أساطير تهاوت و الباقيات في الطريق
بقلم أبو ايوب : 2024/4/10
الأساطير الإسرائيلية الثلاث المرتكزة على ثلاث ، عقيدة شرائعية دينية ( أرض الميعاد/ شعب الله المختار)، و نظام سياسي قائم على فكرة شعب بلا أرض في أرض بلا شعب ( إنكار وجود شعب فلسطين) ذو بعد متشدد في الجغرافيا السياسية بنظرة توسعية ” الإستيطان”، ما يعزز الطرح أكثر هو علمها بخطين أفقيين أزرقي اللون تتوسطهما نجمة داوود سداسية … فالزوايا و الأزرقين يرمزان إلى الحدود من النيل إلى الفرات، و اليوم يقال بالحدود من النهر إلى المحيط FROM THE RIVER TO THE OCEAN ربما إشارة إلى الأطلسي ، ثم قوة اقتصادية بدعم قوي من صندوق النقد الدولي و المنظومة الغربية على رأسها أمريكا ، و دعم سياسي أقوى معززا بقوة عسكرية ضاربة في المنطقة الشرق أوسطية ( السلاح النووي/ أحدث الأسلحة الحديثة الغربية فضلا عن مفاخر الصناعة الحربية محلية الصنع كدبابة الميركافا و بارجة ساعر و صواريخ حيتس و المسيرة هيرميس .. مثال)، جيش استحق عن جدارة و استحقاق لقب الجيش الذي لا يقهر كما اعتقدت إسرائيل نفسها بذلك ( انتصرت في كل الحروب مع الجيوش العربية) .
بداية تهاوي أسطورتين معا أرختها حرب 2006 بين إسرائيل و حزب الله اللبناني ، لم تقتصر على دبابة الميركافا مفخرة الصناعة الحربية الإسرائيلية و بارجة ساعر ، و لم تسلم منها القوة الإقليمية الضاربة و الجيش الذي لا يقهر بشهادة تقرير فينوغراد بعد نهاية الحرب ، وقتذاك أعلنت إسرائيل عن أهداف الحرب ، نزع سلاح حزب الله، إنسحاب الجيش اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني اي بمعنى آخر خلق منطقة عازلة محظورة .
صحيح أن لبنان تكبدت خسائر فادحة في البنى التحتية بالجنوب على إثر الهجمات الجوية المزودة بمختلف الصواريخ و القنابل ، و كما هو صحيح أيضا أن حزب الله هو الآخر تكبد خسائر في مواجهة الزحف البري الإسرائيلي من عدة محاور ، لكن لم تستطع طيلة 33 يوما من تحقيق أي هدف يذكر ، فلا هي تمكنت من التقدم و لو بأمتار معدودة خارج الحدود و لا هي جردت الحزب من سلاحه، و بالتالي سقطت الأقنعة فبدت إسرائيل نمرا من ورق بعدما خدش كبرياء الجيش الذي لا يقهر ، هزيمة مذوية لم يسبق لها مثيل في حروبها مع العرب بحيث أسفرت عن تدمير المفخرتين مقبرة الميركافا برا و محرقة ساعر بالأبيض المتوسط ..لتنتهي الحرب بإعلان حزب الله عن إنتصاره الذي أهداه للأمة العربية و الإسلامية ، و دخول إسرائيل في دوامة داخلية سياسية و قضائية إنتهت بسجن رئيس الوزراء إيهود أولمرت و إقالة قادة عسكريين و مسؤولين حكوميين .
شهر أكتوبر 2023 و طوفان الأقصى و بعد مرور أكثر من ستة أشهر من الحرب على غزة بهدف اجتثات حماس كتنظيم سياسي ، و نفي الزعامة خارج القطاع و نزع سلاحها و باقي فصائل المقاومة الفلسطينية بما يطال مخيمات الضفة الغربية … و رغم هول الدمار و فواجع المأساة الإنسانية و جرائم الإبادة الجماعية و الحصار … تمكنت المقاومة من الصمود و تكبيد إسرائيل خسائر فظيعة من حيث العدد و العتاد بلغت حد إرغامها على الانسحاب من القطاع … و الفضل كل الفضل راجع إلى وحدة الساحات و توحيد الرؤى و تقوية التنسيق و اختيار تكتيك حرب استنزاف لم تسلم منها القوات البحرية الأمريكية و البريطانية في الأحمر و العربي و خليج عدن و باب المنذب …
خسارة حرب و تهاوي عقيدة تملك أرض بلا شعب لتسقط بالتالي أسطورة أرض الميعاد تحت تأثير رفض المتدينين للخدمة العسكرية و في حالة فرضها بقوة القانون ، ليس لهم من خيار سوى الهجرة خارج إسرائيل بدون تذكرة عودة كما هدد بها كبير خاخامات إسرائيل ، ما أحدث شرخا في الجبهة الداخلية المنقسمة و الغير متجانسة و قد ازداد تصدعا بعد انضمام أسر الرهائن و الأسرى و المتعاطفين معهم و المعارضين لسياسات رئيس الوزراء و اليمين المتطرف …
خسارة إسرائيل آخر حروبها و ما تخللها من استدراج لأمريكا إلى مستنقع الشرق الأوسط بعدما انكشف تورطها المباشر في العمليات الحربية … أثر سلبا على الهالة الأمريكية كشرطي العالم بدت معه أمريكا معزولة بالأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي و قراره الأخير خير مثال … إلى جانب ربيبتها إسرائيل المنبوذة و كلبهما الوفي بريطانيا التي بدات تأخذ اليوم مسافة من السياسات الأمريكية بالشرق الأوسط ، و هي في سعي دؤوب إلى إعادة النظر في ترتيب الأوراق و التموقع في الساحة الدولية و التموضع وفق متطلبات الظرفية الحالية حفاظا على مصالحها الشخصية … أي بمعنى وضع اللبنة الأولى للنأي بالنفس عن الإملاءات الأمريكية و الإبتزاز الإسرائيلي ..، بلغت ذروته حد إدانة إسرائيل بخرقها للقانون الدولي في إشارة إلى الهجوم على القنصلية الإيرانية بسوريا … و رفضها تزويد اسرائيل بالسلاح إسوة بكندا …