الواجهةثقافة وفنون ومؤلفات

قصيدة للشاعر محمد كابي بعنوان :” الموتى قاعدون”

الموتى قاعدون

شَرَفُ للأمة أن تكون مدرسا
وهبَ العمر كله لتكوين الأبناء
شرف للأمة أنّك كدت أن تكون
عند الأولين من الرسل والأنبياء
أهرقت شلالا من العرق
منحتك دمك / وقتك حد الغرق
صرفت أيامك ولياليك
ربيعك خريفك
تشعل للناشئة شمعة البهاء
على جمر التضحيات مشيتَ
لانك حق التعليم واجبا رأيتَ
فبذلت الجهد كله
بأحلام الغد انتشيتَ
فكنت للوطن من الاوفياء النبلاء
ماعافت نفسك الواجب
في الجبال والوهاد
في المداشر والبيداء
ما تأففت من محن ونوازل
بل زدت حماسا في السخاء
كان يهابك الكل ، الهوينا
تمشي قديسا في كل الأحياء
قلبك دليلك
لتتقن جمال التشييد وصرح النماء
هامتك ، صيتك سمعةٌ فاقت كل الأنباء
قدمت للأجيال الحب التقي النقي
دون مقابل وما اشتكيت من وخز الأنواء
كنت رسولَ المعرفة والعلم
قائد التربية والفكر
قنوعا طموحا في السنوات العجاف
حين عزّتْ كف الحباء
مضت حياتك بين القراطيس
والكتب حتى قل النظر
انهارت قواك
فغدوت صيدا ثمينا
لعيادات الأطباء
وحدك كنت في معارك الجهل
جندي الخفاء
وحدك بالحكمة حاربت
الغُلْب بضمير الحكماء
ها أنت اليوم وحدك
في ركن النسيان
تسكن فقط قلوب البارين
ولا تحظى بالثناء
في خريف العمر قالوا لك
انتهت صلاحيتك ما أنت إلا رقم
من أرقام العناد والعناء..
يقولون أننا الموتى/ قاعدون
قد انقطع بيننا حبل الإخاء
فمن كسر ريش الجناح
من رمى ربابنة السفن
في وجه الرياح
من سرق أوسمة العز والنجاح
وعلق على صدورنا
شهادة الساعة السوعاء
من رمى غدنا/ حلمنا على الرصيف
تراه يرمى العقيق في الهواء
من زرع في كبرنا بذرة الخريف
والعواصفِ الهوجاء
من أكل الثوم بفمنا باسم المدنية
وما أصلح أعطاب عجلة النماء..
وا أسفي على هذا الزمان وشره
يعنف ، يضرب المدرس
يرمى كسورا في سلة الإهمال
حين اغتيلت قيم الوطن
وأفئدة الحياء…
لا تيأس أيها الشهم
الندي /الكريم /الحليم
لا زال في هذه الأرض
رب يسمع جرح النداء
لم يذهب عمرك سدى
أنت عند الأجيال قدوة
عزة نفس / كرامة ونخوة
بعد هذا وذاك لا ترجو
اعترافا وشكرا
ناقصة شهادة الشعراء
لك عند الخالق خير الجزاء.
محمد كابي
3/10/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى