هي مسألة أيام … فماذا بعد ؟
بقلم أبو أيوب
مناسبة الكلام عن ما ستشهده الجارة الشرقية الجزائر في القادم من الأيام ، حيث من المتوقع أن يتم التصويت على مسودة الدستور الجديد للجمهورية الجزائرية ، موعد التصويت اختير بعناية فائقة تستمد روحها من ثورة الفاتح من نونبر 1954 . يتصادف الحدث مع تخليد الذكرى التي من المنتظر أن تعيش على وقع استعراض عسكري ، تعرض من خلاله مختلف أنواع الأسلحة الروسية الحديثة التي اقتنتها الجزائر ، و من المحتمل جدا أن يكون من بينها بحسب بعض التسريبات الشبه مؤكدة طائرة الشبح الروسية سو 57 .
بالعودة إلى الرسائل المراد بعثها لمن يعنيهم الأمر من دول الجوار و أخص بالذكر المملكة المغربية ، لا بد من إلقاء نظرة سريعة على مواد مسودة الدستور المعروض على الإستفتاء الشعبي ، حيث تشير المواد 91/32/31 من المسودة إلى إمكانية نشر وحدات من الجيش الجزائري خارج الحدود ، و بمسوغات عدة طبقا لما ينص عليه القانون الدولي ، أي بما معناه ، بطلب من الأمم المتحدة ( القبعات الزرق ) أو الإتحاد الإفريقي ( قوات إفريقية لحفظ السلم و الأمن ببؤر النزاعات المسلحة ) أو بطلب من جامعة الدول العربية ، و هو ما يوفر لعملية نشر الجيش الجزائري خارج الحدود غطاء قانونيا يتناغم مع قواعد الشرعية الدولية .
في الشق المتعلق بمساعي مجلس الأمن و السلم التابع للإتحاد الإفريقي ، تجدر الإشارة إلى تسارع وتيرة الأعداد و التحضير لنشر حوالي 3000 جندي من قوات حفظ السلام الإفريقية بشمال مالي على مقربة من الحدود مع الجزائر ، و هو الإنتشار العسكري الذي سوف يعطي قيمة مضافة للمواد الثلاثة من مسودة الدستور الجزائري المعروض على الإستفتاء .
ضمن المقاربة و الرؤية نفسها ، ما تسرب من أخبار موثوقة عبر عنها ما يسمى وزير خارجية الدولة الصحراوية ، مفادها الإفصاح عن النية على عقد معاهدات دفاع مشترك مع الدول الصديقة ، و هي بالمناسبة دعوة صريحة أرسلها المسؤول الصحراوي إلى الجزائر الحليفة ، و رسالة تهديد و وعيد مبطنة للمملكة المغربية .
التوقيع على المعاهدة من شأنه أن يضع المغرب في مواجهة مباشرة مع أسرته المؤسساتية الإتحاد الإفريقي ( الأخير يعترف بالصحراء كدولة افريقية مؤسسة قائمة بذاتها و آخر مستعمرة بإفريقيا بحسب نظرة الإتحاد للنزاع ) ، و من خلاله يصبح المغرب في مواجهة مع أخطر جهاز مقرر بالمنظمة القارية الذي يلعب أدوارا طلائعية في رسم سياسات الإتحاد ، و أعني به مجلس السلم و الأمن الذي يترأسه الجزائري إسماعيل أشرقي ، للتذكير هو بمثابة مجلس الأمن الدولي لكن بصيغة قارية محضة .
كما لا يفوتنا التذكير بكون إبرام معاهدة الدفاع المشترك يرقى إلى إعلان حرب بشمال غرب إفريقيا ، و من خلالها سيجد المغرب نفسه في مواجهة عسكرية مباشرة مع دول الجوار ( الجزائر- موريتانيا و من أمامهم جبهة البوليساريو ) ، وضع سوف سيستدعي بالضرورة تدخل الإتحاد الإفريقي عبر إرسال قوات إفريقية لحفظ السلم و الأمن ، و هذا هو الكابوس Le cauchemar الذي يتحاشاه المغرب بكل ما أوتي من قوة ، من زاوية أن أي تدخل للإتحاد الإفريقي سيفضي في النهاية إلى الإعلان الرسمي عن استقلال الصحراء عن المغرب ، صحراء تعتبرها المملكة المغربية و بلسان العاهل المغربي قضية وجود و ليست صراع حدود .
تسارع الأحداث بالتزامن مع تكثيف الضغوط سواء ما تعلق منها بجلسات مجلس الأمن الدولي بخصوص النزاع ، أو بما يتم التحضير له عبر إرسال قوات إفريقية لشمال مالي ، فضلا عما يقوم به الخصوم جنوب و شرق الجدار الدفاعي المغربي ( الكركرات- مهيريز- بير لحلو- تيفاريتي… ) و ما يخططون له بداخل المدن الصحراوية بخاصة مدن العيون و السمارة و الداخلة و بوجدور .
قلت تسارع الأحداث … قد يفضي في النهاية إلى توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالأقاليم الصحراوية ، حدث في حالة إقراره امميا يعتبر انتقاصا من سيادة المغرب على الصحراء و ضربة موجعة للمملكة المغربية ، يفوق وقعها بكثير ما خلصت إليه أحكام محكمة العدل الأوروبية التي اعتبرت المغرب و الصحراء كيانين منفصلين عن بعضهما البعض ….
إلى هنا أستودعكم زوار موقع الجديدة نيوز ، في حفظ من لا تضيع ودائعه على أمل اللقاء بكم في القادم من أيام ….