بقلم: ذ.محمد يتيم
عن موقع : إيطاليا تلغراف.
نشر موقعكم مقالا للدكتور بلال التليدي ينتقد فيه بعض ما جاء في مناقشتي لدعوى نهاية الإسلام السياسي تحت عنوان : لماذا تضخمت العوامل الموضوعية واختفت أخطاء الذات ؟ في مناقشة محمد يتيم.
وفيما يلي نقل لما دار بيني وبينه في الخاص مع إضافات واستدراكات اطلب منكم نشرها تعميقا للنقاش وتعميما الفائدة
أولا : كان لي مع الأخ العزيز بلال التليدي تبادل في الخاص حول عدد من القضايا التي وردت في مقاله المنشور على موقع إيطاليا يريس بتاريخ 23 شتنبر وفي مواقع أخرى .
وكنت أود أن لا أرجع لهذا الموضوع خاصة وأنني كتبت مقالا مطولا في محاورة الدكتور جعفر بشأنه نشر على صفحات هذا الموقع
غير أن الدكتور التليدي للاسف الشديد رجع لبعض الدعاوى التي لا تصمد عند المراجعة والتأمل فيما كتبته مناقشا ومحللا لنقط ضعف دعوى ” نهاية الإسلام السياسي ” علما أني استخدم هذا المصطلح مجاراة.وإلا فإن الاسلام عقيدة وشريعة وتاريخا وحضارة كان دوما” إسلاما سياسيا “
.وأقصد بذلك أن الإسلام قد تضمن عددا من القيم العقدية والتشريعية والتوجيهات المرتبطة بمعيش الناس التي تقود بالضرورة معتنقيه إلى إنتاج سلوك ومواقف سياسية حول محيطهم السياسي الداخلي ومحيطهم الجيوسياسي ..
وبالرجوع مثلا إلى القرآن الكريم نجد أن عددا من الآيات تشير إلى أحداث وواقع لها عللاقة بالوضع الدولي والإقليمي مما يظهر وعيا بالفرص والتهديدات السياسية المحيطة بالأمة الإسلامية ا ودولتها الناشئنين ” ومن أمثلة ذلك حديث القران الكريم عن واقعه هزيمة الروم أمام الفرس حين قال ” غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبتهم سيغلبون في بضع سنين ، لله الأمر من قبل ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”
ومنها مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل عظيم الروم وكسرى عظيم الفرس ودعوتهم للدخول في الإسلام .
ومنه أيضا أمره للصحابة بالهجرة للحبشة معللا ذلك بأن فيها ملكا ” لا يظلم الناس عنده ..
ونفس الشيء يمكن أن يقال في الدول التي تعاقبت على حكم العالم الإسلامي سواء في المشرق والمغرب ، حيث إنها في الغالب انطلقت حركات دعوية وتربوية ثم انبثقت عنها حركات سياسية …
فالدعوة الدينية والاستبصار الديني بلغة ابن خلدون كان أحد العوامل الأساسية في صعود وأفول معظم الدول التي تعاقبت على حكم العالم الإسلامي في نظر ابن خلدون … بما في ذلك الدول التي تعاقبت على حكم المغرب والتي أستقى من خلال تأملها ابن خلدون نظريته في الدولة وتفسير صعودها وانهيارها وظهور ” دولة” جديدة ، أو لنقل دورة سياسية جديدة وشرعية سياسية جديدة ..تستأنف مسيرة البناء والحفاظ على هوية الأمة الأمة وتواصل رسالتها.
ثانيا : المرجعية الإسلامية أقرب للتأكيد على المسؤولية الذاتية
من الناحية المبدئية بل إني أومن أيمانا شديدا بأن المرجعية الإسلامية أقرب إلى تقرير مبدأ المسؤولية الذاتية.. مهما يكن حجم العوامل الموضوعية .
وهذا ما قرره القران الكريم في تعقيبه على هزيمة المسلمين في غزوة أحد في قوله تعالى :” أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم “
وليعذرني الاخ العزيز بلال التليدي الذى وهبه الله نباهة وملكة في التحليل والنقد ، أن كل شبكة في النظر والتحليل تنطلق من مرجعية معينة وشبكتنا في التحليل يتعين أن تنطلق من المرجعية الإسلامية ..
ومن هذا المنطلق أستغرب كيف استنكر الاستشهاد على تحارب الأنبياء والمرسلين وكيف أن عددا من هذه التجارب لاقت الصدود والإعراض بل لقد قتل أنبياء كما ذكر ذلك القرآن :” وكأين من نبيء قتل معه ربيون كثير : .. استنكر علي ذلك وكأنه هروب للوراء وضعف في استحضار العوامل ” الذاتية ” ومبالغة في تغييب دور تلك العوامل مخرجا استدلالي بتجارب الأنبياء ودلالات الإحالة على تلك التحارب عن سياقه
وهو سياق تذكير بأن دعوات الأنبياء أنفسهم على الرغم من أنهم مؤيدون بالوحي محكومون في دعوتهم ب” سنن : و” قوانين ” الحركة التاريخية… القائمة على التدافع. والإيذاء والقتل وعدم استجابة أقوامهم لهم . أي لسنن التدافع الاجتماعي بين الحق والباطل بين المستضعفين والمستكبرين ..
ولعله وقع سوء فهم لوجه الاستدلال بما تعرضت له رسالات الأنبياء .. حيث اعتبره الدكتور بلال ذلك من باب استخدام خطاب ديني تبريري …
لكن السيد بلال التليدي لم ينتبه إلى أن ذلك الاستشهاد لم يكن حديثا تبريريا أو هروبا من القراءة الموضوعية لتجارب حزب العدالة والتنمية ولنتائج انتخابات الثامن من شتنبر التي سبق لبيان للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الصادر مباشرة بعد إعلان النتائج ، أنها نتائج غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسي…” بل استنتح منها تغييبا للمسؤولية الذاتية وتهربا من تحملها … لكن كيف يصح ذلك وقد كتبت أكثر من مناسبة حول ضرورة النقذ الذاتي للحركة الإسلامية ،،، مستشهدا بقوله تعالي :
” أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ” وقد ورد هذا في العدد من مقالتي منها مثلا مقال منشور على موقع الحزب بتاريخ . 6 يوليو 2017 -. تحت عنوان :
” رسائل من المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ذكرت فيه دبمجموعة من القيم التي نجتمع عليها في العدالة والتنمية ورد في آخره :
“وحين نضيع هذه القيم نكون نحن الذين قزمناه وجعلنا سقفه قصيرا غير قادر على أن يكون مظلة لتطلعات الناس.
المشكلة إذا كانت هناك مشكلة ستبقى مشكلة ذاتية مصداقا لقوله تعالى:” أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم “، وقوله تعالى : ” ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.
الاستشهاد في هذا السياق بتجارب الأنبياء إنما جاء من باب استخدام قياس الأولى كما يقول العلماء .
ووجه التشبيه والاستدلال أنه إذا كان ذلك قد وقع في حق الأنبياء واستمروا على إصرارهم في أداء واجبهم وتبليغهم لرسالتهم فما بالك بمن دونهم ؟؟؟؟ ..
ومعنى ذلك أيضا أنه في حالة الإخفاق السياسي أو التراجع الانتخابي فما على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية إلا أن ترجع للعمل في العمق سواء في المجتمع أو كمعارضة سياسية ..
وليس في ذلك تشبيه للأحزاب ذات المرجعية الأسلامية بدعوات الأنبياء
ومعنى ذلك أيضا أنه إذا كانت رسالة الأنبياء قد عانت من الصد والإعراض عراض فما بالك بمن هو دونهم … أي عانوا ومن وجود عوامل موضوعية خارجة عما يملكون التحكم فيه .. وذلك لا يعني فشلهم أو يدفع لربطه بعوامل ذاتية ، أوأنه يدل على فشل دعواتهم. ما عدا الله …
ومعنى ذلك أنه في حالة الإخفاق السياسي أو التراجع الانتخابي أنه ما على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية إلا أن ترجع للعمل في العمق سواء في المجتمع أو كمعارضة سياسية وتبحث عن جوانب القصور في ذاتها، دون أن يحول ذلك من استحضار للعوامل الموضوعية القاهرة التي قد لا تكون للعاملين القدرة الذاتية للتغلب عليها ، وأنه يكون عليهم العمل على امتلاك أسيابها وشروطها ، حتى تختفي العوامل الموضوعية القاهرة :
والواقع أن الأمر لا يتعلق بخطاب ديني تبريري بل بتفكير سنتي سبق إليه الإسلام ا
والواقع أنه لو تمعن الدكتور بلال في بإمعان في مقالي لوجد أني لا أنفي مسؤولية الإسلاميين في الموضوع … وقد صرحت بكل وضوح أنني لا أنفي قدرا من المسؤولية الذاتية بقى حاضرا دوما و لكن يبقى تقدير حجمها ..
ثالثا : بعيدا عن التجربة المغربية … ومصداقية خطاب المسؤولية الذاتية للحركات الإسلامية …فإن مقولة نهاية الإسلام السياسي فيها وتضحيمها فيه تجيير لعمليات إخراج الأحزاب ذات المرجعية من المشهد السياسي ومن التأثير فيه بأساليب ناعمة أو خشنة.
من عدم الاتصاف مثلا تحميل حركة الاخوان في مصر المسؤولية عن إخفاف تجربتها السياسية بنفس المستوى الذي ينبغي تحميله للنظام العسكري في مصر وربط ذلك فقط بالعوامل الذاتية
من المؤلم وغير الموضوعي عدم اعتبار مقتل حوالي ثمانية الف مواطن في رابعة … بعد انقلاب عسكري أسقط رئيسا منتخبا …
من الظلم مثلا باسم التحليل الموضوعي .. تحميل الاخوان نفس القسط الأكبر من المسؤولية أو حتى قسطا مساويا لمسؤولية العسكر ونظام السيسي !!!!
و دون فذلك لا يعني عدم وجود عناصر ضعف أو خلل تقتضي المراجعة… وهذا هو منطق العدل الذي هو أقرب للتقوى !! من عدم الاتصاف المساواة بين الضحية والجلاد بل الاكتفاء بتحميل المسؤولية الأكبر للضحية!!!
والحال أن مئات من قيادات الإخوان يموتون اليوم ببطء في سجون العسكر… ثم يأتي البعض للحديث عن ” نهاية الإسلام السياسي ؟،؟
وهو ما ينطبق بدرجة مختلفة في الحدة والخطورة حيث أن هذا الإسقاط في المغرب مثلا كان ” إسقاطا ناعما ‘.
رابعا : في أن العوامل الموضوعية هي الأقرب لتفسير إسقاط تجربة العدالة والتنمية وليس العوامل الذاتية .
ومن أجل قراءة موضوعية للحالة المغربية يتعين استحضار العوامل الموضوعية التي ترجع لها المسؤولية الأكبر من خلال دراسة مسار الإعداد للانتخابات الأخيرة في المغرب وتدبير الإدارة له …بدءا من الإعداد للقوانين الانتخابية التي بدا واضحا من خلالها أن هناك توجهابينا للتحكم في نتائج الانتخابات سواء من مدخل تعديل القوانين الانتخابية بحذف عتبة التمثيل وتعديل القاسم الانتخابي ليصبح احتساب نسبة الأصوات على حساب عدد المسجلين لا على أساس عدد المصوتين ( والقاعدة الشرعية تقول : لا ينسب لساكت قول ) ، أو من خلال عدد من التدخلات السافرة للادارة الترابية مما هو موثق لدى الإدارة الانتخابية للحزب إلى تدبير الحملات الانتخابية وتصرفات الإدارة الترابية خلال عمليات الترشيح والضغط على عدد من المرشحين في لوائح العدالة والتنمية العدول عن ترشيحهم أو الإيعاز لهم بالترشح في لوائح منافسة … وتدبير عمليات الاقتراع والفرز و رفض تسليم المحاصر في العديد من الحالات .. والإعلان عن النتائج قبل إنهاء عمليات الفرز في اللجان الإقليمية… ناهيك عن عدم تسليم المحاصر
العوامل الموضوعية تشهد أن العملية الانتخابية دبرت كي تنتهي بعملية .إسقاط من الطابق السابعة عشر كما قال بعض إخواننا
وهناك من يرجح أنه القرار السياسي الرسمي نفسه لم يكن يتوقع حدوث ذلك “التجريف الانتخابي ” .
ومن الناحية الموضوعية التي تكلم عنها الدكتوى بلال التليذي كان من المنتظر أن يتراجع الحزب بطريقة عادية ربما وفق قانون التآكل الناتج عن التدبير
والخلاصة يمكن أن نفترض كل شيء إلا تفسير نتائج انتخابات الثامن من شتنبر ترجع لعوامل ذاتية ، أو أنها نتائج يمكن أن تفسر بعوامل ذاتية في الأساس ، إن ذلك يفترض أن صاحبها يدعي أنها انتخابات ذات مصداقية وأنها تعبير عن نهاية ” الإسلام السياسي ” كما يروج ذلك مثقفو وصحيفو السلطة ومن لهم مصلحة في الداخل والخارج في ذلك
خامسا : في تعطيل آلية الحوار الداخلي في القيام بتقييم جماعي لتجربة الحزب خلال الولايتين وتقييم موضوعي لمحطة الانتخابات
في هذه النقطة أجد نفسي متفقا تمام الاتفاق مع الدكتور بلال التليدي .. وكما ذكر الدكتور بلال بحق ، فإن تجارب الحوار الداخلي هي التي انتهت إلى إنتاج توجهات كبرى موجهة للخط السياسي للحزب في كل مرحلة من المراحل … حيث تم الخروج في عدد من دوراته يتوجهات عامة ناظمة للرؤية السياسية لكل مرحلة من خلال عنوان جامع ( أطروحة النضال الديمقراطي.. أطروحة البناء الديمقراطي . أطروحة مواصلة البناء الديمقراطي )
وكان من المفروض أن تقود ” نكسة ” انتخابات الثامن من شتنبر أو إسقاط الحزب من الطابق السابع عشر .. إلى وقفة لقراءة موضوعية لاستخلاص الدروس منها . … أو إلى حوار داخلي يختار الشكل المناسب له
ومن المعلوم أن الحوار الداخلي ليس الغرض منه اتخاذ قرارات أو حسم توجهات مذهبية حيث أن المخول ذلك هو مؤسسات الحزب ذات الاختصاص ، .بل هو الخروج بقراءة مشتركة أو متقاسمة في عمومها ، وأنه كان من اللازم القيام بقراءة جماعية مؤسساتية.
سادسا : من أجل قراءة جماعية التجربة الحزبية بعد نكسة الثامن من شتنبر
وحيث ان الدكتور بلال قد ذكر بالحوار الداخلي والحاجة لتقييم تجربة الحزب في التدبير الحكومي والمرحلة السابقة عموما أجد نفسي هنا على اتفاق تام فيه معه
كما تجدر الإشارة الى أنه سبق لي أن أطلقت مبادرة للقيام بقراءة جماعية لما حدث في الانتخابات الأخيرة بعيدا عن السرديات الفردية وللمراحل التي سبقتها، وبالخصوص ما يعرف بواقعة ” البلوكاج ” حيث تظاهرت عدة جهات حزبية وغير حزبية على إفشال تجربة الأمين العام في تشكيل اغلبية حكومية ، دون أن يعني ذلك غياب قدر من المسؤولية في الموضوع .
وكنت قد وجهت هذه المبادرة للأخ الأمين العام لعرضها على الأمانة العامة لتتخذ التدابير اللازمة و الإجراءات العملية التي تراها مناسبة لإخراجها لحيز التنفيذ بالشكل الذي تراه مناسبا وليس بالضرورة أن تتم بصيغة ” الحوار الداخلي ” التي دأب الحزب عليها وعقد ثلاث دورات منها
وكنت قد تقدمت بطلب إدراج نقطة في جدول الأعمال، وقدمت في هذا الصدد ورقة اللجنة السياسية للمجلس الوطني في دورته العادية لهذه السنة.
غير أن بعض الإخوة في اللجنة وخارجها ومنهم الاخ رئيس المجلس الوطني طلبوا مني سحب الورقة تفاديا لما يمكن أن ينتج عن تداولها في جلسة عامة من نقاشات قد لا تفضي إلى المقصود منها خاصة وأن مثل هذه المبادرات لا تخضع لمنطق التصويت … وعلى اعتبار أن الأمر صار على ” بال ” الأمانة العامة للحزب . !!!!
وفهمت من رئيس المجلس الوطني الدكتور إدريس الأزمي أن الامانة العامة قد التقطت أو ستلتقط الرسالة … علما انني سبق أن وجهت المبادرة لها عبر الاخ الامين العام قبل الإعلان عنها
وطلبت منه عرضها على الامانة العامة لتقرر آلية ومنهجية القيام بتلك المراجعة الجماعية ..
ولست على علم بأنه قد تم تداول في تلك المبادرة أفي شيء قريب مما دعت إليه
ولذلك أقرر أن المسؤولية اليوم في القيام بتلك القراءة تقع على القيادة الحالية .
سابعا : لا بديل عن الحوار الداخلي إلا المونولوج الداخلي
وللأسف فإن هناك بعص القناعات على عكس ما ذهب إليه الدكتور بلال التليدي تعتبر إطلاق دورة من الحوار الداخلي للقيام بتقييم
جماعي لتجربة الحزب في التدبير مضيعة للوقت وتشكك في جدوى ومخرجات” الحوار الداخلي ” عامة ، علما انه لا بديل عن الحوار الداخلي إلا المونولوج الداخلي … وعلما ان الحوار الداخلي ليس مطلوبا منه ولا من اختصاصه الخروج بقرارات أو توجهات ملزمة … وإنما هو أسلوب ومنهج متحضر لبناء ثقافة سياسية مشتركة ضرورية للعمل السياسي الذي يتميز بالتقلب والتحول … وفي أحسن الأحوال توصيات يمكن التداول فيها فيها الهيئات التداولية المختصة وكنت قد نشرت قبل أيام تدوينة تحت عنوان خواطر وتساؤلات بين يدي الجمع العام لحركة التوحيد والإصلاح كان من بين ما قلت فيها
” إن الحركة الإسلامية اليوم تواجه عددا من الأسئلة الحارقة في زمن ما بعد الصحوة الإسلامية وعلى رأسها أسئلة ترتبط بالوضع الداخلي لعدد من الحركات الإسلامية وأذكر منها على الخصوص:
” لماذا لم يفلح الحزب كاطار مؤسساتي ، واغلب قيادييه من اعضاء الحركة وبعضهم كان قياديا فيها من الاجتماع على قراءة موضوعية و متواقف عليها لتجربتهم التنظيمية وإبراز نقاط ضعفها وقوتها ولتجربتهم في تدبير الشأن بدل اعتماد السرديات الفردية المعلنة أو المتداولة همسا وتناجيا ؟
وما هو مقياس الحكم على المشاركة السياسية للحركة الاسلامية من خلال بوابة العمل الحزبي والمشاركة الانتخابية وتدبير الشان العام وطنيا ومحليا ؟
وهل يمكن اعتبار التراحع الانتخابي هو المقياس والمنطلق في تقييم تلك المشاركة ؟
لو سلمنا ان نتائح الانتخابات في وضع ناقص الديمقراطية يمكن أن تكون مقياسا لذلك !! .. ذلك أن التراجع الانتخابي في وضع كامل الديمقراطية هو ظاهرة عادية تدل على حيوية العملية السياسية والتداول بين مناهج وخيارات وبرامج سياسية واجتماعية مختلفة . والمشكلة مرتبطة بالسياق وهشاشة الإطار الديمقراطي ، ؟””
ثامنا : اعتماد أطروحة التصويت العقابي تبيض لوجه الفساد الانتخابي
أطروحة التصويت النقابي تبيض للتراجع في مسار البناء الديمقراطي
هي تبييض لوجه تدبير سياسي استهدف إنهاء تجربة العدالة والتنمية وإزاحته من المشهد السياسي في سياق إقليمي معروف ؛وتحضيرا على ما يبدو لتحولات في مقاربة المغرب لقضية وحدته الترابية ،
لكنه أفضى إلى نتائج لم يكن يتوقعها حتى من خططوا له أو أسهموا فيه !!
وكلمة أخيرة تناولها الدكتور بلال التليدي وتتعلق بتقديم أعضاء الأمانة العامة لاستقالتهم ،
وللتوضيح فقد فتقديم تلك الاستقالة هو موقف سياسي نبيل في تحمل المسؤولية السياسية ، عما حدث خلال انتخابات الثامن من شتنبر وليس اعترافا بإخفاق في التدبير الحكومي وتقليد نبيل في الممارسة السياسية الديمقراطية .. بل كل المؤشرات تدل على أداء محترم للحزب في الحكومة والمجالس الحماعية كما تشهد على ذلك كل المؤشرات سواء تعلق الأمر بالتدبير الحكومي والتدبير الجماعي مما هو موثق لدى الحزب في تقارير الحصيلة الحكومية والجماعية بالأرقام والمؤشرات … وبشهادة المواطنين بالمقارنة مع التجربة الحكومية الحالية ..
إنها اعلان عن تحمل المسؤولية السياسية فضلا عن أنه شجاعة سياسية مفادها عدم القدرة على تقدير حجم التجريف الاتتخابي الدي يمكن أن تمارسة إدارة الانتخابات وهو ما وصفه البعض بالسقوط من الطابق السابع عشر وهو في الواقع إسقاط من الطابق السابع عشر !
والكل اليوم يرى ويلمس نتائج ذلك التدبير على الحياة السياسية الوطنية وعلى التدبير اليومي للشأن الجماعي .
تاسعا : الحاجة لقراءة موضوعية وجماعية متوافق عليها هو المدخل لاستعادة المبادرة الحزبية ومنطق المسؤولية الجماعية
وبهذا المعني يمكن أن أتفق على المسؤولية الذاتية ، لأن انفسنا هي المجال الذي يمكن أن نحكمه ونتحكم فيه ، وليس بالمعني الذي يروجه أصحاب ” أطروحة ” نهاية الإسلام السياسي المضللة .
المدخل الى تعزيز اللحمة الداخلية هو القيام بقراءة موضوعية جماعية ومتوافق لتجربة حزبنا .. تجربة التدبير لعشر سنوات من التدبير الجماعي والحكومي .. بعيدا عن التراشق او تزكية هذا الطرف او ذاك لنفسه مع تسجيل ما تحقق من كسب للحزب والوطن خلال تجربة التدبير الحكومي والتدبير الجماعي في الحكومتين ..
وهو ما يتطلب تجاوزا للسرديات الفردية التي تربط تاريخ الحزب وتجربته الحكومية . والتي لا يمكن لمنصف أن ينكر أو يشكك فيما تحق فيها من مكاسب معتبرة في تدبير الشان العام .
كما لا يمكن لمنصف أن ينكر ما تحقق من مكاسب معتبرة في الولاية الثانية بمقادير تزيد هنا أو هناك …
ونفس الشيء فيما يتعلق بالتدبير الجماعي خلال الولاية الثانية .علما أن تجربة الحزب في التدبير الحكومي والجماعي قد تعرضت لصعوبات ومقاومات و” إخفاقات ” و إلى تشويش ممنهح خلال الولايتين الحكوميتن
وأخيرا فقد سبق لبيان صادر عن المجلس الوطني فيما يتعلق بتدبير مرحلة البلوكاج وما بعدها من ان المسؤولية جماعية عن تلك المرحلة… وهو ما كان يتطلب طي تلك الصفحة والكف عن المبالغة في السرديات الفردية .. من خلال الرجوع إلى الحوار الداخلي كتقليد حضاري و القيام بقراءة جماعية لتلك المرحلة والتخلص من آثارها وتداعياتها النفسية من أجل إعادة الدفء للعلاقات الأخوية وهو عمل من صميم المرجعية الإسلامية .
وهو ما يتعين أن ينطبق على تقييم نتائج انتخابات الثامن من شتنبر . من منطلق التوجه العام الذي صدر عن إحدى دورات المجلس الوطني أي اقرار المسؤولية الجماعية عن تدبير مرحلة البرنامج وبعده . ومن منطلق التوجه للمستقبل.