداقية تبقى لمعارضة تتقاطع مع سلطة عزيز أخنوش إلى هذا الحد؟ وما خفي كان أعظم
أزمة نُخَب لا أزمة حكومة فقط
ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة أداء حكومي، بل أزمة سياسية شاملة. أزمة نخب تمتهن السياسة لأجل الامتياز، لا من أجل الفكرة أو المبدأ. نخب تجعل من الولاء طريقًا للترقي، ومن الصمت مهنة، ومن المناصب هدفًا بحد ذاته.
المغرب لا يحتاج إلى حكومة تُسوّق الوهم، ولا إلى معارضة تُبارك الصمت، بل إلى نخب شجاعة، وقيادات بمشروع وطني، وإرادة سياسية حقيقية للإصلاح.
إن استمرار هذا الواقع هو تهديد مباشر لثقة المواطن في المؤسسات، وللمسار الديمقراطي ككل. فالسياسة ليست شركة، والمعارضة ليست موظفًا، والحكومة ليست مقاولة خاصة. آن أوان القطع مع هذا العبث المقنن.
من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى.




