بقلم ابو ايوب
فلسطين مشواة اللحم الآدمي و سعيرها لم يسلم منه الفلسطينيون و الاسرائيليون على حد سواء ، لكن الخسارة الأكبر من نصيب اسرائيل ، فشلها لحدود الساعة في اعتراض صواريخ غزة ، أضحى أخطر كابوس لم تعهده من قبل بهذا الحجم يهدد وجودها بعدما انتهكت حدودها ، و قد ازداد الوضع خطورة بعد اعلان اليمن السعيد الحرب على اسرائيل ، كأول دولة عربية جسدت بمعنى الكلمة معنى التضامن و نصرة المظلوم و حماية الاماكن المقدسة على رأسها اولى القبلتين….
جغرافية اسرائيل اليوم لم تعد تكتوى بصواريخ المقاومة الغزاوية فقط ( حركتي حماس و الجهاد الاسلامي و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين….) ، بل دخل لاعب جديد على خط المعارك أضحت معه ، كل جغرافيتها في مرمى صواريخ اليمن و تحت رحمة مسيراته ، مع التركيز على مدينة إيلات المنفذ البحري الوحيد على البحر الأحمر ، اختيار المدينة بعينها ليس عبثيا بقدر ما هو اختيار ذو بعد جيوستراتيجي …كيف ذلك ؟
بعد انطلاق عملية طوفان الاقصى و ما اسفرت عنه من اجلاء المستوطنين بغلاف غزة و شمالها ، قامت السلطات الاسرائيلية بترحيلهم لمدينة إيلات حيث تكفلت بكل احتياجاتهم من مأوى و غذاء و ملاجئ حتى حدود نهاية السنة الجارية ، لينضاف لهم من بعد ساكنة شمال اسرائيل المحادي للجولان السوري و جنوب لبنان بعدما فتحت الجبهتين معا ، تعدد الجبهات جاء بغرض رفع الضغط و الحد من تأثيره على المقاومة الغزاوية .
دخول الحوثي كلاعب جديد في مسرح العمليات الحربية ، اربك كل حسابات اسرائيل و خططها و عرى سوأتها امام مستوطنيها ، استهداف المدينة و سماع دوي انفجارات قوية بشهادة ساكنة المدينة ، زاد من تعقيد الامور اكثر ليس فقط بالنسبة للسلطات المدنية التي تعهدت بتوفير الأمن و الامان للمرحلين ، بل ايضا للقيادة العسكرية التي فشلت في التصدي للتهديد الحوثي القادم من اليمن و العابر للبحر الاحمر ، بالتالي اصبحت اسرائيل تعيش بين فكي كماشة فساد التخبط و الارتباك
و تجدر الاشارة الى الأهمية الجيوستراتيجية للمدينة المطلة على ساحل البحر الاحمر ، اي الميناء الاسرائيلي الوحيد الذي يستحوذ على اكثر من 80% من مبادلاتها التجارية خاصة الطاقية منها ، كما تتواجد به مجمع الصناعات الاسرائيلية ( المواد الكيماوية و الامونياك…) ، و هذا في حد ذاته ما يشكل تهديدا وجوديا لاسرائيل لا يقل اهمية و خطورة ، عما يمثله استهداف مفاعل ديمونا النووي بصحراء النقب ، بحث يعتبر سقوط اي صاروخ على مصنع الامونياك بمثابة قنبلة كيماوية ستخلف بكل تأكيد دمارا مهولا للمدينة و قاطنيها …
كما يجب التذكير بفشل منظومة صواريخ حيتس 2 في اعتراض و اسقاط صواريخ و مسيرات اليمن ، بالتالي كان لزاما على اسرائيل تحريك بعض سفنها الحربية من الابيض المتوسط و نشرها بالبحر الاحمر ، هذا ما أدى الى تخفيف الضغط على المقاومة الغزاوية ، فشل ينضاف لمثيليه من خلال تدمير الاسطورة ميركافا و تفجير الايقونة النمر حاملة الجنود ، فأمسى الفشل عنوان الزمن الاسرائيلي و الامريكي على حد سواء
و امام الفشل هذا اصبح لزاما على امبراطورية مورغان الدعوة الى هدنة مؤقتة قد تقصر او تطول وفق متغيرات الواقع على الارض ، و تحولات الساحة الدولية في ظل تعاظم اعداد المناهضين باوروبا و امريكا نفسها للحرب على غزة …في الوقت التي ارتفعت فيه نسب الاستقالات بين صفوف المسؤولين الحكوميين و السيناتورات و النواب ….لم تسلم منها اي دولة غربية ، فضلا عن موجة قطع العلاقات مع اسرائيل و طرد سفرائها من دول الامريكيتين
و حتى لو افترضنا جدلا بنجاح اسرائيل في اعتراض الصواريخ و المسيرات ….و هذا امر جد مستبعد و مستحيل بالمرة و ما يحدث اليوم دليل ساطع ، فنجاحها هذا لا يخلو من مصاعب اقتصادية جد مكلفة…هجرة الرساميل و افلاس الشركات و موت السياحة ، و ازمات نفسية لن يسلم منها اي اسرائيلي ، لأن ببساطة مجرد انطلاق صفارات الانذار هو رعب و هلع … شعور باللاأمن و اللااستقرار … فضلا عما يرمز اليه الاعتراض و الاسقاط من خسارة بملايين الدولارات ، فالصاروخ الاعتراضي لا يقل ثمنه عن 1 مليون دولار مقابل مسيرة او صاروخ حوثي لا يتجاوز ثمنه 5000 دولار ، بل هو هدية من جمهورية ايران الممول الأكبر لحركات المقاومة بالشرق الاوسط
الوضع اليوم بالمنطقة اصبح اكثر تعقيدا و لا يطاق …و المقبل من ايام حمال مفاجئات لا قبل لامريكا و اسرائيل بها …فيتنام شرق اوسطية قد تتطور الى خليجية …استهداف القواعد الامريكية بالعراق و سوريا له ما يتبعه بما يشمل قواعدها بالشرق الاوسط و الخليج …و أن ما يجري مجرد توطئة لحرب استنزاف طويلة الأمد … استنزاف مالي و اقتصادي وعسكري و بشري للعم سام ….و في نهاية المطاف توسعة رقعة الحرب بعد استكمال فتح كل الجبهات ، و وحدة الساحات بعد توازن الرعب و تلاشي الردع ، ستفضي الى دخول ايران المباشر على الخط…
دخول صانع السجاد و مخترع الشيخ مات سيأتي بعد انهاك مقدرات العراب و الربيب …بالتالي وجود اسرائيل الحقة مطروح على المحك ان لم تلتزم بحدود 67 …و مصير امبراطورية مورغان تقوقع على الداخل و انعزالية على الصعيد الخارجي ..هكذا هي مخلفات صليات الصواريخ و المسيرات …و صلي السعير بالمدن و المستوطنات …و ابواب جهنم المشرعة على مصراعيها في كل الاتجاهات…فيما مسك الختام صليات وداع شاهين و زلزال و بركان…( انواع الصواريخ) احتفاءا بمغادرة العم سام للمنطقة و انكفائته على نفسه الى أجل غير مسمى ….و مهما علا الطير فعلى امثاله يقع…
اما بالنسبة لقوم تبع الركع الخنع الخضع أقول بالدارجة المغربية …..اللهم ميت مشكور و لا حي محكور …