أخبار دوليةالواجهةمجرد رأي

أمريكا المنهكة و التوابع المربكة

بقلم أبو أيوب 2024/5/2

مركز بيغن السادات الإسرائيلي للدراسات الإستراتيجية خلص إلى أن أية حرب جزائرية مغربية هي مقدمة سيناريو رهيب يهدد الأمن و الإستقرار في شمال إفريقيا و منطقة الساحل و الصحراء … وللإشارة، فقد تزامنت الخلاصة مع عقد لقاء ثنائي رسمي مغربي أوكراني بالعاصمة الرباط حضره السفير المعتمد لدى المملكة المغربية ، من خلاله عبر الجانب المغربي عن الرغبة في أن يقوم الرئيس فلودومير زيلينسكي بزيارة رسمية للمغرب .

خلاصة ولقاء ردت عليه على ما يبدو روسيا بإرسال طائرة شحن عسكرية من الوزن الثقيل محملة بأسلحة جوية وقطع غيار تخص طائرات سو 35 و 57 ضمن صفقة تسلح أبرمت بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري لروسيا في عز العقوبات الأمريكية والغربية عليها ، زيارة اعتبترها أمريكا رسالة تحدي بشكل من الأشكال … وبالرجوع إلى تقرير المركز الإسرائيلي للدراسات الإستراتيجية وما يومىء إليه ، تمت ملاحظة رغبة إسرائيلية تحث المغرب على الإنخراط العلني في حرب أمريكا ضد روسيا .. وأن أمريكا في هذه الحالة ستكون على استعداد لدعم المغرب في أي حرب مع الجزائر ، بما يكفل تحقيق النصر في أقصر مدة ممكنة ..

على الجانب الآخر ، تسريبات الإستخبارات الروسية أشارت إلى تورط المغرب في الحرب الأوكرانية ، في تلميح مباشر إلى 72 دبابة تي 72 التي أرسلها المغرب بهدف تحديثها لكن السلطات التشيكية قامت بمصادرتها سنة 2022 ، بحسب تصريح رسمي لوزارة الخارجية المغربية … عدم اقتناع الجانب الروسي بالرد المغربي ظهر جليا أثناء زيارة الوزير لافروف للرباط ولقائه بنظيره الوزير ناصر بوريطة … حيث تم تسجيل عدم رغبة وتحاشي لافروف معانقة مضيفه كما جرت به العادة في زياراته لجنوب إفريقيا والجزائر مثال .

بالتالي وعلى ضوء التطورات والمستجدات الدولية ، قد تعتبر الرغبة الإسرائيلية محاولة توريط المغرب في الحرب الأوكرانية ، كما تم من قبل توريط قوات التحالف العربي في الحرب على اليمن سنة 2015 دون تحقيق أي من أهداف الحرب رغم الدعم العسكري والمخابراتي الأمريكي والغربي عموما التحالف العربي … أما أمريكا التي لم تنتصر في أية حرب ( فيتنام و افغانستان مثال) ، فهي نفسها أمريكا التي لم تف بأي وعد سابق سواء ما تعلق بنشر الديموقراطية في العراق بعد تحرير الكويت ، أو ما ارتبط بوعد النصر المحقق في الحرب على اليمن ، ولا هي أمنت أيضا النصر لإسرائيل في حرب غزة بعد طوفان الأقصى رغم الجسر الجوي والأسلحة الحديثة والصواريخ الذكية من مختلف الأحجام فضلا عن مشاركتها مباشرة في الحرب ، ولا استطاعت أيضا ردع إيران وإجهاض ردها العسكري على إسرائيل ، رد إيراني زلزل الوكيلة وصفع الأصيلة فماذا كانت النتيجة ؟

سبع صواريخ إيرانية فرط صوتية دكت أكبر قاعدة جوية إسرائيلية والأكثر تحصينا حيث مربض الإف 35 الشبحية ، وقاعدة برية ومركز تجسس وجمع المعلومات بالجولان المحتل ، ويبقى المتستر عليه تدمير أربع مراكز بحوث وتجارب نووية بمحيط المفاعل النووي ديمونا بصحراء النقب جنوب فلسطين ، في رسالة واضحة بعدم رغبة إيران استهداف المفاعل ذاته رغم توفرها على الأسلحة المناسبة ، و هي إشارة كذلك إلى عدم الرغبة في التصعيد أو في حرب إقليمية تهدد الامن العالمي و استقرار الشرق الأوسط والخليج .

الرد الصاعق الإيراني أجهض كل محاولات أمريكية وإسرائيلية لرد الفعل ، كما كشف عن نوعية وحجم القدرات الصاروخية لإيران، فضلا عن حرص إيران الشديد على تفضيل حرب استنزاف طويلة الأمد بهدف إنهاك القوات الأمريكية المنتشرة بالشرق الأوسط والخليج أسلوبها المفضل وتكتيك الحرب المعلنة يشبه إلى حد بعيد تكتيك الكلاب البرية الإفريقية في رحلات صيدها ، وخزات من اليمن ولسعات بغزة ولدغات من العراق وجنوب لبنان .. والعنوان الأبرز لحال أمريكا اليوم عبر العالم إنهاك وإرباك ..

حائك السجاد الإيراني ومبدع الشطرنج ، وفقيه الصبر الإستراتيجي أربك كل حسابات أمريكا بالمنطقة ، وقد استغل انشغال أمريكا بالإنتخابات الرئاسية وتموجات الشارع والرأي العام الأمريكي ( مسيرات مناهضة للعدوان الإسرائيلي وتجمعات طلاب وأساتذة بالجامعات مناصرة لغزة وقضية فلسطين) ، فضلا عن تنامي المد العنصري وما تمخض عنه من شرخ في الجبهة الداخلية …

كل هذا شجع إيران على مواصلة سياستها وتقوية موقعها وتحالفاتها ودورها المتعاظم في المنطقة الشرق أوسطية ، كفاعل مؤثر لا غنى عنه وليس كمفعول به على غرار الكيانات الوظيفية بالعالم العربي
ورغم العقوبات الغربية والحصار الأمريكي المفروض عليها منذ انهيار النظام الشاهنشاهي ، استطاعت إيران الوصول إلى مراتب متقدمة في مجالات حيوية عديدة أذكر منها : إرسال أقمار صناعية وغزو الفضاء .. المعلوميات والصناعات الحربية، مجال الطب وصناعة الأدوية، الفلاحة وتربية الأحياء المائية، الطاقة من غاز ونفط وكهرباء، وتبقى ذرة التاج دخولها نادي الدول النووية من بابه الواسع ، والأهم صفر مديونية حماية لإستقلالية قرارها السياسي السيادي رغم أنف الغرب وعقوباتها وتجميده لأرصدتها المالية …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى