الواجهةمجتمع

غمزة : كلنا ذاك الإنسان … المتقاعد

“إن المتقاعد مفردة مكونة من جزئين الاول يعني (مت) والثاتي (قاعد) اي مت قاعدا، لم تعد مجرد تفسيرا خياليا دفعت المعاناة الى اطلاقه بل اصبحت هذه المقولة وضعا حقيقيا يعيشه المتقاعدون في ظروف معيشية عسيرة… وعندما أنظر إلى حال المتقاعدين ومعاناتهم مع مصاعب الحياة المادية ومتطلباتها التي لا تنتهي فإنني لا أنظر إلى نفسي، بل أنظر إلى إنسان نستطيع نحن جميعا أفراد المجتمع أن نشير إليه بأصابعنا ونقول كلنا ذاك الإنسان، فالحياة عندما تكشر في الوجوه فإنها لا تميز بين صغير وكبير أوعامل وعاطل أو موظف ومتقاعد أوذكر وأنثى!!..إن نظامنا التقاعدي بكل وجوهه الحكومية عاجز عن مواجهة تحديات الحياة وهو في سباق متطلباتها أشبه بالسلحفاة التي تسابق أرنبا!!”….انظروا أين موقع متقاعدي النظام القديم اليوم بمرتباتهم التقاعدية الضئيلة وسترون أين موقعكم أنتم موظفي اليوم في نظام خدمة الغد، فالأنظمة أحبار على أوراق لا روح فيها ويقف على وضعها وتنفيذها موظفون لا يتوقفون للحظة صفاء مع النفس ليتفكروا أنهم ذات يوم سيكونون مكان هؤلاء المتقاعدين الذين يعقدون حياتهم و إجراءات صرف ما هو حق لهم لا منة و لا هدية!!
لك الله أيها المتقاعد حتى الموت … فالمحالون على التقاعد يواجهون  كل عام معاناة حقيقية مع نظام التقاعد ومواده العتيقة ،حيث حول هذا النظام المنتسبين إليه من أسر متوسطة الحال إلى أخرى غير قادرة على الوفاء بمستلزماتها، وتزداد هذه المعاناة بعد وفاة المتقاعد حين تتفاجأ ورثته بنقص الراتب التقاعدي إلى نسبة محددة نتيجة سقوط الأسماء للزواج أو البلوغ من “نوتة التقاعد” ليبقى من راتب الأب ما لا يسد رمقهم طول العام!!… فموت المتقاعد هو أشبه ما يكون بمثابة العقاب له، فبدلاً من أن يراعي نظام التقاعد لدينا أيتام الموظف المتقاعد الذي أفنى عمره في العمل ، فيحرص على حفظهم وحمايتهم مادياً، بدلاً من ذلك رمى نظام التقاعد أبناء المتقاعد في دوامة المجهول، إلى الحد الذي يصف به البعض أبناء المتقاعدين ببلوغ درجة الفقر والضعف المادي بعد الدلال في كنف الأب …وبهذه العبارة اختزل جميع المتقاعدين  فيما يلي :كيف تريد مني أن أطمئن على أبنائي وأنا أرى كيف يعاني أبناء المتوفين، مع نظام التقاعد ؟! و هل هذه كرامة المتقاعد أن يترك أبناءه يقفون على أبواب الجمعيات الخيرية، فيما كانوا وفي حياة والدهم ينعمون بحياة سعيدة مطمئنة؟!!! هؤلاء ياصندوق التقاعد ليسوا عالة عليكِ، بل المتقاعدون هم من صنعوكِ في الأساس وهم من جعلوا منك ما أنت عليه اليوم، ولايطلبون سوى بعض حقوقهم المشروعة لا أحد يطالب مؤسسة التقاعد بالتحول إلى جمعية خيرية، أو إهدار أموال المنتسبين لها دون تبصر. نطالبها فقط بأن لا تخطط لتقاعد المنتسبين الذين لايزالون يموّلونها الآن وهم على رأس العمل، وتنسى الممول السابق، وهو الأساس، الذي اضطر إلى التقاعد عن العمل… هل تعلم مؤسسة التقاعد كم عدد المتقاعدين الذين يعيشون الآن في منازل لايمتلكونها؟، وهم الذين موّلوها في شبابهم والذين من خلال أموالهم كبرت وربت الريش ،أطبت في كلش كما يقال ؟ وتركتهم يعيشون الآن في منازل لايمتلكونها؟ ولم تهتم بهم ولا دارسة طرق مساعدة هؤلاء المتقاعدين لمواجهة أزمة السكن في ظل ارتفاع أسعار العقار والكراء، وفي ظل معاشات التقاعد المتدنية التي لم يطرأ عليها أية زيادة منذ أعوام …هل كان من الصعب على مؤسسة مالية عملاقة مثلها أن تنظر في إنشاء وحدات سكنية مناسبة لمن يرغب من منسوبيها بضمان استحقاقاتهم، تؤجر عليهم بأسعار مناسبة  ؟ ..بهذه الحقيقة على ما يبدو. فبعد أن تصاب بالنكسة  اغتنت وازدهرت هذه المؤسسة من استثمار أموال المتقاعد في صباه وشبابه،وتخلت عنه في عجزه وتقدمه في السن، فلا هي تهتم  به بل ربما تتمنى موته سريعاً- والعياذ بالله- حتى توفر معاشه التقاعدي، إذ تحول هذا المتقاعد في نظر المؤسسة إلى عالة عليها بعد أن كان “مموّلاً” لها..   المعنى الحقيقي للتقاعد هو الراحة بعد سنوات من العمل والعطاء، عندنا التقاعد هو بداية رحلة معاناة وشقاء بعد سنوات من العطاء ، فالمتقاعد للأسف مع تدني الراتب يُجبر أن يبدأ حياته من جديد بدلًا من أن يرتاح بقية عمره .. ويبقى السؤال من ينتبه الى هؤلاء المتقاعدين الذين قدموا معظم اعمارهم في العمل ليجعلهم يرتاحون قليلا خصوصا واننا نعيش عهدا جديدا خال من الديكتاتورية والظلم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى