قبيلة الثقافة والفن المتناحرة .. في الحاجة إلى مناظرة جديدة حول الثقافة
بقلم : د. محمد الوادي
أقبل أن يتناطح التيوس، ويتقاتل الذكور من الحيوانات على الإناث والزعامة والمملكة الجغرافية، ويدخل الأعداء من الدول، ومن الخصوم السياسيين، ومن تجار الممنوعات،… في صراع ومعارك تستخدم فيها كل الأساليب والأدوات، ولكن لا أفهم أبداً المعارك الشرسة التي تخرج عن نطاق المستويات النقدية والأدبية بين فرقاء من نفس الفصيل.. من نفس الهمّ.. من نفس العائلة والقبيلة الفنية والثقافية.
الوضع الثقافي والفني في المغرب بئيس جداً والفُتَات الذي يُرمَى للقطاع أبْأَس. والأدهى من هذا والأمَرّ هو الوضع الاعتباري المهتز للمثقف وللفنان.. الفنان الحقيقي.. والفاعل الحقيقي.. والمثقف الحقيقي لا يساوي شيئاً في ميزان التقدير الرسمي، وفي بورصة القيم. معركتنا الحقيقية يجب أن تكون ضد الرداءة، وضد الانتهازية، وضد من يكرس هذه الرداءة والانتهازية ويدعمها، وضد السياسة الثقافية في البلاد التي لم تنتج غير تطاحنات ومعارك دونكيشوطية على القَشّ، وعلى مصالح آنية.
يؤلمني جداً أن أرى وأسمع بعض الفنانين ( لا أتحدث هنا عن المتطفلين والدخلاء والبئيسين إبداعاً) يطعنون في زملائهم ويُشَهِّرون بهم.
أدعو العقلاء والحكماء من الأدباء والفنانين والذين هم محل ثقة السواء الأعظم في المجال التدخل، بالحكمة التي عرفوا بها، لتهدئة النفوس، وللبحث عن مخرج ليس للمشكلة الطارئة، بل للمشاكل الهيكلية والتنظيمية المستدامة.
وزارة الثقافة مطالبة بإعادة النظر في العديد من الأشياء. لا بد وأن تواكب التطورات الطارئة على الساحة الفنية، لا بد وأن تصبح لها رؤية واضحة و سياسة ثقافية متفق عليها بعيدة عن التوجيهات، وعن الحزبية الضيقة.
كَثرة النقابات خلق الفرقة، وشتت الجهود، وأعطى الفرصة للعب على وتر استبعاد تحقيق المطالب.
شيء طبيعي أن يكون هناك نقد وتدافع. هذه حالة صحية تنم عن حقل متحرك فاعل ومتفاعل، ولكن من غير تجريح، ومن غير اتهام، ومن غير سوء نية.
صعب جداً أن يتم إرضاء الجميع، ولكن الظرف استثنائياً، والمرحلة حساسة، كان لا بد من استشارات واسعة قبل اتخاذ القرار. قد يكون ما حدث فرصة سانحة للتفكير الجماعي العميق بحكمة، ودراسة مستفيضة للوضع الثقافي ببلادنا تتوج بمناظرة وطنية جديدة حول الثقافة تكون برعاية وتوجيهات ملكية، ويكون الهدف منها هو مصلحة الثقافة والمثقفين، والفن والفنانين.