أخبار

قضايا يجب ان تُفهم كتب رياض الفرطوسي في السياسة ونقاشات النخب العراقية.

قضايا يجب ان تُفهم

كتب رياض الفرطوسي

في السياسة ونقاشات النخب العراقية الحامي الوطيس والاستغراق في المشاكل ( ليس في تفكيكها وعلاقتها المباشرة وغير المباشرة بما حصل ويحصل ) الكل يبحث عن مفتاح للحل في حين وجد المواطن نفسه غارق في حاجاته اليومية ( الماء والكهرباء وتوفير الخدمات ) بعد ان تم خفض احلامه وتطلعاته في البحث عن ( العدالة والثروة والمستقبل والسيادة الوطنية ).لا يوجد لحد الان افق لإستشراف المستقبل ولا يوجد يقين ثابت عن وجود حلول جذرية محددة لأن الازمات تتغير وتتطور بشكل متسارع على مستوى الداخل والخارج . لازالت العملية السياسية تعيش حتمياتها الكبرى ومفاهيمها الملجومة.

من يعتقد ان مشاكلنا العالقة وعدم وجود حلول هو نتاج وضع راهن فعليه ان يراجع قناعاته . لم نكن يوما افضل مما نحن عليه الان من حال. كنا نواجه تحديات مختلفة على مستوى الخوف واحتكار السلطة ‘ لم نشعر بالحرية او الانعتاق. حروب نفسية ومداهمات واستخبارات وامن وتقارير سرية ووشاة وشرطة وجلادين وسجون ( ومنظمات سرية ) . تم تصنيف ابناء المجتمع الى فريقين اما حلفاء للسلطة او اعداء لها وكذلك تم تقسيم المدن والمحافظات ( الى بيضاء وسوداء ) مدن السلطة ( ومدن ما يطلق عليهم بالمخربين ).وهكذا تم خلق مجتمع هش وغير منيع ومخترق لذلك عندما جاء لاحقا ( العلاس والقفاص والواشي والحشاش والفاسد والمتسلق ) فهؤلاء نتاج طبيعي للتداعي والانهيار الاجتماعي الذي مر عبر مجموعة مراحل من الاخفاق السياسي. وعندما سقط النظام لم يسقط وحده وانما سقطت معه كل تلك الشخصيات المزروعة بالرعب والخوف والاقنعة والتوجس والريبة. وبدل المحافظة على قيم الحياة وحب الحياة ونعزز الثقافة الوطنية بحب الارض والانسان انكشفت هشاشة وضعنا وظهر للعيان حجم تمزقنا وطبيعة العقل السياسي والاجتماعي والثقافي والديني. الكل يبحث عن الحل من دون ان يأتي من يطرح فكرة اعادة صياغة العقل السياسي والاجتماعي والديني والتربوي الذي لم يتحرر لحد الان من الداخل ( حرية الذات ) وبقى حبيبس القناعات الرثة والثابتة وانعدام المرونة في التفكير ( اما ان تكون معي في حالة دمج كامل او اقوم بألغائك ونفيك ومحوك ). ولم تستطع كل عيون النفط الهائلة والمتدفقة بالمال من ان تغطي على عيوبنا او تستر عاهاتنا فأنتجنا الفساد والفشل( فشلنا في انتاج الادباء والمفكرين والفنانين والعلماء) والجهل والامية وتفشي المخدرات والفقر. قد لا يشعر البعض بما نتكلم عنه لأن هذا ( البعض ) يعيش مأزق ذاتي وثقافي ومعرفي . لازلنا نفهم الخصومة على اساس انها عداوة .لا وجود لمساحة من المشاركة ‘ ( اما الكل او لا شي ).الغريب ان الذين يبحثون عن مفاتيح الحلول يستعملون ذات اللغة السياسية الانشائية ويستعملون ذات المعايير الفردية ( من شطارة وحيلة واستعراض وانتفاخ نفسي _ مرضي _ ) او يشاركون في تغذية جذور الازمة من حيث لا يشعرون عن طريق الرضوخ والاستسلام كما لو انهم يضعون مصيرهم من كل هذا الاستنزاف ومن كل هذه الازمات ومن كل هذه الارهاصات وتراجع القيم ويتبرعون بها بلا مقابل. لأنهم لم يعد يهمهم من سيربح ومن سيخسر. الافكار الخلاقة تصبح لا قيمة لها من دون ظروف ومن دون ادوات لتنفيذها ‘ نسمع الكثير من الحلول النظرية لكن ما هي ادوات هذه الحلول وكيف يمكن تطبيقها . هل بتجديد الخطاب السياسي ( المبني على الالغاء والاقصاء والذم ) ؟ ام من خلال مراجعة كل شي على مستوى الحاضر والماضي ام اعادة قراءة العقل السياسي الذي لم ينتج لنا سوى ( المثقف الوعظي ) المطبل بائع الاوهام من اجل المكاسب والامتيازات . لابد من التفكير بشكل جدي بتركيبة النظام السياسي وهي تركيبة تلجم اي تغيير وتطور ‘ تلك التركيبة المبنية على تحالفات القبائل والتجار ورجال الدين واصحاب الاموال وبعض الاحزاب المرتهنة بالخارج ‘ هذه التكوينات التقليدية ليست من مصلحتها ان يكون هناك تغييرا جذريا لان اي تغيير هو بمثابة الغاء لكل التمايز والتمييز الطبقي والاجتماعي والسياسي وعليه لابد من وضع الاحداث في سياقها وظروفها . معظم المشاكل التي نعيشها هي مشاكل مفتعله الغاية منها هدم القيم الاخلاقية والثقافية والاجتماعية . علامات ذلك واضحة من خلال تفشي الانحلال والمخدرات والدعارة وكل المساوىء التربوية الاخرى . حتى تنهب شعب وتنتصر عليه كل ما عليك انهاكه ونخره من الداخل لان المجتمعات المنيعة التي تعيش حصانة اخلاقية وفكرية وتربوية لا يمكن السيطرة عليها او احتكارها او النيل منها . الواقع يسكن في المناطق المخفية والتفاصيل المهملة والحكايات الدفينة ذلك هو ما يجب ان نفهمه من بعض القضايا الكبرى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى