المتاهة و التفاهة … عنوان الزمن المغربي
بقلم أبو أيوب
كل سنة تشهد بعض مناطق المغرب كوارث ناجمة عن فيضانات أو حرائق ( غضب الطبيعة ) ، تخلف في شموليتها فواجع إنسانية و مآسي اجتماعية في الحواضر و القرى . على إثرها تعج مختلف المنابر الإعلامية بأخبارها و تحليل أسبابها و مسبباتها ، لكنها تحمل المسؤولية في أكثريتها للمواطن المغربي ( هو لي كيرمي الزبل فالقوادس بدل الطارو ، بالتالي تختنق قنوات الصرف الصحي في الموسم المطير / أو هو لي ما التزمش بالتدابير الإحترازية و لم يستعمل الكمامة بالتالي انتشر الفيروس مثال ) ، و القليل من المواقع من يحمل شيئا من المسؤولية لمسيري الشأن العام و بعضا منها للشركة الساهرة على التطهير السائل . لتبقى المسؤولية يتقادف بها بين هذا و هذا و ذاك و أولائك في جزر الواقواق تنصلا من تحمل المسؤولية .
للتغطية عن المأساة يتم إحداث لجنة تسهر على تحديد المسؤولية ، تتكون في مجملها ممن هم في الأصل مسؤولون عن حدوثها و لو من باب تصريف شؤون المواطنين ضحايا الكوارث ، بالتالي تكون اللجنة في الأساس قد أحدثت للتماطل و التمطيط في إنجاز تقرير دون الإخبار بمن يتحمل المسؤولية بنية قبر الملف بفعل الزمن و تناسل الأحداث ( وحدة تنسيك فلخرى) .
مصير التقرير و البحث و التدقيق بتقديري ، كمصير الشكاية المقيدة ضد مجهول ، لنبرر المأساة من زاوية كم حاجة قضيناها بتركها ، أي بمعنى آخر ، تنصل من المسؤولية و إسقاطها على الآخر ، الإدارة الترابية تلقي باللائمة على المجلس البلدي ، و هذا الأخير يشير بأصابع الإتهام الى الشركة المفوضة التي تتهم هي الأخرى المواطن … حلقة مفرغة ضمن سلسلة متاهات ، يكون فيها المواطن هو الضحية و المتهم . للتدليل على هذا في الوقت الراهن ، كارثة الدار الفيضاء عفوا البيضاء او لنسميها البندقية تيمنا ب VENISE الخالبة .
في تصريح رسمي لها خرجت شركة ليدك الفرنسية المفوضة بتدبير التطهير السائل ، بخلاصة تحمل من خلالها المجلس الجماعي للدار البيضاء المسؤولية فيما وقع بالمدينة على إثر الفيضانات ، و ما نجم عنه من اضرار مادية و ضحايا بشرية ….، و قد أكدت الشركة أنه ضمن المخطط الإستعجالي لتأهيل الدار البيضاء الكبرى ( البنية التحتية من طرقات و مواصلات و توسعة قنوات الصرف الصحي …..) ، مخطط بغلاف مالي مبلغه 1700 مليار سنتيم مغربي ، حيث تم التوافق بمساهمة الشركة الفرنسية بمبلغ 500 مليار و 1200 مليار المتبقية يتحملها مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى ، لكن المجلس تلكأ في الوفاء بالتزاماته .
فيما هذا الأخير يلقي باللائمة على الشركة الوصية ، و يحملها المسؤولية في كل ما وقع و كأن المأساة وليدة اليوم و لم تحدث من قبل ، بالتالي على الشركة المبادرة الى تعويض الضحايا بكل من مناطق الجهة المتضررة بفعل الفياضانات .. بينما المسؤولية تحتم بالضرورة في مثل هكذا كوارث , إعلان حالة الطوارىء و إعلان التعبئة العامة و لم لا نشر الجيش , و تأمين الملاجئ و الملاذات للمتضررين مع توفير كامل المستلزمات من أغدية و أغطية و مواد غذائية, بدل تبادل الإتهامات تسييسا للكارثة فتنصلا من تحمل الوزر .
بمفهومي أنا ، تقاسم الأدوار هذا سرعان ما انظمت إليه الإدارة الترابية من خلال الترويج للرواية الرسمية ، حول المبنى المنهار بالدار الفيضاء و الذي خلف موتى من بينهم أحد المارة ، حيث أفادت الأخبار أن المبنى الآيل للسقوط كان قد أخلي من قبل من ساكنيه ، و هذا موجب بوجود تقرير معاينة يوثق عملية الإجلاء ، المنطق و القانون يؤكد هذا ، و بعد انهياره بفعل التساقطات المطرية تم الكشف عن جثت ضحايا كانوا قد إستغلوه كمأوى ….، سبحان الله العظيم على أعين السلطات التي لا تنام عندما نكون نحن المواطنين نيام …!
المنطق و العقل قبل المساطر القانونية يقول بأن عملية الأخلاء تستتبع أوتوماتيكيا بهدم المبنى حفاظا على سلامة و أمن مواطني و مارة الجوار ، اللهم إلا إذا أردنا تبرير … أو تزوير … للتنصل من تحمل الوزر ، فمن يتحمل الوزر ضمن هذه الرؤية ؟ .
أما من باب المزايدات السياسية و نحن على أبواب الإنتخابات المتوقعة هذه السنة ، فقد خرج من كانوا بالأمس مجرد حركة لكل الديموقراطيين المغاربة ، بعدما تحولت بقدرة قادر إلى حزب سياسي يؤطر فسيفساء غير متجانسة من مختلف أطياف اليسار و الوسط و اليمين …، لتضفي نكهة ببهارات مبهرة على طبق المشهد السريالي السياسي المغربي ، حتى لا أقول بالمشهد السياسي العبثي الدائر في حلقات مفرغة و مغلقة .
قلت خرجتهم هذه و مطالبتهم بتحميل المسؤولية للشركة الفرنسية المفوضة بالتدبير … ، و على ضوء مطلبهم الأساس بفسخ العقدة و تحميل الصائر ..، في إشارة إلى استبدال المتعاقد دون الإشارة إلى البديل ، مما يعني عدم وجود خطة بديلة H2 أو Plan B , و هذا دليل كافي على مزايداتهم السياسية في مواجهتهم البعض للبعض ، عند اقتراب موعد الطبخة أو في حالة حدوث الكوارث و المآسي ، آنذاك يتباكون و يتعاطفون و يؤازرون و دموع التماسيح على محياهم و هم لا يخجلون …، فعيب من ؟ .
أظنه الحائط القصير رغم تشبعي ببعض الظن إثم ، أنا و أنت بالمؤنت و أنت بالمذكر ، و رغم علمي و علمك بأن ليس في القنافد أملس و أجزم و بالمطلق و لست بعدمي ، أن لا أحد من الدكاكين السياسية لديه رؤية أو برنامج أو خطط بديلة …، يمكنه تنزيلها على أرض الواقع ، ففاقد الشيء لا يعطيه و لهذا سميت باللعبة الساسية ، و لم لا ، فهم السدنة و نحن القطيع كما نعثونا ؟.
لذا كفانا استحمارا و استبغالا و استبلادا و استغباءا ، كفانا متاهات و سراديب و أنفاقا و نفاقا ، أن الخروج من النفق المظلم و مما نحن عليه اليوم ، يستلزم المحاسبة بعد تحديد المسؤولية و ما يترتب عليها … دون تبرير أو تبرير ، غير هذا نبقى بالمؤكد ندور في حلقات مفرغة ، و في هذا تضييع لفرص موعدنا مع التاريخ ، فإما أن نكون أو لا نكون ، و بهذا إنتهت قصة الدار الفيضاء الكبرى ( عفوا البيضاء الكبرى حتى لا أتهم بالإزدراء أو التهكم و الإستخفاف في حق أشباهي من المواطنين ) ، أو فينيز المغرب في بداية المتاهة و آخر السرداب ، و من المؤكد أن لا أنا و لا أنت بالمؤنت أو بالمذكر …، لسنا (المسؤول ) عما يقع من مآسي و كوارث نتيجة غضب الطبيعة او بفعل إنسان …. فمن يتحمل الوزر دون مهاترات المتاهات ؟ .
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، هكذا علمتني التجربة المدنية في مناهج بوكماخ ، أما العسكرية منها وفق سان تزو فقد علمتني Si vous rater le char le char ne vous ratera pas , و به وجب الإعلام . زوار موقع الجديدة نيوز و متتبعيها ، طاب مساؤكم و إلى متاهة من متاهة زمن العبث السياسي المغربي على ضوء سيادة القنافد و ليس فيهم من أملس .