الصحراء المغربيةالواجهة

القاسم المشترك بين حيدر و حيدرا

بقلم أبو أيوب

    إنه ليس فقط تشابه أسماء … فما يجمع بين أميناتو حيدر القاطنة في قلب مدينة العيون بحي معطا الله ، و طليقة الكولونيل زهرة حيدرا الملقبة بلالا زهيرو و القاطنة حاليا بالديار الفرنسية . قاسمهما المشترك الأبرز قضية الصحراء الغربية المغربية ، و ما سوف تشهده من تحركات إقليمية و قارية و أممية طيلة شهر أكتوبر الجاري .

    فالأولى تعلن نهارا جهارا تأييدها المطلق لجبهة البوليساريو ، و ما يقوم به المنتسبون لها من تحركات بالمعبر الحدودي الكركرات ، بل تزكي ما يخططون له من خلال الإحتفال باليوم الوطني للخيمة ، و عبره تخليد الذكرى العاشرة للأحداث الأليمة التي عاشها مخيم كديم إيزيك نواحي العيون حاضرة الصحراء شهر أكتوبر من سنة 2010 ، بعدما عقدوا العزم على تأطيره في نسخته الثانية على مشارف المعبر ، فضلا عن تجرئها البين من خلال قيامها بتأسيس ( الهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال المغربي ) ، و هو ما يعتبر تحديا صارخا في وجه المملكة المغربية ملكا و حكومة و شعبا ، ثقل الوقع يستمده الحدث من جغرافية مكان الإعلان مدينة العيون عاصمة الصحراء .

    أما السيدة الثانية زهرة حيدرا المقيمة بالديار الفرنسية ، فقد ارتبط إسمها هي أيضا بقضية الصحراء و إن كان بلوك و أسلوب مغايرين … بحيث أنها من مكان إقامتها عبر وسائل التواصل الإجتماعي و في مسعى تطوعي كما يبدو عليه الحال ، قررت خوض تجربة شبيهة بالمسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء أواسط ثمانينيات القرن الماضي ( سنة 1975 التي نادى بها و خطط لها العاهل الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه ) ، من خلال التطوع و الدعم و المساندة لمسيرة وطنية أطلق عليها إسم ( مسيرة الرباط نحو الكركرات ) . مسيرة بحسب تسريبات و تصريحات رسمية لم تحض بترخيص رسمي من لدن وزارة الداخلية المغربية ، البعض يقول بأن القيام بمسيرة حسب القانون المغربي لا تشترط الترخيص ، بل مجرد إخطار يوجه الى عناية السلطات المعنية يتم بموجبه الإعلان عن توقيت و مسار و أهداف النشاط المراد القيام به ، فيما يقول البعض الآخر بأن الأمر يتطلب ترخيصا رسميا بالموافقة على المسيرة المزمع القيام بها .

    بتقييمي و نظرا للظرفية الحالية المتزامنة مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية الخامسة و السبعين ، يتعذر الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية المغربية ، و ذلك لعدة إعتبارات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : ليس بوارد أن تتحمل الوزارة المعنية العبئ المالي/ التنظيمي من وسائل نقل و وقود و مؤن غذائية …./ الأمني و ما يتطلبه من تأطير و حماية للمشاركين في المسيرة ، بالتالي تحمل وزر الإشراف و التنظيم قد يتسبب في مواجهة مباشرة بين المغرب الرسمي و الأمم المتحدة في هذه الظرفية ، كما قد يعتبر بحسب بعض المراقبين خرقا سافرا لإتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين طرفي النزاع ( المغرب و جبهة البوليساريو يوم 6/9/1991 ) ، في حالة الترخيص للمسيرة قصد الوصول الى الكركرات .

    بالعودة الى تقييم الخطوتين بمنطق عقلاني موضوعي سليم ، يتضح بأن السيدة الأولى تنطلق في مساعيها من زاوية تضامنية صرفة وفق اعتقادها هي و إيمانها الراسخ بعدالة القضية التي نذرت نفسها للدفاع عنها ، تضامنها و دفاعها جلب لها سنوات سجنية و هي شابة في مقتبل العمر ، و في اعتقادي سنوات السجن هذه صقلت توجهاتها المعادية للمغرب ، و قد زادتها قوة و عنادا و إصرارا ما بعد حادث تمزيق جواز السفر المغربي على رؤوس الأشهاد بداية الألفلية الثانية ، بعدما حطت الرحال بمطار الحسن الأول بمدينة العيون قادمة من رحلة قادتها الى أرخبيل لاس بالماس .

    فيما يبدو منطلق السيدة الثانية زهرة حيدرا ظاهريا ، أساسه غيرة وطنية و تحليا بروح المواطنة الحقة و حب الإنتماء ، و باطنيا يبدو الأمر استرزاقيا يتاجر بالقضية الوطنية من خلال جمع التوقيعات و التبرعات ، مع اختلاف من حيث مكان انطلاق المبادرتين ( العيون/ باريس) . بحسب بعض التسريبات و من منطلق إيمانها الراسخ بعدالة قضية المغاربة الأولى ، بادرت العداءة السابقة السيدة نزهة بيدوان بتقديم دعم مالي بمبلغ 386.000 درهم لفائدة الساهرة على تنظيم المسيرة ( ثمانية و ثلاثون مليون سنتيم مغربي و نيف ) ، و لحد الساعة لم تتمكن العداءة بيدوان من إسترجاعها ، رغم الإعلان عن عدم ترخيص وزارة الداخلية لتنظيم المسيرة ، و القانون في هذه الحالة يلزم باسترداد المبلغ المدفوع في حالة إنتفاء ما خصص لأجله .

    كما تجدر الإشارة الى أن لالا زهيرو قد ثبت تورطها في ملفات فساد و رشوة …، وفق ما أعلن عنه و صرح به طليقها الكولونيل المغربي ، وقتذاك كانت المعنية تقطن و زوجها الضابط السامي بالأقاليم الجنوبية ، و قد جاء التصريح تزامنا مع حملة التضامن التي شاركت فيها المعنية شخصيا ، إبان تفجير قضية الفنانة المغربية دنيا باطما و فضائح ملف حمزة مونبيبي و إنطلاق أطوار المحاكمة .

    زوار موقع الجديدة نيوز ، كان هذا غيض من فيض و لمحة و إطلالة على من يدعون الدفاع عن قضية المغرب الأولى ، بينما الكثيرون منهم في الحقيقة ، يتاجرون بالقضية و يسترزقون بجمع الهبات و التبرعات في المناسبات الوطنية و الدولية ، لذا فالأنسب و الأحق بالدعم و السند هم العساكر المرابطون في الثخوم و في المواقع الأمامية من الجدار الدفاعي المغربي ، من ضباط و ضباط صف و جنود و قوات رديفة، مع وجوب الإلتفات الى أحوال قدماء المحاربين و المتقاعدين و أسرى حرب الصحراء المحررين و أسر الشهداء و عوائل المفقودين، فهم الأحق بالدعم و المؤازرة .

    بدل تخصيص الدعم لأشباه الفنانين و الدرابكية و البنادرية و راقصي القعدات القصديرية ، في حين أن الوقت يضايقنا و مؤشرات المستجدات لا تبشر بالخير ، على ضوء الطارئات في المشهد المغاربي و أخص بالذكر ثلاث أجراس إنذار و نذر شؤم :

* عزم الأمم المتحدة تحت إشراف مباشر لأمينها العام السيد غوتيريش ، عقد قمة لمناقشة الملف الليبي عبر تقنية التناظر عن بعد ، بمشاركة الدول التي لها حدود مشتركة مع ليبيا ( مصر/ السودان/ التشاد/ النيجر/ تونس/ الجزائر ) و هي المعنية مباشرة بالنزاع ، حيث تعقد القمة وفق مخرجات قمة برلين ذات الصلة بالملف الليبي ، مع ملاحظة استبعاد المغرب أو لنقل إقصاءه للمرة الثانية على التوالي رغم مساعيه المبذولة و مقاصده المحمودة للتوفيق بين الفرقاء الليبيين .

* الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو شانسيز للمنطقة المغاربية ، حيث يزور خلالها كلا من تونس و الجزائر مع استثناء المغرب ، بخلاف ما دأب عليه من عادة كل رؤساء الحكامات الإسبانية المتعاقبة ، في تصريح له لوسائل الإعلام أعلن من خلاله ، أن زيارته للجزائر تدخل ضمن إطار العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين البلدين ، و من منظور الشراكة الإقتصادية و توافق الرؤى السياسية فيما له علاقة بمشاكل المنطقة ، ثم أردف مصرحا بأن الجزائر تتميز بثقلها السياسي و العسكري بمنطقة شمال إفريقيا و عموم القارة السمراء ، و بمقوماتها الإقتصادية مع التنصيص على إبرام عدة صفقات و مشاريع كبرى و إستثمارات ضخمة بملايير الدولارات. هذا ما يعتبر بمفهومي ( تقطيرا للشمع ) و تأجيجا لحنق المغرب و محاولة لخنقه إقتصاديا .

* المعطى الثالث ما يتبلور بمنطقة الكركرات من محاولة إغلاقه نهائيا في وجه الحركة التجارية المغربية نحو دول غرب إفريقيا ، و ما تعرفه المناطق الواقعة شرق الجدار من تحركات عسكرية و نقل معدات و أسلحة ثقيلة ، بالتزامن مع انطلاق أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية 75 ، على ضوء ما هو مرتقب حدوثه أثناء الثلاث جلسات التي خصصت لقضية الصحراء .
و إذ أكتفي بهذا في مقال اليوم على أمل أن يتجدد لقائي بكم ، زوار موقع الجديدة نيوز ، في الأيام القادمة ، والى ذلكم الحين أستودعكم في حفظه و رعايته .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى