أخبار دوليةالواجهةمجرد رأي

خبايا و خفايا السعي الدؤوب

أبو أيوب : 2024/5/7

فشل الإمارات في الاستحواذ على الشركة الإسبانية للطاقة المستوردة للغاز الجزائري عبر أنبوب الأبيض المتوسط بطاقة إستيعابية تكفل +3/1 من احتياجات إسبانيا من الغاز … مشاورات وسعي انطلقت في الوقت بدل الضائع مع سانشيز رئيس الحكومة المترنحة وزعيم حزب العمال الإشتراكي لكنها فشلت ..

وبدون الرجوع إلى تذمر الطبقة السياسية من أحزاب على رأسها الحزب الشعبي اليميني صاحب الأغلبية في مجلس الشيوخ الإسباني وحزبي فوكس وسونار … ولا الرجوع أيضا لمنظمات حقوقية ومجتمع مدني … والجميع متذمر من السياسات السانشيزية التي أضرت بالإقتصاد الوطني ومكانة إسبانيا على الصعيد الدولي أكثر مما حققته من منجزات تكاد لا تذكر ..

اليوم وبالرجوع إلى صلب الموضوع ، الجزائر تعلن رسميا إستعدادها لوقف إمداداتها من الغاز نحو إسبانيا، في حالة إبرام اتفاق إسباني إماراتي على بيع شركة ناتورجي الإسبانية للطاقة … وهذه اول خفايا وخبايا الصراع الجزائري الإماراتي بنكهة إسبانية على ضوء الأزمة بين البلدين وفي ظل الإتهامات المباشرة ولو ضمنيا وتلميحا ، ضمن سياق الحرب العالمية على النفوذ بين بين أقلية غربية وأكثرية شرقية تتزعمها الصين بقفازات حريرية ، هي إذن عملية لي أذرع بين قوتين طاقيتين مع وجود الفوارق ، وما يسند المعطى المساعي الجزائرية لطرد الإمارات أو تحييد أدوارها في كل من السودان وليبيا وبعض من دول الساحل والصحراء كالتشاد ومالي سواء على أرض الواقع أو بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ، لا سيما وأن هناك شكوى تقدمت بها السودان وتكفلت الجزائر بالدفاع عنها بمجلس الأمن على غرار المسألة الليبية والقضية الفلسطينية وكل ما قد يؤرقنا نحن المغاربة …!

من هنا فقط يجب استعراض لي الأذرع في ظل المناورات العسكرية للبحرية الإسبانية بالأبيض المتوسط قبالة السواحل المغربية ولمن هي موجهة ؟ هل للجزائر وأجزم بعكس ذلك ؟ أم هي موجهة لطرف آخر ومن هو الطرف المعني بالتالي ؟

مناورات جاءت بعيد أيام من مناورات بشار وتندوف الأخيرة ، وقبل أسابيع معدودة عن انطلاق مناورات الأسد الإفريقي بالمغرب ، وهذا معناه بأي شكل من الأشكال عسكرة للجغرافيا السياسية بالمنطقة ، صراع ضمن إطار تمدد محور على حساب حلف بعدما بلغت شظايا المستنقع الشرق أوسطي شرق الأبيض المتوسط، ولعلي بها صراع على المضائق بعدما تم تأمين مضيق هرمز وباب المنذب والبوسفور والدردنيل استكمالا للسيطرة على مضيق جبل طارق غرب المتوسط …

وكما يبدو عليه الواقع اليوم إخراج أمريكا تدريجيا خارج المنطقة والبداية كانت من الإمارات نفسها عبر ما جرى وحدث بقاعدة الظفرة التي شهدت مغادرة آخر طارئة عسكرية أمريكية … وما تلاها بدولة النيجر من محاصرة الروس للجنود الأمريكيين و بداية إجلائهم خارج إفريقيا كما حدث للجنود الفرنسيين بجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاصو والنيجر والقادم صادم كما دأبت على ترديده
معركة اليوم تقليم أظافر وقص أجنحة بما يخدم تمدد محور على حساب تبدد حلف ، وفيما فشل فيه الأصيل لا مكان لأي دور للوكيل فيه يذكر … المنطق يقول هذا ، من حقيقة كون السياسة هي فن الممكن وما تقتضيه المصالح وقدر التضحية بهدف تحقيق ربح وليس خسارة ( الفلسفة البرغماتية الأمريكية ومن يدور في فلكها من أدوات وظيفية أو (Pays Satellites وسرعة البرغماتية في التخلص من الأذناب ) كما يقال تقليلا للتبعية … أليس كذلك بحسب المقال أو المروج له ؟

إسبانيا مثلا وتأكيدا ، لن تشارك في مناورات الأسد الإفريقي المرتقبة أوائل الصيف كما جرت به عادتها منذ الأزمة الجزائرية الإسبانية، لكنها في المقابل أجرت مناورات عسكرية بحرية جوية وإنزال جوي بجزر الكناري قبالة سواحل الصحراء …  إن كنتم تتذكرون والذكرى تنفع المؤمنين ..

واليوم بالأبيض المتوسط لأكثر من مرة في وقت وجيز قبل انطلاق مناورات الأسد الإفريقي فجر الصيف … مما قد يعتبر من خفايا وخبايا المستقبل المنظور ضمن سياق تمدد محور وفي ظل الصراع على المضائق وغرب الأبيض المتوسط عنوان الصراع ، حيث توجد الجزائر حجرة عثرة مشكلة حاجزا يصعب اختراقه أو تحييده في إدارة التموقع الجديد في عالم متعدد الأقطاب بزعامة إقتصادية صينية ودعم عسكري من أول قوة نووية مشهود لها عالميا باعتراف أمريكا ذاتها والتوابع أيضا رغم ثقلهم الغير وازن .

كما وجب التذكير كذلك أن من ضمن خفايا وخبايا الصراع الثنائي بين الجزائر و الإمارات … كون الأمر راجع إلى فشل الإمارات وهي منتذبة كعضو غير دائم بمجلس الأمن الدولي في ادإثارة قضية فلسطين ، فيما الجزائر بعد حلولها محلها نجحت في تبليغ الرسالة وصدور قرار من مجلس الأمن … سواء نفذ أو من عدمه والأمر هنا لا يهم بقدر ما يهم القرار في حد ذاته …

و لمزيد من التصعيد المتبادل وفي وقت الإعلان عن أن دولة الإمارات قد زودت المغرب بعدد معتبر من طائرات الميراج 2000 الفرنسية الصنع دعما له في قضية الصحراء … قابله تصعيد جزائري بقفازات من حرير لكنه ذو صبغة عسكرية هو الآخر ، ومن رسائله القوية تخلي الجزائر عن أسطولها الجوي من الميغ 29 لفائدة الحكومة السودانية المعترف بها دوليا .. بعدما توصلت بدفعات من سو 35/30/57 ومنظومة صواريخ برا وبحرا وجوا وقوة بحرية ثانية بالأبيض المتوسط ( فرقاطات وغواصات وسفن إسناد …) ليتأكد بالملموس أن تمدد المحور أمسى حقيقة صعب إنكارها ، كما هو صعب إنكار تبدد الحلف على ضوء تطورات الميدان وما سجلته لفائدة هذا أو ذاك ، فالأمور بقياسها سواء بالمفهوم الجيوستراتيجي أو بمفهوم الجغرافية السياسية وتطوراتها على الميدان…

في الوقت الذي يبقى سر التطور هذا عنوانه الأبرز تمدد المحور ولا زلت مؤمنا حتى النعناع بصوابية الإعتقاد كما دأبت الترديد عليه ، فيما الآخر المؤمن المعتقد بالعكس لا زال يجري وراء السراب … سراب مدن من زجاج بنت عرشها على ظهر دواب أغلبيتهم هندية وفيليبية حد وصف الكيان بالإمارات الهندية الفلبينية وسط مجتمع يقال عنه عربي … صاروخ حوثي واحد او مسيرة يكفي لهد البنيان … شركات ورساميل وأبناك ورجال أعمال .. وهذا من بين خفايا وخبايا إعلان الإمارات عن عدم السماح باستخدام قاعدة الظفرة الجوية ، وفرار الأسطول الحربي الجوي الأمريكي منها نحو قاعدة العديد بقطر ..
وكما فروا قبل ذلك من الفيتنام وأفغانستان سيفرون لا محالة من مستنقع الشرق الأوسط تحت عنوان بارز ” فلسطين ، أم القضايا أخلاقيا وإنسانيا ” فضلا عن الحتمية التاريخية وما تحمله من رمزية دينية لأكثر من مليار مسلم أو مسلم ( برفع الميم و تكسير اللام) ، وأندونيسيا أكبرها وقد انضمت اليوم شعبيا …

الفضل في كل هذا راجع لتضحية شعب يباد على مسمع ومرأى من العالم أجمع ، إلا من بني القينقاع وبني النظير وبني قريضة الخليج الفارسي رغم الزعم المفنذ بكونه عربي … سؤال يفرض نفسه ، كيف لدولة ثلاث جزر منها مستعمرات إيرانية أن يمتد نشاطها وتمويلها ومشاركتها ونفوذها خارج الحدود ؟ ألم أقل من قبل بثلاث دول ممولة لحروب أمريكا عبر العالم , جزر كايمان وسويسرا والإمارات ؟ بلى قلت وأخبرت ..

شعب ضحى ولا يزال عصيا على التركيع رافضا للتطبيع في زمن الخذلان والإرتهان ، إرتهان للسارع في نقض العهود وهم المفعول بهم الخاسئون … تذكروا وبس …
الزمن العربي الثالث حقيقة … وتمدد المحور هو كذلك حقيقة , كما هي حقيقة تبدد حلف وإشارته القوية من إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا حيث القرار السيادي للجيش مهما تعاقبت الحكومات ( إسبانيا مثال حي على بعض من الخفايا وخبايا الصراع بالمنطقة المغاربية) .

و بالرجوع إلى صلب الموضوع ، يتضح أكثر أن جوهر الصراع قوة عسكرية وجغرافيا سياسية وقضية مبدأ والتزام وليست قوة مالية لا تسندها ولا تدعمها قوة عسكرية وأياد ضاربة رادعة … فالحزاقلة ومفردها حزقل لا مكان للجميع منهم من الأعراب في الخريطة الدولية ، فالحزقل مهما حدث وصار يبقى حزقلا كلينيكسيا مصيره سلة المزابل أو مزبلة التاريخ والأمر سيان .

الزمن العربي الثالث قد انطلق ؛ شاء من شاء وأبى من أبى …. حقيقة لا محيد عنها وطوفان الأقصى أساسه في متغيرات الوضع العالمي ومن ضمنها شمال إفريقيا وإفريقيا عموما على ضوء الإنتكاسة الغربية ( أمريكا فرنسا مثال ) … فيما إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا يسارعون الخطى بهدف ضمان موطئ قدم ، والبوابة تمر حتما عبر الجزائر لا غير بإجماع روسي صيني أوروبي وبدرجة أقل أمريكي والقيمة أمريكي بدرجة أكثر و البرازيل مثال .

كانت هذه لمحة موجزة لبعض من خبايا وخفايا الوضع الراهن ببؤر الصراع على النفوذ بين المحور والحلفاء والحلف والأودات بالشرق الأوسط بما يشمل الصراع على المضائق كبداية توطئة لإنجاز مشروع القرن … طريق الحرير الصيني العابر للقارات إيذانا بالزمن العالمي الثالث ونعي المشروع الأمريكي إلى مثواه الأخير غير مأسوف على رحيله …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى