هل طريق الحياة معبد بلا أشواك ولا عثرات ولا حفر ولا أسلاك شائكة ؟
هل هناك إنسان في الدنيا يعيش حياته بلا مشاكل ؟
هل المشكلة هي نهاية المطاف فإما أن تحل وإما أن تنتهي الحياة ؟
وهل هناك أصلا مشكلة لا حل لها ؟
وماذا يمكن أن تأخذ من المشاكل كزاد في طريق حياتنا التي ستخلو في يوم من الأيام من المشاكل ؟
لا شك في أننا لسنا أول من ابتلي بالمشاكل صعبة كانت أو بسيطة، فمنذ أبينا آدم نشبت المشكلة الأولى في الإقتراب من الشجرة المحرمة التي نهي عن الأكل منها فوسوس له الشيطان … ووقعت مشكلة أخرى ، مشكلة الغيرة والحسد بين الإخوة ليقاتل قابيل هابيل … ولولا المشاكل لكانت الحياة غير الحياة ولكانت الأمور تسير على وتيرة واحدة وربما كانت تبعث على السأم والرتابة والملل . فالمشاكل كما يعبر عنها هي ملح الحياة . والناس إزاء المشاكل، أحدهم يهرب منها كالنعامة التي تدفن رأسها بالرمال ظناً منها أنها تخفي كيانها كله عن أعين الصياد ، والآخر يواجه المشكلة بأساليب المواجهة المختلفة إما بإعمال العقل والتفكير ، وإما بالتعاون مع الآخرين على حلها ، ولا يهدأ له بال حتى يتمكن من تسوية المشكلة ليواجه الحياة بعدها بروح واثقة قادرة على مواجهة الصعاب والعراقيل .
طريق الحياة لم ولن يكون في يوم من الأيام معبداً أو مفروشاً بالورد والرياحين ولن نجد في يوم من الأيام شخصاً يدعي أنه يحيا حياة خالية من المشاكل . والهروب من المشكلة كالهروب من المرض أي تركه يستفحل من غير علاج فقد يكون العلاج سهلاً في البداية لكنه مع الترك والإهمال قد تحدث مضاعفات ليست بالبال ولا بالحسبان .
حسن الظن الزائد والطيبة المفرطة لدرجة السذاجة تعتبر حقلا خصباً للمشاكل العارضة ، فالمستغلون كثيرون والنصابون كثيرون والذئاب البشرية من حولنا ليست قليلة والمتلاعبون بالقيم والأخلاق من الذين ماتت ضمائرهم منتشرون هنا وهناك فإذا ما ساءت أخلاق الناس في مجتمع ما وأحسنت الظن فقد تكون أوقعت نفسك في مشاكل قد يتعذر حلها [والقانون لا يحمي المغفلين] . إن حالة الإنسان إزاء المشاكل المداهمة كحال الكريات البيضاء في الدم حينما يداهم الجسم ميكروب معين فإنها تنشط في الذود عن حرم الجسد بكل ما أوتيت من قوة .. فلكل مشكلة حل ولكل مأزق مخرج والمشكلة بحد ذاتها نعمة لأنها تشكل خميرة لأفكار ، وحلول لمشاكل ربما تواجهنا مستقبلا كما أنها تستنفر قوانا المختلفة من أجل أن نوظف أفضل ما عندنا في مواجهة التحدي الذي تمثله المشكلة .
التفاهم والصراحة مع الطرف الآخر في المشكلة من أفضل الطرق لتسويتها وقد يتطلب الأمر بعض التنازل لمصلحة أكبر وهي الحفاظ على أواصر الأخوة والجيرة والقرابة والصداقة والزمالة و…. وعلى الإنسان التفكير في أي خطوة يخطوها ودراستها جيدا مع استشارة ذوي الخبرة والتجربة والترتيب في إعطاء القرار ، كل ذلك من العوامل المساعدة على تطويق المشاكل وعدم الابتلاء بها لأن التسرع والتهور والعجلة غالبا ما توقع في الندامة .
وللثقافة دور كبير ومهم في تضييق شقة الخلاف مع الآخرين وبالتالي تقليص المسافة التي تنبث فيها أدغال المشاكل، فالمحصول الثقافي لأي منا ينفع في حسن التعامل ، كما يساعد في حل المشاكل وإيجاد البدائل والخيارات أمام صاحب المشكلة .
إن الإيمان بأن لكل مشكلة حل يعزز من الثقة بالنفس ويشجع على مواجهة التحديات بدلاً من الاستسلام . إنه مفهوم يساعد في تحويل الأزمات إلى فرص للنمو والتعلم . و مواجهة المشاكل جزء طبيعي من الحياة ، وتذكير النفس بأن هناك دائمًا حلاً يمكن أن يكون مفتاح النجاح والراحة النفسية .