للتاريخ .. هذه مواقف العدالة والتنمية من المعاشات والامتيازات البرلمانية (عن موقع pjd)
موقف العدالة والتنمية، من الامتيازات المالية والمعاشات والتعويضات البرلمانية مبدئي، وبعيد كل البعد عن أي مزايدات سياسية، فضلا عن كونه يستند إلى قناعة الحزب الثابتة وعلى منهجه القائم على ترشيد المال العام، منذ تجربته الأولى داخل المؤسسة البرلمانية، حيث عبر “المصباح” بهذا الشأن في أكثر من مناسبة، عن مواقف جريئة ومشرّفة تستحق التنويه.
وخير مثال على ذلك، إحالة فريق العدالة والتنمية بالغرفة الأولى، بتاريخ 17 يناير 2018 بشكل رسمي على مكتب المجلس، لأول مقترح قانون يقضي بـ”تحديد شروط وكيفيات تصفية نظام معاشات أعضاء البرلمان”، وذلك في سياق الجدل الذي أثير حول هذه المعاشات، بالتزامن مع توقف صرف المعاشات للنواب البرلمانيين.
وفي مقابل ذلك، وضعت الفرق البرلمانية مجتمعة بمجلس النواب، باستثناء فريق العدالة والتنمية، مقترح قانون يقضي بإنقاذ معاشات “ممثلي الأمة”، بعدما قرر الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، المعروف بـ”CNRA”، والتابع لصندوق الإيداع والتدبير، عدم دفع معاشات النواب البرلمانيين منذ أكتوبر 2017 بسبب الإفلاس.
رفض الزيادة في التعويضات
ففي أول احتكاك لحزب العدالة والتنمية، مع الامتيازات المالية المتعلقة بالبرلمانيين، أعلن رفضه لمقترح الزيادة في تعويضات البرلمانيين، وأصدر فريق الحزب آنذاك بيانا يوم 9 يناير 2002، ضمنه موقف الرفض والدعوة إلى التخلي عن المقترح والعمل على وضع حد لجميع الامتيازات مهما كان نوعها وحجمها، وهو ما كان بالفعل حيث تم سحب المقترح.
لكن أصحاب هذا المقترح عادوا ليطرحوه مجدّدًا في الولاية التالية، حيث تم إجراء توسيع في الامتيازات البرلمانية، همّ أربعة نقط تتعلق بالسفر عبر القطار، ونسبة تخفيض في رحلات الخطوط الملكية المغربية، والامتياز الجمركي، وإضافة 1000 درهم للتقاعد عن كل سنة من الانتداب البرلماني.
وهو ما تُوثّقه مراسلة لرئيس مجلس النواب حينها عبد الواحد الراضي لرؤساء الفرق بتاريخ 10 يونيو 2003، يشرح فيها أن هذه الامتيازات جاءت حصيلة “عدة اجتماعات مع إدريس جطو الوزير الأول بحضور مصطفى عكاشة رئيس مجلس المستشارين و فتح الله أولعلو وزير المالية والخوصصة ومحمد سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان”.
مشروطية الحصول على الامتيازات
ووفاءً منه لنهجه القائم على ترشيد الإنفاق العمومي، كان فريق العدالة والتنمية، اقترح ربط أي امتياز لصالح البرلمانيين، بالحضور في أشغال المجلس مقابل إقرار اقتطاع من تعويضات للمتغيبين، وردّ على مراسلة الراضي برفض مجمل الامتيازات، ومنها إضافة 1000 درهم عن كل سنة في التقاعد.
وأعلن الفريق في مراسلة للراضي بتاريخ 26 يونيو 2003: أنه “لا يرى ما يدعو إلى الرفع من معاشات النواب، خاصة وأن ذلك سيؤدي إلى المس بصورة المجلس لدى عموم المواطنين فضلا عن أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العامة للبلاد تدعو الفريق إلى التحفظ الشديد على هذا المقترح”.
موقف تاريخي مشهود
إلى جانب بلاغ 2002، ومراسلة 2003، كان فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، قد صوت في موقف مشهود، بالامتناع ولأول مرة على ميزانية البرلمان برسم سنة 2005 داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، بناء على قرار للأمانة العامة عممته في بلاغ وقعه الأمين العام آنذاك الدكتور سعد الدين العثماني يوم 15 نونبر 2004.
وجاء في بلاغ أمانة “المصباح”: “عقدت الأمانة العامة يوم الاثنين 02 شوال 1425 ه موافق 15 نونبر 2004 اجتماعا خصص لمدارسة تصويت فريق العدالة والتنمية على مشروع ميزانية البرلمان لما تضمنته هذه السنة من الزيادة في تعويضات البرلمانيين، وهي التي سبق للفريق أن ربطها بالحضور في الجلسات العامة وأشغال اللجان تطبيقا لمقتضيات النظام الداخلي وطالب بالاقتطاع من تعويضات المتغيبين بدون عذر”.
وأضاف البلاغ، “وحيث إن تلك المقتضيات لم يتم تفعيلها لحد الآن، وانسجاما مع موقف الحزب المبدئي والحازم من تدبير المال العام وتخليق الحياة العامة فإن الأمانة العامة قررت أن يصوت الفريق بالامتناع على ميزانية البرلمان إلى حين تفعيل المقتضيات المذكورة”.
تسقيف أجور كبار الموظفين
وفي سياق النقاش الذي أثير حول التفاوتات “الصارخة” بين الأجور العليا والدنيا في الوظيفية العمومية، كان العدالة والتنمية، في الموعد كعادته، حيث كان من السباقين إلى ضرورة إعداد مقترح قانون للحد من أجور وتعويضات كبار الموظفين، وهو المقترح الذي تبلور في إطار مقترح تقدمت به فرق ومجموعات الأغلبية البرلمانية سنة 2018، وجرى تقديمه بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب.
واعتبر الفريق على لسان عدد من أعضائه، أن من شأن هذا المقترح، “التخفيف من ثقل كتلة الأجور على ميزانية الدولة والمساهمة في ترشيد النفقات العمومية، بما يساهم في العدالة الاجتماعية داخل الإدارة العمومية، وذلك بالقطع مع التمييز غير الموضوعي بين مختلف الوظائف والمناصب السامية داخل الإدارات والمؤسسات العمومية، وبالتالي توفير موارد مالية مهمة للخزينة العامة للمملكة”.
دعم منع تعدد التعويضات
من جهة ثانية، لم يتأخر رد العدالة والتنمية، على “الإشاعات” التي تُثار هنا وهناك بخصوص موقفه من تعدد تعويضات البرلمانيين، وهو المقترح الذي جرى تقديمه خلال سنة 2018 بمجلس النواب، حيث أكد عبد الله بووانو نائب رئيس فريق “المصباح” بالمجلس نفسه، أن فريق العدالة والتنمية، ليس لديه أي موقف سلبي من مقترح قانون منع الجمع بين التعويضات، بدليل أنه، كرئيس للجنة المالية بمجلس النواب، برمجه للنقاش، مطمئنا الجميع بكون حزب العدالة والتنمية لن يغير جلده أو موقفه، ولن يغير مبادئه وتصوره تجاه هذا الموضوع.
بووانو، أوضح، في تصريح لموقع “pjd.ma”، أن موقف حزب العدالة والتنمية من مقترح القانون قديم ويرجع للسنوات الأولى لتواجد هذا الحزب داخل البرلمان، داعيا في السياق ذاته، إلى العودة إلى بيانات الفريق منذ 1997 فيما يتعلق بالامتيازات أو ما يصطلح عليه بـ”الريع”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن العدالة والتنمية، وانسجاما مع موقفه الثابت دائما منذ 2002 خلال مراحل مناقشة القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب في 2002، أو القانون التنظيمي لمجلس النواب في 2011، أو القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، كان دائما يستحضر حالة التنافي ما بين البرلماني ورئيس جماعة ترابية، ويطرح ذلك للنقاش.
موقف ثابت لتصفية المعاشات
وبعد تجدد النقاش خلال هذه الآونة، حول معاشات أعضاء مجلس النواب، عقب شروع مجلس النواب في تقديم مقترحات قوانين تتعلق بإلغاء وتصفية معاشات البرلمانيين وأخرى تتعلق بإصلاح الصندوق الخاص بهذه المعاشات، أعلن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، سحب توقيعه على مقترح القانون المتعلق بمعاشات أعضاء مجلس النواب المسجل تحت رقم 89 وتاريخ 12 يونيو 2018.
وأكد فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، في مراسلة وجهها لرئيس مجلس النواب، الاثنين 12 أكتوبر الجاري، أنه يحتفظ بمقترح القانون الذي قدمه بشأن تحديد شروط وكيفيات تصفية نظام معاشات أعضاء البرلمان، المسجل تحت رقم 71 بتاريخ 17 يناير 2018.
ويؤكد هذا المقترح رفض نواب “المصباح” استفادة نظام التقاعد بمجلس النواب من أي دعم عمومي، معتبرين أن كل سيناريوهات الإصلاح لا يمكن أن تقدم حلا يؤدي إلى اعتماد النظام على موارده الذاتية دونما حاجة إلى دعم عمومي.
التعجيل بطي الملف
وفي غضون ذلك، أكد فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن موضوع معاشات أعضاء البرلمان، “لم يعد يحتمل التأجيل”، معلنا في مقابل ذلك، أنه يدعم كل المبادرات الرامية للحسم في هذا الملف عبر مقترح التصفية النهائية، لطي هذا الملف بشكل نهائي.
وسجل إدريس الأزمي الإدريسي عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، الذي كان يتحدث يوم الثلاثاء 13 أكتوبر الجاري، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن الفرق والمجموعات النيابية بحثت عن عدة طرق لإصلاح هذا النظام، مع رفع شعار جماعي أن هذا الإصلاح لا ينبغي أن يتم على حساب ميزانية الدولة، وهو ما يعني تعذر إصلاح هذا الصندوق في ظل هذا الوضع.
وتابع خلال هذا الاجتماع، الذي خُصص لمناقشة عدد من مقترحات القوانين، ومنها دراسة مقترح قانون حول معاشات أعضاء مجلس النواب، “وهو ما دفع فريق العدالة والتنمية آنذاك لتقديم مقترح لتصفية نظام تقاعد أعضاء مجلس النواب، بما يضمن عدم اللجوء إلى ميزانية الدولة لسد عجزه، حيث كان هذا المقتضى بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.
وبناءً على ذلك، شدد الأزمي، على أن الكل مجمع اليوم على أنه لم يبق إلا حل واحد وهو التصفية والحسم في هذا القرار دون أي تأجيل، لطي هذا الملف وإغلاقه بصفة نهائية، لاسيما في ظل اتفاق الجميع حول ضرورة تصفية وإيقاف معاشات البرلمانيين، داعيا إلى وضع آجال زمنية محددة ومُدقّقة للحسم في هذا الموضوع.
هذه هي مواقف العدالة والتنمية، من مختلف الامتيازات المالية بصفة عامة، ومن الإضافة التي عرفها تقاعد البرلمانيين، وهذا تاريخٌ لا يمكن أن نكذب عليه، كما لا يمكن أن نُنطقه بما لم يسجله، وهو منصف على كل حال للحزب، على الرغم من التدليس والتمويه اللذان يحكمان تدافع وصراع خصومه معه.